علي خطي شباب العالم العربي يسير ائتلاف شباب25 فبراير الموريتاني الذي أعلن مؤخرا الرابع والعشرين من مايو الجاري يوما لرفض الواقع البائس الذي تعيشه موريتانيا علي مختلف الأصعدة علي حسب وصفهم. وحث الائتلاف كافة القوي العاملة والمواطنين ممن يملكون حق التصويت علي المشاركة علي أن يسبق ذلك سلسلة من النشاطات الاحتجاجية تمهيدا لتنظيم يوم وطني للغضب بالتنسيق مع كافة أطياف المجموعات الشبابية داعين للتأسي بخالد سعيد( مصر) ومحمد بوعزيزي( تونس) باعتبارهما شرارة الانطلاقة ليس فقط في مصر وتونس ولكن أيضا في موريتانيا الدولة العضو في جامعة الدول العربية. وكانت جماعات موريتانية عدة قد نجحت في تنظيم تجمعات واعتصامات في الساحة الرئيسية' بلوكات' بقلب العاصمة' نواكشوط' والتي سرعان ما تم حظر التجمع بها من قبل السلطات التي واجهت بقسوة كل من يحاول الاقتراب منها. وجاء ذلك إثر الإعجاب الواضح بربيع الثورات العربية وهو ما دفع الشباب الموريتاني للخروج في مظاهرات سلمية في الخامس والعشرين من فبراير الماضي ليجد نفسه في مواجهة الشرطة وقنابل الغاز المسيل للدموع ورجال من' البلطجية' بالسلاح الأبيض كما جاء في بيان' تنظيم من أجل موريتانيا' إحدي الحركات المشاركة- فضلا عن قيام رجال الشرطة بالزي المدني باعتقال العشرات من الشباب الذين تم التنكيل بهم أمام الجميع في مشهد يشبه تعامل الشرطة الصهيونية مع فلسطينيي الانتفاضة كما وصفه ناشط موريتاني. وقد شهدت موريتانيا مشاركة فعالة من جانب التحالفات الشبابية للعمال الموريتانيين في مسيراتهم ونشاطاتهم في الأول من مايو الجاري احتفالا باليوم العالمي للعمال وذلك تضامنا ضد القمع الذي تعرض له العمال غير الدائمين في مدينة' أزويرات' بأقصي الشمال قبل أيام من عيد العمال إثر محاولاتهم تسيير مظاهرات رافضة لأوضاعهم الصعبة. ذلك فضلا عن المصادمات التي شهدها شهر إبريل المنصرم والتي جاءت مواجهة الشرطة الموريتانية للمتظاهرين السلميين صورة طبق الأصل مما شهده المتظاهرون في تونس ومصر وسوريا واليمن والجزائر كما ألصق الرئيس الموريتاني المعروف بصداقته لنظام القذافي الليبي' محمد ولد عبد العزيز' المتظاهرين بالتهم المعتادة نفسها كالعمالة للخارج والانقياد لتيارات دينية إرهابية واصفا إياهم ب' المرجفين والمفسدين'. ولم ينس الرئيس في خطاب وجهه لسكان ولاية' جورجول' التأكيد علي الوضع المالي' الممتاز' للدولة نافيا أي قمع لحرية التعبير وهو ما يكرره الإعلام الحكومي في وصف موريتانيا بالديمقراطية الفريدة في العالم العربي. وأشار' ولد عبد العزيز' للصدامات العرقية التي شهدتها جامعة' نواكشوط' مؤخرا رافضا' بث الفرقة بين الموريتانيين علي أساس اللون لأن هذا الطرح لم يعد له مكان في موريتانيا المسلمة الموحدة ببيضها وسودها'. ومع ذلك يبدو حديث' ولد عبد العزيز' بعيدا عن أرض الواقع حيث يعاني شباب بلاده ليس فقط من الفساد والبطالة ولكن أيضا من العبودية رغم صدور القوانين المدنية بتجريمها وإلغائها في1905 و1981 و2007 إذ تحكم البلاد تراتبية اجتماعية تقسم أبناء موريتانيا إلي بدو عرب أحرار بيض البشرة وعبيد مزارعين زنوج من ذوي البشرة الداكنة وذلك منذ وصول العرب في القرن الخامس الهجري ومرورا بالاحتلال الفرنسي المنتهي في1960 والانقلابات العسكرية المتتالية في البلاد. وساعد الطابع الطبقي للمجتمع الموريتاني التقليدي علي استمرار العبودية التي تقوم علي التوزيع الوظيفي بإسناد مهمة لكل طبقة ويأتي العبيد في أدني درجات السلم الاجتماعي سواء في ذلك الأغلبية العربية والأقلية الزنجية. وتعود مصادر العبودية في موريتانيا إلي الحروب بين القبائل, فضلا عن دور التجارة عبر الصحراء. ويستمر الرق عبر المرأة المسترقة التي تلد عبيدا ولا تتزوج إلا بقرار سيدها الذي يفرض في الغالب قيودا تمنع تعليم عبيده. وتظل مشكلة العبيد الذين يشكلون خمس سكان البلاد إلي جانب الحكم العسكري للبلاد منطقتين محرمتين فيما يتعلق بالخوض في تفاصيل أو تقديم حلول ناجعة وهذا فضلا عن الفساد المنظم حيث تبدو الدولة بالنسبة لبعض المتابعين وكأنها مصرة علي غض الطرف عن حالة البلاد التي يعرفها الجميع وتنكرها الدولة وحدها التي يبدو أنها ستصر هذه المرة علي إنكار حق شبابها في الثورة علي الفساد وعبوديتهم للدولة مما ينذر بكوراث كثيرة في الدولة التي تحررت من الاستعمار الفرنسي ولكنها لم تصل بعد إلي منتهي الاستقلال. [email protected]