يبدو أننا عشنا وهما ساذجا, أن نظام الرئيس السابق كان نظاما ضعيفا متهالكا, يتساند علي مجرد زلطة وما كادت ثورة 25 يناير ترفع الزلطة من تحت النظام حتي تهاوي تماما مثل بيت من الرمال, وتساقط رجاله مثل أوراق الخريف الجافة وانتهي بهم الامر خلف الاسوار في سجن شهير. بل جلسنا لأكثر من ربع قرن نصف الحزب الوطني السابق بأنه كيان هش زائف بلا شعبية وجوده مثل عدمه, وحياته مرهونة بالسلطة. لكن بعد نجاح الثورة ونزول مبارك عن السلطة وتفكيك الحزب الوطني بحكم قضائي, اكتشفنا شيئا مغايرا تماما, ان فلول النظام السابق وبقايا الحزب الوطني وأذابة من القوة بدرجة جعلت حياتنا جحيما, وأمننا فزعا, وسلامنا الاجتماعي حربا, ونسيج وحدتنا الوطنية ممزقا, واقتصادنا متراجعا, ومجرمينا طوفانا, وسلافيينا جيوشا, وكنائسنا حريقا, واسلحتنا مولوتوفا, وايدينا سيوفا, وشوارعنا بلطجة! فهل يمكن أن نصدق ذلك؟! والسؤال: اذا كان النظام القديم من القوة والتخطيط والقدرة علي التآمر الفعال.. فلماذا لم يستطع ان يتأمر للحفاظ علي نفسه وهو في السلطة؟! الإجابة بسيطة أنه أخذ علي غرة ولم يصدق أن مجموعة من الشباب يمكن ان يقنعوا ملايين المصريين لينزلوا الي الشارع, مصرين علي سقوط النظام الذي افسد حياتهم ونهب ثرواتهم وافقر اكثر من نصفهم وحين تنبه كانت الحكاية انتهت والستارة اغلقت. هذه اجابة معقولة ومقبولة.. اذن ماذا حدث.. وكيف انسحب المصريون الثوار وهم بالملايين امام فلول النظام المهزوم المنسحب وتركوا له ساحة الوطن يعبث فيها كيفما يشاء؟! سؤال بلا إجابة.. طيب اذا كان الحزب الوطني هشا وسخيفا فكيف لأذياله مجرد أذياله ان تخطط وتدبر وتنفذ وتنتقل من اطفيح الي شبرا, ومن شبرا الي قنا, ومن قنا الي امبابة ومن امبابة الي ماسبيرو.. الخ دون ان نراهم او نضبطهم ونوقفهم عند حدودهم الضعيفة؟! هل هم أشباح أم كائنات فضائية؟ نحن نواجه معضلة: نظام سقط ب نفخة في 18 يوما فقط ومجرد بقاياه تقاتلنا وتسود عيشتنا حتي الان وتخرج لسانها لكل تحذيراتنا وتوعدنا لهم؟ هل يمكن ان نصدق ذلك؟ سؤالا بلا إجابة.. أو هو نفسه الإجابة! المزيد من أعمدة نبيل عمر