المشهد العام في المحاكم يدعو للقلق! فالمحاكم التي ينبغي أن تكون مكانا آمنا, للخصوم, ولأعضاء السلطة القضائية, لتطبيق القانون, والامتثال لأحكام القضاء, صارت ساحة للمناوشات, والاحتكاك بالقضاة, والاعتراض علي أحكام القضاء, والاعتداء علي هيئة المحكمة, أو التطاول عليها بألفاظ لا تليق وهيبة القضاة في بعض الأحيان, إلي جانب اتجاه البعض لإثارة حالة من الهرج والمرج بعد صدور الأحكام القضائية بما يعكس عدم الرضا عنها, وربما يلجأ بعض الخصوم لمحاولات للأخذ بالثأر داخل المحاكم.. وبسبب ضعف اجراءات التأمين في المحاكم.. صار كل شيء متوقعا! وبعد أن كان الخطر, يقتصر علي محاولات البعض العبث بأثاث المحاكم عند النطق بالأحكام, اقترب الخطر من أعضاء السلطة القضائية, حيث شهدت محكمة جنوبالقاهرة أحداث عنف أخيرا, أثناء نظر الجلسة الأولي من محاكمة13 ضابطا بالجيزة بتهم قتل المتظاهرين, حيث قام بعض أهالي الشهداء بتحطيم قاعة المحكمة مستخدمين الشوم والعصي.. وقبلها بأسابيع حاول عدد من البلطجية اقتحام مجمع المحاكم, والاعتداء علي هيئة المحكمة بالدائرة الثانية جنايات الاسماعيلية, تلاها الاعتداء علي أعضاء نيابة جنوبدمنهور الكلية في18 يناير الماضي, وترويعهم, واحتجازهم داخل مقر النيابة لعدة ساعات, وفي واقعة سابقة, تم الاعتداء علي مستشارين بمحكمة جنايات الجيزة أيضا من قبل أهالي المتهمين في قضية اغتصاب أنثي. وعودة إلي الوراء, حين وقعت الأزمة الشهيرة بين القضاء والمحامين, والتي انتهت بحبس المحامين المتهمين بالاعتداء علي مدير نيابة طنطا, ووقتها أعلن المستشار ممدوح مرعي وزير العدل السابق عن اتجاه الوزارة الي تقييم الوضع الحالي لمنظومة تأمين المحاكم, بالتنسيق مع وزارة الداخلية من خلال حصر لجان العمل لعدد أفراد قوات الأمن الخاصة بالتأمين والحراسة, وتحديد النقاط الاستراتيجية, والحيوية المراد تأمينها داخل كل محكمة, ومراقبتها بكاميرات بدءا من العام القضائي الجديد, وإعادة رسم خريطة التأمين داخل كل منها بتخصيص وتحديد مخارج خاصة للقضاة, وأخري للمتهمين بعيدا عن مداخل, ومخارج جمهور المتقاضين لمنع التكدس مع تحديد فرقة تأمين خاصة بكل محكمة للتعامل مع أي تجاوزات أو تعديات والتحفظ علي مرتكبيها, فضلا عن تركيب كاميرات لمراقبة الحالة الأمنية للنقاط الحيوية المؤمنة والتي سوف تشمل أقسام التحصيل بالمحاكم, والخزينة وغرف الأحراز, مع استخدام بطاقات هوية لجميع العاملين بالمحاكم, والمكاتب المعاونة. وعقب الأزمة الأخيرة بين القضاة والمحامين, تجددت دعوة نادي القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند بإنشاء شرطة قضائية متخصصة لحماية أعضاء السلطة القضائية من القضاة, والنيابة العامة, ومنع حالات التجرؤ علي المنصة, حرصا علي هيبة السلطة القضائية أمام الرأي العام, وهو ما سبق أن طالب به المرحوم المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل الأسبق, ليس فقط لحماية أعضاء السلطة القضائية, ولكن أيضا لمواجهة مشكلة التباطؤ في تنفيذ قرارات النيابة العامة, وحراسة وتأمين المنشآت القضائية, والإشراف علي السجون, وتنفيذ قرارات المجلس الأعلي للقضاء. وفي كل الأحوال والكلام هنا للمستشار محروس عبد الهادي رئيس محكمة جنايات الأقصر لابد من رفع إجراءات التأمين للمحاكم, ويكفي أن تعرف أنه لا توجد بوابات الكترونية لمرور المتقاضين, وهذه مسألة تنطوي علي قدر كبير من الخطورة, خاصة في محاكم الجنايات, ومن الممكن أن يتسرب أحد الخصوم أثناء المحاكمات وبحوزته سلاح ناري للأخذ بالثأر, كما أن القاعات تكون غير مؤمنة عند إصدار الأحكام, مما قد يثير غضب أهالي المتهمين, وقد يلجأون الي التخريب. أو الاحتكاك مع بعضهم البعض, مما يطرح بقوة فكرة إنشاء شرطة قضائية متخصصة تكون مهمتها الأولي والأخيرة تأمين المحاكم, وهيئاتها, وكذلك لضمان سير العدالة في هدوء ودون تجاوزات. اعتداء بالألفاظ علي هيئة المحكمة يروي أنه أثناء صدور الأحكام في إحدي قضايا الجنايات تلفظ أهالي المتهمين بألفاظ نابية في حق هيئة المحكمة, ونظرة لكثرة عدد الحضور لم نتوصل لمن فعل ذلك, وعلي ذلك تضطر بعض الدوائر لإخلاء القاعات أثناء إصدار الأحكام, حتي لا تحدث تعديات علي هيئة المحكمة, مشيرا إلي أن ما حدث أخيرا بين القضاة والمحامين هو حدث عابر, حيث أن العلاقة بين الجانبين هي علاقة عمل, والعدالة لا تستقيم بدون طرفيها القضاة والمحامين, لكن التأمين صار ضرورة لمنع حدوث نزاعات بين المتقاضين أنفسهم, أو بين المتقاضين, وهيئة المحكمة, وعلي ذلك فقد أصبح من الأهمية انشاء شرطة قضائية متخصصة, وتزويد المحاكم ببوابات الكترونية لمنع دخول احد الي قاعات المحاكم بالأسلحة. التأمين أصبح ضرورة ولأن الاحتكاكات واردة في كل وقت بين المتقاضين, أو بينهم وبين هيئة المحكمة كما قال رئيس محكمة( في إحدي محاكم الصعيد رفض ذكر اسمه فإنه من الضروري أن يكون هناك تأمين علي مستوي عال, وهذا لن يتحقق إلا في ظل وجود شرطة قضائية متخصصة, وقد حدث هرج ومرج عندما كنت أصدر الحكم في قضية جزار الحمير بمحكمة كرداسة, كما حدث احتكاك من قبل مع أحد رؤساء نيابة الوراق, ولذلك لابد من الإسراع في تشكيل شرطة متخصصة لتأمين المحاكم, خاصة أن قوات الشرطة تكون مهمتها فقط الحضور مع المتهمين أو المحبوسين احتياطيا, أما حرس الجلسات فقد يقتصر فقط علي المحاكمات في القضايا الجنائية حيث يكون حرس الجلسة مجرد صول أو أمين شرطة, وهذا بالطبع لا يكفي لتأمين الجلسات, ولا يمثل عنصر ردع لمن يريدون التجاوز داخل المحاكم. التجاوزات لا تمثل ظاهرة! تأمين المحاكم كما يقول اللواء محمد عبد الفتاح عمر مساعد وزير الداخلية السابق ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب سابقا مسئولية مديرية الأمن التي تقع في نطاقها المحكمة, حيث تقوم كل مديرية بتعيين الحراسة اللازمة لكل محكمة, فحرس محكمة شمال القاهرة برئاسة لواء, وكذلك الحال في محكمة جنوبالقاهرة, ولكن اذا ارادت وزارة العدل تعيين شرطة قضائية متخصصة فعليها تحمل كل التكاليف المادية لطاقم الشرطة من رواتب, وحوافز, ومكافآت, ويمكن ان يقتصر دور وزارة الداخلية في هذه الحالة علي توفير الرتب المناسبة فقط دون أية التزامات مادية, لا سيما أن ميزانية الوزارة ضعيفة, ويذكر هنا تجربة إنشاء حرس مجلس الشعب, الذي يتبع رئيس المجلس, ويتحمل كل التكاليف, وكذلك حرس مجلس الشوري وهو يتبع أيضا رئيس المجلس, ويتحمل المجلس تكاليفه كاملة, وهناك شرطة للكهرباء وتتحمل تكاليفها وزارة الكهرباء, المطلوب في الاساس هو زرع سلوكيات الالتزام في المجتمع حتي يعرف كل شخص ما له وما عليه, ساعتها لن تحدث تجاوزات. وبشكل عام, فإن اللواء حازم حمادي الخبير الأمني وعضو مجلس الشعب السابق يؤيد إنشاء شرطة قضائية متخصصة لتأمين المحاكم, حيث يري أن الجلسات والقاعات تفتقر إلي أبسط إجراءات التأمين, مقترحا أن تكون برئاسة مساعد وزير كما هو الحال في الإدارات الشرطية المختصصة كشرطة النقل والمواصلات, والكهرباء, والإسكان والسياحة, والتليفونات, مشيرا إلي أن التأمين الحالي للمحاكم ضعيف, ودائما تتم الاستعانة بأقسام الشرطة, مديريات الأمن, ويتم تعيين حراسات في أثناء نظر القضايا الكبري, من خلال تعيين خدمات خاصة, ولذلك من الضروري, إنشاء الشرطة القضائية المتخصصة لتأمين الملفات, والقضايا من ناحية, والحفاظ علي هيبة رجال القضاء من ناحية أخري.