شبح ووترجيت شبح ووترجيت الأمريكية يحوم حول فضيحة التنصت التي غرست فيها مؤسسة ميردوخ آخر الامبراطوريات الإعلامية العالمية. ولهذا فإن المقارنة بين الإثنين في المسببات والنتائج واجبة. يجمعهما التنصت, ثم التستر علي المخالفات بالرشي أحيانا وبتضليل المجالس التشريعية أحيانا أخري, والضغط بالنفوذ السياسي. الاختلاف بينهما ليس فقط في المكان, ولكن في توفر الأدلة الدامغة, وفي مكانة الصحافة الورقية وما تلعبه من دور مؤثر في توجيه الرأي العام في المجتمعين. كما تسببت ووترجيت في تغيير طريقة عمل مؤسسة الرئاسة الأمريكية, فمن المؤكد أن الأمر ذاته سيحدث في امبراطورية ميردوخ. فقد ظهر روبرت ميردوخ الأب أمام مجلس العموم بوجه الشارد, الذي لا يعلم شيئا عما دار في مؤسسته. أما جيمس ميردوخ الابن فقد فشلت حملته لتأكيد سيطرته علي الموقف, وأن المؤسسة تصحح أوضاعها علي طريق النزاهة, بعد أن انقلب عليه محامون ومسئولون سابقون حاول تلبيسهم التهمة. ارتفاع أسهم المؤسسة بعد الشهادتين دليل علي ثقة كل الأطراف بأن عملية توريث الإدارة من الأب إلي الابن ارتطمت بحائط صد, وأن تغيير الطابع الأسري لطريقة إدارة المؤسسة بات أمرا محتوما. وبالتالي فإن قدرة أسرة ميردوخ علي ممارسة النفوذ قد انتهت. دافيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني خرج سالما بعد أن نجا من الضربة القاضية التي كانت المعارضة العمالية تعدها له. لكن عدم اعتذاره عن تعيين أحد المتهمين الرئيسيين أندي كولسون مسئولا إعلاميا في إدارته, وتفاصيل ما دار في اللقاءات ال26 التي أجراها مع مسئولي المؤسسة منذ فوزه في الانتخابات ستظل سيفا يطارده, وسيكلفه تركيزه علي تبرئة ساحته عدم التفرغ للقضايا التي ستحسم مستقبله السياسي تاريخيا. وعليه فقط أن يتابع ما حدث للرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون. الصحافة البريطانية أيضا ستفقد بريقها وقدرتها علي محاسبة السياسيين. وهو ما يفرض عليها التصدي لكل محاولات لجمها تحت شعار اخضاعها للمراجعة. مسألتان تظلان محل اختبار بين ووترجيت وميردوخ جيت. أولهما هل يتحمل المواطن البريطاني الفترة الزمنية الطويلة عامين- التي استغرقتها عملية كشف الحقائق كاملة؟ وثانيهما هل تنتهي باستقالة كاميرون أم تحبسه فقط في دائرة الحرج المسبب للشلل. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني