رئيس "اقتصادية" البرلمان يستعرض تفاصيل الأثر التشريعي لقانون سوق رأس المال    التحقيق في انهيار عقار قديم ببولاق أبو العلا وإصابة شخصين    استقالة مسؤول واتهام بتخريب لوحات.. أزمتان عاجلتان على مكتب وزير الثقافة    تركي آل الشيخ يمازح كريم عبد العزيز:" أدعو الجميع لمقاطعة أفلامه وعندنا مفاجأة"    المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية على غزة.. ماذا تعني وما أهدافها؟    جوزيه جوميز: الزمالك لا يستحق الفوز أمام فاركو وعلينا البحث عن دوافع لخلق حالة فنية أفضل    المحبة المتدفقة.. البابا تواضروس يتحدث عن مؤهلات الخدمة    شاهد شاطى المساعيد غرب العريش الواجهة الأجمل للمصطافين.. لايف    المنصورة تحتضن المؤتمر العلمي الأول للتحاليل الطبية.. صور    وزيرة التخطيط والتعاون الدولي تستعرض أولويات المرحلة القادمة    أستاذ قانون دستوري: أداء الوزراء الجدد اليمين أمام الرئيس يعني مباشرة مهامهم رسميا    حدث في وسط قطاع غزة .. 3 شهداء ومصابون إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمخيم النصيرات    أستاذ حديث: إفشاء أسرار البيوت على الانترنت جريمة أخلاقية    جامايكا تستعد لوصول إعصار بيريل بعدما ضرب جزر الكاريبي    لافروف: مفاوضات بوتين مع شي جين بينغ كانت جيدة    تهدف لتحقيق النمو الاقتصادى.. معلومات عن مبادرة " ابدأ " الوطنية (إنفوجراف)    بنى سويف: استكمال مشروعات حياة كريمة    كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد    أمين الفتوى لقناة الناس: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    تعيين عمرو قنديل نائبا لوزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    حكم مباراة البرتغال وفرنسا في ربع نهائي يورو 2024    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    حبس شخصين ألقيا مادة حارقة على 5 بائعين في الشرابية    خالد عبد الغفار: مشروع التأمين الصحي الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسي    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    مجلس الوزراء يحسم موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. الأحد أم الإثنين؟    هاجر أحمد: تصوير «أهل الكهف» في 4 سنوات أمر في غاية الصعوبة    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    ارتياح فى وزارة التموين بعد تولى شريف فاروق حقيبة الوزارة    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    مجلس نقابة أطباء القاهرة يهنئ خالد عبدالغفار لاختياره نائبًا لرئيس الوزراء    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    عامل قلق.. دعوة للطبطبة على مشاكلنا بمسرح البالون بالعجوزة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والسلام وخطر التحول نحو الحرب

يبدو أن معادلة الحرب والسلام تواجه اختبارا شديد الصعوبة هذه الأيام‏,‏ ليس فقط بسبب التصريحات النارية لوزراء في الحكومة الإسرائيلية أمثال الوزير يوسي بيلد القائد الاسبق للجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي‏. الذي أكد أن السلام ليس هدفا تسعي اليه إسرائيل مع جيرانها وأن ما يهم إسرائيل هو ضمان وجودها دولة يهودية إلي الأبد ووزير الخارجية أفيجدور ليبرمان الذي كان قد استبعد منذ أشهر ثلاثة أي أمل لتحقيق سلام مع العرب في غضون السنوات القادمة‏,‏ وعاد الآن ليهدد سوريا بالحرب بطريقة شديدة العجرفة والإساءة عندما خاطب الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان قد حذر من أن إسرائيل تدفع الشرق الأوسط باتجاه حرب جديدة‏,‏ قائلا عندما تقع حرب جديدة لن تخسرها فقط‏,‏ بل ستخسر السلطة أيضا أنت وعائلتك‏.‏ مثل هذه التصريحات وغيرها‏,‏ ودعم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو لها‏,‏ أو تغاضيه عنها ليس وحده المؤشر المهم الذي يوحي بخطورة اندفاع المنطقة نحو الحرب‏,‏ لكن الأهم هو إدراك إسرائيل أن الحرب باتت مصلحة إسرائيلية استراتيجية‏,‏ لاسيما في ظل تحول التوجه الأمريكي نحو الاتجاه الذي تريده إسرائيل‏,‏ والإسراف الأوروبي في إغداق الدعم والمساندة والتأييد للدولة الإسرائيلية‏,‏ بما يوحي ليس فقط بأن كل هؤلاء مع الحرب سواء ضد سوريا أو حزب الله أو ضد إيران‏,‏ أي ضد كل الأطراف التي تراها إسرائيل عقبة أمام السلام الذي تريده‏,‏ وإنما يوحي أيضا بأن مشروع السلام لم تعد له أولوية أمريكية أو أوروبية أيضا بما يتوافق مع التوجهات الاستراتيجية الإسرائيلية‏.‏
ربما يكون التحول في الموقف الأمريكي من مشروع السلام أو عملية السلام هو الأهم فقبل عام من الآن كان السلام أولوية أساسية للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما الذي وعد بتحقيق حل الدولتين‏,‏ ووقف الاستيطان الإسرائيلي‏.‏ ولم يستطع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو أن يقنع الرئيس أوباما بأن اعطاء الأولوية للملف الإيراني علي الملف الفلسطيني لن يضع نهاية فقط للخطر النووي أو لخطر التوسع الاقليمي لايران‏,‏ بل سيحقق السلام أيضا في المنطقة كلها‏,‏ لأن سقوط نظام الجمهورية الاسلامية بعد تدمير مشروعها النووي وقدراتها الصاروخية‏,‏ كما يري نيتانياهو‏,‏ سيجعل قوي الارهاب ويقصد‏(‏ حزب الله في لبنان ومنظمات المقاومة الفلسطينية‏)‏ والنظام السوري الذي يدعمها عرايا دون الدعم والغطاء الايراني وعندها لن يكون هناك وجود لكل هذه القوي المناوئة لاسرائيل وعندها أيضا ستتحقق كل الفرص التي تريدها إسرائيل لفرض السلام الذي ترغب فيه‏.‏
الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يقتنع بوجهة النظر هذه خاصة ما يمكن تسميته ب حرب الملفات في لقائه الأول في مايو الماضي مع نيتانياهو في واشنطن‏,‏ ونجح في إعطاء الأولوية للملف الفلسطيني‏,‏ ومنح إيران فرصة جديدة للحل الدبلوماسي‏,‏ لكن في هذا اللقاء وافق أوباما أن يدفع الثمن لاقناع نيتانياهو بارجاء الحسم في الملف الإيراني الي انتهاء المهلة المعطاة لايران كي تتجاوب مع المبادرة الأمريكية والتي كانت تمتد حتي نهاية شهر ديسمبر الماضي‏.‏
كان الثمن الذي دفعه أوباما لنيتانياهو هو تجديد التعهد الذي كان الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون قد قدمه لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير عام‏1969‏ بتغطية برنامج إسرائيل النووي حسب ما كشفت صحيفة واشنطن تايمز التي نشرت تفاصيل ما سمته ب التفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقالت انه يقضي بألا تضغط الولايات المتحدة علي إسرائيل للاعلان عن إمكاناتها النووية‏,‏ أو التوقيع علي معاهدة حظر الانتشار النووي‏.‏ ولمزيد من الثقة وقعت الإدارة الأمريكية مع إسرائيل اتفاقية لزيادة التنسيق بينهما في قضية الأمن النووي‏,‏ حيث يمنح الاتفاق الجديد الفرصة للوكالة الذرية الاسرائيلية للإطلاع علي معظم المعلومات والترتيبات والتكنولوجيا الأكثر تطورا في الولايات المتحدة في مجال الحفاظ علي الأسلحة النووية‏.‏ هذا السخاء الأمريكي حصلت عليه إسرائيل من أجل القبول فقط بتأجيل الحسم في الملف الإيراني الي نهاية العام المنصرم‏,‏ ولذلك فان فشل الحوار الايراني مع مجموعة‏5+1‏ التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا‏,‏ حول ما يعرف ب مسودة اتفاق فيينا التي تقضي بنقل‏75%‏ من اليورانيوم الايراني المخصب بنسبة‏3.5%‏ الي روسيا ليجري تخصيبه هناك بنسبة‏20%‏ ثم ينقل الي فرنسا لتحويله الي قضبان نووية تعاد الي ايران لاستخدامها في انتاج الولايات المتحدة ليس من أجل اضاعة الوقت في فرض عقوبات قاسية ضد إيران قد تجبرها علي الخضوع للمطالب الدولية وقد لا تجبرها علي شئ‏,‏ بل بهدف اعطاء كل الأولوية للخيار العسكري من أجل تدمير كل القدرات النووية والعسكرية الإيرانية‏,‏ واعادة اخضاع إيران الي قرارات أوارادة ما نسميه ب المجتمع الدولي‏.‏
من هنا بدأ التحول الفعلي في الموقف الأمريكي الذي جاء مقترنا بتطورات لا تقل أهمية علي صعيد الموقف الأوروبي وبتحديد أكثر الموقف الأوروبي داخل حلف شمال الاطلسي‏(‏ الناتو‏)‏ فالمسرح الاقليمي‏,‏ يعد علي ما يبدو الآن للحرب‏,‏ حيث أقامت الولايات المتحدة وإسرائيل درعا صاروخية تحمي الأجواء الاسرائيلية من أية اعتداءات صاروخية وهي في طريقها هذه الأيام الي اقامة مثل هذه الدرع في أربع دول عربية خليجية هي نفسها الدول الاربع الموقعة علي اتفاقية التعاون الدفاعي والأمني مع حلف الناتو المعروفة باسم مبادرة اسطنبول لعام‏2004‏ وهي‏:‏ الامارات والكويت وقطر والبحرين كخطوة لحماية إسرائيل والخليج من ردود الفعل الإيرانية في حالة شن الحرب ضدها‏.‏
الحرب ضد ايران أو علي الاقل التصعيد ضدها معناه المباشر طي ملف عملية السلام واعطاء الاولوية ل الخطر الإيراني وهو ما كان يريده نيتانياهو وكان يضغط علي الرئيس الأمريكي من أجله‏,‏ لكن الأهم أن هذا التحول يحدث في ظل قناعة أمريكية بأن الأجواء لم تعد مهيأة الآن أمام تحقيق تقدم له معناه في عملية السلام العربية الإسرائيلية سواء علي الصعيد الفلسطيني أو السوري بدليل أن خطاب الاتحاد الذي يلقيه الرئيس الأمريكي في يناير من كل عام ويتضمن التوجهات الاستراتيجية الأمريكية جاء خاليا هذا العام من أي اشارة لعملية السلام‏,‏ وجاء أكثر تركيزا علي الخطر الإيراني‏,‏ كما أن الرئيس الأمريكي كان قد تحدث قبل ذلك عن أن توقعاته السابقة للسلام كانت متفائلة أكثر من اللازم‏.‏ اللافت هنا أن هذا التحول في الموقف الأمريكي يحدث في ظل توجهات أوروبية داخل حلف الناتو لمزيد من الشراكة العسكرية مع إسرائيل‏,‏ حيث تم إبرام اتفاق للتعاون بين الحلف وإسرائيل ينص علي مشاركة الأخيرة في العمليات المناهضة ل الارهاب في البحر المتوسط المعروفة ب مناورات المسعي النشيط وقد لخصت المكاسب التي ستحصل عليها تل أبيب جراء هذا التعاون مع الناتو الورقة البحثية التي أصدرها معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي تحت عنوان إسرائيل والناتو‏..‏ والفوائد والمعوقات وهي مكاسب هائلة سياسية واستراتيجية وعسكرية وتكنولوجية واقتصادية أبرزها أنها تدمج أنشطة الأمن والدفاع الإسرائيلية بأنشطة الحلف واهتماماته وتجعل أمن إسرائيل جزءا من أمن الناتو‏.‏
تحولات وتطورات مهمة تحدث أول من سيدفع ثمنها العرب‏,‏ سواء كانوا في الخليج أو في المشرق العربي‏,‏ كما سيدفع السلام الثمن الأكبر‏,‏ لكن الاهم ان كل هذه التحولات تأتي في الاتجاه الذي كانت تريده إسرائيل ما يضع العرب ومشروعهم للسلام أمام طريق مسدودة وليس فقط في مفترق طرق اذا لم يستطيعوا التحرك لوقف اندفاع هذه التحولات وأولها الاندفاع نحو الحرب‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.