بدأ العمل في مشروع فوسفات أبوطرطور عام 1976 وتم خلال هذه الفترة إنفاق حوالي 10 مليارات و 780 مليون جنيه حتي عام 2004 وذلك وفقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات.. وطوال تلك الفترة لم يحقق المشروع أي نجاح بل تحول إلي نزيف خسائر لميزانية الدولة بما يعني أن هذا المبلغ الضخم الذي أنفق عليه ذهب دون عائد في مثال صاروخ علي إهدار المال العام. ومؤخرا قررت الحكومة الاستعانة بمستثمر أجنبي ليدير هذا المشروع الضخم من خلال مزايدة عالمية في محاولة لوقف نزيف الخسائر وعلي أمل الاستفادة من هذا المشروع اذا توافر له من يجيد إدارته وتحقيق الأرباح من ورائه. فهل يعني ذلك أن الحكومة فاشلة في إدارة المشروعات الكبري بدليل مشروع توشكي الذي استنزف المليارات دون فائدة؟ وهل عرض مشروع فوسفات أبوطرطور في هذا الوقت يعد مناسبا في ظل الأزمة العالمية؟ هذا ما تناقشه "العالم اليوم" في التحقيق التالي. أكد المهندس أمجد غنيم - وكيل وزارة البترول لشئون الثروة المعدنية- أنه تم تكوين لجنة من وزارتي المالية والبترول لبحث إجراءات إنشاء شركة مشتركة تهدف إلي الاستغلال الأمثل لمنجم أبوطرطور وطرح المنجم علي الشركات المتخصصة في إطار مزايدة عالمية للاستفادة من الإنتاج السطحي لكل الفوسفات الموجودة في هضبة أبوطرطور ووضع خطط لزيادة احتياطيها.. مشيرا إلي أن الشركة المقترح إنشاؤها سوف تكون شركة وطنية تتولد منها شركات تابعة تتولي كل منها أحد المشروعات التي تنتمي إلي مجال الثروة المعدنية.. ويري غنيم أن الهيئة تتجه إلي تحقيق الاستفادة القصوي من مشروع أبوطرطور الذي يبلغ احتياطي الفوسفات فيه 7 مليارات طن، مؤكدا أن هناك عمليات استكشاف واسعة تتم في الوادي الجديد والبحر الأحمر لزيادة الاحتياطي من الفوسفات.. ويقول الدكتور حسين حمودة - رئيس هيئة الثروة المعدنية- إن مشروع فوسفات أبوطرطور الذي صدر له قرار جمهوري عام 2004 بنقل تبعيته إلي هيئة الثروة المعدنية ثم انتقلت تبعية الهيئة إلي وزارة البترول حيث بلغت قيمة إنفاقاته 38 مليون جنيه منها 23 مليون جنيه أجورا و 15 مليون جنيه مستلزمات سلعية، وبعد النقل أوقفت الحكومة الدعم المالي للمشروع والذي كان يغطي كامل النفقات تقريبا. مشيرا إلي أن مبيعات المشروعات في الفترة السابقة للعام المالي 2004 -2005 لم تتجاوز 15 مليون جنيه.. ويري حمودة أنه فور نقل تبعية المشروع إلي قطاع البترول تم وضع خطة للتخلص من كل العيوب العالقة به وتحويله من مجرد مشروع يستنزف الكثير من الموارد دون تحقيق عائدات إلي مشروع اقتصادي يهدف إلي الربح والحفاظ علي الموارد الطبيعية وتحقيق أعلي استفادة منها.. ويتوقع حمودة أن يصل إنتاج المنجم هذا العام إلي مليون طن خام يستخلص منه 700 ألف طن فوسفات معالج و مركز وقابل للتصدير، ويتوقع أيضا أن يتضاعف الإنتاج في العام القادم حيث يمكن إن تصل مبيعات المشروع خلال العام الحالي إلي 300 ألف طن بقيمة متوقعة 111 مليون دولار في أسوأ الفروض بما يغطي جميع النفقات ويحقق فائضا يقدر بنحو 85 مليون جنيه.. يري المهندس عادل الموزي - رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية- أن قرار طرح مشروع فوسفات أبوطرطور في مزايدة عالمية لمستثمرين يأتي في توقيت صعب جدا بالنسبة لتراجع الأسعار علي مستوي العالم، فمنذ عدة شهور كان سعر المواد الخام أعلي بكثير منه الآن، والسعر معرض أن ينخفض أكثر لذلك فطرح المشروع الآن في المزاد عليه الكثير من التحفظات في هذا التوقيت وربما يكون من الأفضل تأجيل الطرح إلي ما بعد عام 2010 لأن أي مستثمر يتقدم إلي هذه الصفقة سيحتاج إلي قرض بنكي للتمويل، والبنوك في الوقت الراهن لا تقبل علي منح قروض بهذا الحجم إلا بإجراءات وضمانات مشددة لذلك فتأجيل الطرح أفضل حتي يؤتي قيمته الفعلية، ولكن فكرة الطرح في حد ذاتها قد تكون فرصة لاستغلال استثمارات جديدة في تعويقض جزء من خسائر المشروع، فالاستثمار في الأصول الإنتاجية له إذا تولي إدارته مستثمر لديه من الامكانيات والخبرة ما يؤهله للنهوض بالمشروع والحد من الخسائر وتحقيق مكاسب وأرباح تعادل القيمة الفعلية له، فالمستثمر الأجنبي سيبذل قصاري جهده لحماية المشروع من أية اخفاقات أخري ويسعي لتحقيق أرباح مناسبة للقيمة الحقيقية للمشروع "كنز كبير" إذا توافر له من يحسن إدارته واستغلاله.