يعتبر مشروع فوسفات أبوطرطور وبحق أبوالمشروعات المتعثرة.. فالمشروع معطل منذ50 عاما وأنفق عليه ما يقرب من13 مليار جنيه. وبرغم أهمية المشروع من الناحية الاقتصادية, إلا أن الحكومات العديدة التي عاصرت المشروعات لم تستطع أن تحل مشكلاته حلا جذريا.. ويبقي الوضع علي ما هو عليه. د. نبيل لبيب جاد استشاري مناجم وأحد المشتركين في عمل أبحاث عن الفوسفات في المنطقة, يقول في الوقت الذي حدث9 انهيارات لمنجم أبوطرطور, إلا أنه لم يتم دراسة التركيبة الجيولوجية للخام من فوالق وفواصل وشقوق, وهذه مهمة, وبالتالي فإن تشغيل المنجم من خلال التدعيم تكون تكلفته مرتفعة والنزول تحت السطح في أنفاق لاستخراجه شبه مستحيل, والتنفيذ لو تم مكلف وهذا الفوسفات لا يصلح لصناعة الأسمدة, والمفترض عمل دراسة اقتصادية من البداية والموضوع تكلف12 مليار جنيه تشمل البنية الأساسية وماكينات مستخدمة في الاستخراج. ويقترح د. نبيل تشكيل لجنة فنية لتوزيع العاملين علي قطاعات أخري, فليس من المعقول أن يكون هناك تجريب لمنجم علي مدي50 عاما. بداية المشروع د. بهي العيسوي خبير جيولوجي وأحد مكتشفي خام الفوسفات في أبوطرطور, يري أن مشروع فوسفات أبوطرطور بدأت فكرته عند اكتشاف الفوسفات في ديسمبر1959 في الوادي, وذلك كان السبب في إنشاء محافظة الوادي الجديد والذي استهدف زراعة3 ملايين فدان, وعهد المشروع للواء حسن صبيح والذي استعان بمجموعة كبيرة من الخبراء والمتحمسين للمشروع, وقد بدأت بعمل خرائط جيولوجية للمنطقة الصحراء الغربية وتم عمل عقد المساحة الجيولوجية لعمل خرائط جيولوجية للوادي الجديد, وخرج من المساحة3 بعثات جيولوجية للوادي الجديد وكان من نصيبي تنيده آخر بلد في شرق الواحات الداخلة الي منتصف الطريق بين الواحات الداخلة والخارجة, وفي أثناء العمل تم اكتشاف3,5 متر فوسفات في الهضبة التي تحد الواحة الداخلة والخارجة من الشمال والفوسفات واقع علي بعد مائة متر من سطح الأرض, ويغطيه200 متر من الصخور المختلفة وكانت العقبة الرئيسية.. كيف يستغل هذا الفوسفات وعمل منجم ونظرا لصعوبة الموقف كان تنجيم الفوسفات هو النقطة الصعبة في هذا الكشف وحتي الآن لم تعالج هذه النقطة وهذا سبب الخسارة, والبعض دخل لعمل أنفاق داخل الجبل وهذا سيسبب انهيار الجبل واقترحت أعمدة من الخرسانة لسند الجبل ومنع وقوعه والوصول للفوسفات حتي أصبح ثمن الحديد الذي يتم سند الجبل به أغلي من ثمن الفوسفات المستخرج وهذا أضاع القيمة الاقتصادية وتحول الأمر الي الخسارة وتم انفاق مبالغ ضخمة في استغلال الفوسفات وخط السكة الحديد من سفاجا الي أبوطرطور بطول350 كيلومترا وتم انشاؤه قبل التأكد من اقتصادات التشغيل وكذلك اقامة مستعمرة بشرية وتعيين عاملين وصرف مبالغ وصلت الي عشرة مليارات جنيه بأسعار الثمانينيات وبعد حدوث ذلك تم اغلاق المشروع ثم رجع مرة أخري من نحو سنة للحديث مرة جديدة عنه, ويؤكد أن مشكلة مشروع أبوطرطور هي في التعدين وهذا يتطلب بيت خبرة أجنبي من الدول ذات الصيت في مجال الفوسفات للاستعانة بها في تحديد كيفية استخراج الفوسفات. ممارسة فعلية د. محمد رضا محرم أستاذ هندسة واقتصادات الموارد المعدنية وعميد كلية الهندسة بجامعة الأزهر السابق, يري أن المشروع تم دفنه والتوجه هو ممارسة فعلية لإنهاء المشروع, برغم أن الدولة بدأت العمل في المشروع من بداية الستينيات وعلي امتداد عقود كانت هناك دراسات عديدة حول المشروع وتم انفاق ما يزيد علي13 مليار جنيه نصفها هو التكلفة الفعلية والنصف الآخر تراكمات لفوائد ديون وإنشاء منجم جوفي تحت سطح الأرض لانتاج خام الفوسفات في مصنع اقيم علي السطح, وهذه الأعمال والدراسات والمصنع والمنجم كانت موجودة قيد التشغيل في2004 وفي ذلك العام آل المشروع لوزارة البترول وجرت عملية شكلية توحي بأن العمل جار في المشروع وأنه ينتج وأن المشروع سيغطي تكاليف العمل فيه وذلك أن بعض الأعمال لتعدين الفوسفات من مكاشف الطبقات الحاملة للفوسفات الظاهرة علي سطح الأرض قد بدأت لاستخراج الخام وهذا عمل آخر مختلف تماما عن كل ما كان يجري منذ الستينيات وحتي2004, فكأننا بدأنا مشروعا جديدا لاستخراج الخام من المكاشف علي السطح بأساليب مختلفة, وهذه المسألة محدودة لأن الخام المتوافر علي السطح محدود للغاية وكان معروفا منذ التفكير في المشروع منذ الستينيات كما أن أماكن وجود الفوسفات علي السطح مبعثرة علي محيط أبوطرطور وفي نحو20 موقعا علي مسافات مترامية وهذا يجعل العمل عليها نوعا من أنواع التهميش ويمكن أن يتم تكليف مقاولين بمعدات بسيطة للغاية وبإمكانات محدودة لتجميع هذه الكميات الظاهرة علي سطح الأرض, فالأمر لا يتعدي سوي فئوس ومقاطف ودواب للنقل ومنذ2004 العمل يجري بهذه الطريقة, أما المنجم تحت السطح والمصنع فقد انقطع الحديث عنه تماما وكل التصرفات توحي بأن الموضوع قد أغلق وعفا الله عما سلف.