النيران التي اندلعت في مباني أمن الدولة، وكشفت عن وثائق شديدة الخطورة، تحمل أسراراً يشيب لها شعر الولدان، أصبحت الآن في أيدي الجميع، ومتاحة علي مواقع الإنترنت، والفرجة ببلاش، علي فضائح رجال أمن الدولة الذين انشغلوا بالتلصص والتنصت علي أدق تفاصيل الحياة الشخصية للمواطنين سواء كانوا يعملون في مواقع حساسة في الدولة أو مجرد اشخاص عاديين تدور حولهم الشبهات وتلفق لهم القضايا، فيساقون الي حجر التعذيب ليروا بأعينهم النجوم في عز الظهر، دولة داخل الدولة لها قانونها الخاص الذي لايعترف بأي قانون أو حقوق للمواطن، كارثة وثائق أمن الدولة اصبحت الحديث الذي يفرض نفسه في جميع وسائل الإعلام وحتي المناقشات داخل البيوت وبين الأصدقاء لم تخرج عن الحديث عن تلك الفضيحة التي كانت كافية لإقالة رئيس الجمهورية ووزير الداخلية معاً. مسئولية مباشرة غير أن الأول قد تمت تنحيته والثاني تمت إقالته لاتهامه في مليون قضية ليس من بينها مسئوليته المباشرة عما حدث في جهاز أمن الدولة من انحرافات، وتذكرنا فضيحة أمن الدولة، بفضيحة ووترجيت التي انتهت بتقديم الرئيس الامريكي"ريتشارد نيكسون" لاستقالته في عام 1974 فكان بذلك أول رئيس أمريكي يستقيل من منصبه! وسبق للسينما المصرية أن قدمت أفلاماً عن تجاوزات أجهزة المخابرات، في عصر عبدالناصر تلك التي أطلق عليها أفلام مراكز القوي، وكان من أهمها فيلم الكرنك للمخرج علي بدرخان، وبطولة سعاد حسني ونور الشريف، ويتضمن أجرأ مشهد اغتصاب في تاريخ السينما المصرية، وهو مشهد اغتصاب سعاد حسني من أحد المخبرين، لتدلي باعترافات عن تورط خطيبها في خلية شيوعية، والفيلم عن قصة لنجيب محفوظ، وإن كان هذا المشهد الذي حذفته معظم الفضائيات العربية، لم يعد بهذه القسوة مقارنة بالمشهد الحقيقي الذي تتداوله المواقع الالكترونية عن تعذيب عماد الكبير في احد مراكز الشرطة، حيث قام أحد الضباط بتجريده من ملابسه ووضع العصا في دبره«مؤخرته»، حتي فقد وعيه من شدة الألم. التنكيل بالأبرياء وتكررت مشاهد التعذيب والتنكيل بالأبرياء في أفلام البريء، وراء الشمس والعرافة وغيرها، ولاشك ان فضائح وثائق امن الدولة سوف تكون مادة خصبة لكثير من الأفلام المصرية التي سوف نشاهدها في الاعوام المقبلة، أما السينما العالمية فقد تناولت انحرافات أجهزة الأمن السياسي في عدة أفلام اشهرها كل رجال الرئيس الذي أخرجه ألان باكولا في عام 1974 ولعب بطولته كل من داستين هوفمان، وروبرت ريد فوورد وتدور أحداثه حول فضيحة ووترجيت، وهي قضية تجسس داخلي في أمريكا بدأت أحداثها سنة 1972 وانتهت باستقالة ريتشارد نيكسون عام1974 بعد ما اتضح ان الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه قام بالتجسس علي بعض أعضاء الحزب الديمقراطي قبل الانتخابات التي سبقت الاستعداد للفترة الرئاسية الثانية. ووترجيت الأمريكية وبدأت الفضيحة في 17 يونية 1972 عندما لاحظ أحد حراس مبني ووترجيت وجود بلاستر يغطي أقفال بعض بوابات المبني فقام بنزعها ولكنه اكتشف وضعها مرة أخري، فقام باستدعاء رجال الشرطة الذين اقتحموا المكان وتم القبض علي خمس اشخاص كانوا يقومون بوضع أجهزة تنصت علي المكالمات التليفونية للجنة القومية الخاصة بالحزب الديموقراطي، وتم توجيه تهمة التجسس لهؤلاء الخمسة، وكشفت التحقيقات عن صلتهم ببعض منظمي الحملة الانتخابية لريتشارد نيكسون . تهمة الكذب بعد أن وصلت بعض معلومات من شخص مجهول لاثنين من الصحفيين يعملان بجريدة الواشنطن بوست هما "كارل برنستين" و"بوب وود"تؤكد وجود علاقة بين العملية وجهات رسمية علي مستوي رفيع في وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف.بي.أي" FBI ووكالة المخابرات المركزية "سي.أي.إيه"CIA والبيت الأبيض. فقام الصحفيون بإجراء بعض التحقيقات وجمع المعلومات ثم نشر الموضوع في الجريدة، طالبت لجنة التحقيق من البيت الابيض أن يسلمها الشرائط المسجل عليها بعض المحادثات التليفونية لكبار المسئولين في الحزب الديمقراطي وبعد مماطلة اضطر البيت الابيض لتسليم تلك الشرائط بعد حذف بعض محتوياتها، إلا أن هذا لم يخفف حجم الجرم والفضيحة، وفي 28 يناير 1974 وجهت للرئيس نيكسون تهمة الكذب علي الرأي العام وفي مارس من نفس العام صدر الحكم الاخير ضد المتهمين وبينهم نيكسون الذي اضطر للاستقالة ليخلفه جيرالد فورد!أما الفيلم الالماني "حياة الآخرين" الذي أخرجه "فلوريان هينكل فون دروزينمارك"، فتدور احداثه في ألمانياالشرقية عام 1982 وقبل سقوط حائط برلين، حيث كانت أجهزة الأمن تقوم بالتنصت علي بعض الشخصيات العامة، وتخصص لكل منهم موظفا يقوم بتسجيل كل المحادثات التليفونية، وتزرع داخل منازلهم ميكروفونات صغيرة تتيح لهذا الموظف فرصة تسجيل كل الأحاديث التي تدور داخل البيوت. آراء مناهضة أما بطل الفيلم فهو كاتب مسرحي مرموق له آراء منهاضة للدولة وللوسائل القمعية التي تتخذها ضد المواطنين، وكانت صديقته الممثلة المسرحية تشاركه تلك الآراء، ويحدث أن أحد رجال الدولة يعجب بتلك الممثلة، فيقرر تجنيدها، للإدلاء باعترافات ضد حبيبها المؤلف المسرحي، أما الموظف المسئول عن التنصت علي حياة هذا المؤلف، فقد اصبح من اشد معجبيه والمؤمنين بأفكاره من كثرة ما استمع واستمتع بها، تلك الاحاديث التلقائية التي تدور بينه وبين حبيبته، ويزداد قلق هذا الموظف علي كاتبه المفضل، ويخشي أن يقع في قبضة رجال الأمن، فيقوم بمسح الشرائط التي تدينه، ويتسلل إلي منزله ليخفي كل الأوراق والوثائق التي يمكن أن تستخدم ضده، وهو الأمر الذي يتسبب في رفد هذا الموظف من الجهاز بتهمة الإهمال في العمل، ويحار الكاتب المسرحي في أمر من قام بحمايته، وإنقاذه من مصير مؤلم كان ينتظره، ولعجزه عن معرفة هوية هذا الشخص، يؤلف عنه كتاباً يتم نشره بعد سقوط حائط برلين وتغير الأحوال السياسية، وعندما يقرأ هذا الموظف الكتاب بعد سنوات ويكتشف ان مؤلفه قد أفرد فصولا حول علاقته بالموظف الذي كان يقوم بالتنصت عليه، ثم أنقذه من براثن رجال الامن، يشعر الرجل بحالة من الرضا والسعادة بعد سنوات قضاها مشردا ومعذبا بعد رفده من عمله! فيلم حياة الآخرين فاز بأوسكار افضل فيلم أجنبي في عام 2008، واتوقع أن تظهر مجموعة من الأفلام المصرية عن تلك الوثائق التي تم تسريبها من مكاتب أمن الدولة وتحوي اسرارا وفضائح تخص الشخصيات العامة في مصر!