المتأمل في معجزة الاسراء والمعراج يجد أن الاسراء ابتدأ بالمسجد وانتهي بالمسجد حيث يقول الله تعالي سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي.. وهذا دليل علي الدور الحيوي الذي يلعبه المسجد في الإسلام. يؤكد ذلك الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة الأسبق بقوله: يخطيء كثير من الناس باعتقادهم أن المسجد مكان لإقامة الصلاة فقط والحقيقة أن للمسجد دورا مهما في سائر أركان الحياة, ذلك أنه يعتبر دار القيادة أو الإدارة للحي بأكمله, وإذا تصورنا أن إماما ذكيا قاد المسلمين في مسجده قيادة حقيقية فسيكون منتجا إلي حد بعيد, ولقد لاحظت بنفسي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أن كثيرا من اللجان الشعبية نشأت عن طريق المسجد وكانت إداراتها ولقاءاتها وتنظيماتها تتم في المسجد والتي تطور دورها بعد ذلك لتطوير الحي والمنطقة وتنظيفها, وسارع كثير من الشباب لأداء هذه المهمة. كذلك قام إمام المسجد ومعه أهل الرأي من الحي بإزالة كثير من الخلافات التي تنشب بين السكان ولذلك فإمام المسجد من خلال دوره وبمساعدة أهل الرأي من المسلمين وغيرهم يستطيع أن يزرع أواصر الحب والتفاعل مع غير المسلمين. ومن هنا فللمسجد دور مهم يتمثل في القيام بعمليات الخدمة العامة وازالة الاحتقان بين الناس في شتي المسائل, ومن هنا ينبغي علينا وعلي وزارة الاوقاف أن توجه الأئمة للقيام بدورهم الاجتماعي المطلوب منهم. ويشير د. حامد أبو طالب إلي أن المتأمل يجد أن مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم كان مقر إدارة وقيادة الدولة, ففيه يستقبل الرسول صلي الله عليه وسلم الوفود وفيه يحكم بين المتخاصمين وفيه تقضي مصالح الناس ولذلك نقول إنه من الخطأ أن يغلق المسجد في وقت من الاوقات لأنه ملجأ وملاذ كل شخص ولو كان غريبا يستريح فيه, ولذلك شدد الله سبحانه فيمن يسعي لخراب المساجد فقال ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم.