كل الدول كبيرها وصغيرها, غنيها وفقيرها,. تضع نصب أعينها علي مدي الساعة المحافظة علي أمنها القومي.. فهو في التحليل النهائي قضية حياتها أو موتها, وفي الوقت الذي أضحي فيه هذا المفهوم بحاجة الي توضيح اشمل بسبب التباين الكبير الذي ينظر من خلاله الاستراتيجيون لمحددات العلاقة بين رباعية السياسة والاقتصاد والعسكرية والاجتماع نعايش عند العرب وضعا مأساويا يتمثل في ان بعض حكامنا لايكادون يفرقون بين الأمن القومي بمفهومه الشامل وبين مصلحتهم الذاتية بمفهومها الضيق, وماالوضع المأساوي الذي تمر به مصر حاليا سوي المذكرة التفسيرية لهذا المفهوم. بداية.. استأذن القاريء العزيز الذي تواصلت معه بالبريد علي مدي26 عاما انني سوف أبلور مفهومي الاستراتيجي للوضع الراهن دفعة واحدة بغية التيسير وفي تقديري ان المدخل السليم والصحيح لما أود أن أطرحه هو الاتفاق علي تعريف موحد لمفهوم الأمن القومي, فالامن هو التنمية وبدون تنمية لا يمكن ان يوجد أمن والدول النامية التي لاتنمو في الواقع لايمكن ببساطة أن تظل آمنة, ومن ثم يمكن القول إن الأمن في البلاد النامية ينبع حقا من النجاح في جهود التنمية ومن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي اللذين يعتبران وجهين لعملة واحدة, فبلا تنمية لا يتوافر الاساس الاجتماعي للأمن. هناك مجموعة من الثوابت المهمة التي يجب التركيز عليها قبل ان أصل بالتحليل الي مقترحات محدده للخروج من النفق الذي نحن فيه: 1 ثورة23 يوليو عام1952 بدأت كحركة ثم تحولت بالاستيلاء علي قيادة الجيش الي انقلاب وبانضمام جموع الشعب المصري اليها تحولت الي ثورة ووثورة25 يناير عام2011 صنعها شباب مصر الواعد وانضم اليها الشعب واؤتمن الجيش علي شرعيتها الثورية وكانت أول ثورة بطول التاريخ الانساني تعلن عن خطتها مسبقا باليوم والتاريخ. 2 قدمت مصر التي تحملت عبء قيادة الجهد العربي الشامل مابين عام1948 وفي عام40-1973 ألف شهيد عسكري, و73 ألف جريح و61 ألف معوق, وتحملت ثورة شباب التحرير365 شهيدا من أعز ابناء مصر, و4000 مصاب, فضلا عن أكثر من مليوني مواطن مصري من منطقة قناة السويس اضطروا الي الهجرة من بيوتهم لداخل وطنهم عامي1956,.1967 3 بعد تنازل الملك فاروق عن العرش وخروجه من مصر يوم26 يوليو عام1952 نظر الثوار الي بعضهم البعض وسؤال حالهم يردد من اين نبدأ ؟ وشباب ثورة25 يناير تركز مجهودهم الرئيسي علي اسقاط النظام وأرجح انهم يواجهون حاليا نفس سؤال ثوار23 يوليو.1952 4 من المعلوم ان كل الثورات عبر التاريخ انطبق عليها العبارة المأثورة بان الثورات تأكل رجالها وان كل الذين اضيروا من نشوبها علي اختلاف مشاربهم سوف يتحدون ويتلاحمون من اجل الاعداد لخوض معركتهم الاخيرة لاعادة عقارب الساعة للوراء والآن,. هل لنا ان نتساءل من اين نبدأ؟! أولا: لتحقيق الأمن القومي لمصر وصولا لاستقرارها فان الأمر العاجل الآن ان نتطلع الي المستقبل والمستقبل فقط ونترك الماضي بكل أدرانه للمصري الجليل النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود والتفرغ لترتيب الأولويات, وعلي رأسها انقاذ الاقتصاد وبسط الأمن علي كل ربوع مصر. بالنسبة للاقتصاد فنحن في انتظار رأي أهل الخبرة فإذا نصحونا بشد الاحزمة علي البطون فسوف نفعل واذا ناشدونا بالتنازل عن جزء من مدخراتنا في وعاء معين فسوف نستجيب ولن انسي ماحييت ان موظفي مصر تنازلوا باختيارهم عن جزء من مرتباتهم كما قدمت نساء مصر الفضليات مصاغهن بكل ارادتهن عقب هزيمة يونيو عام1967 فمصر عزيزة بكرامتها, غنية بكبريائها. وبالنسبة للأمن فإني أناشد بني وطني ان يكونوا رحماء بضباط وجنود الشرطة ولا يعاملوهم كما عاملونا عقب هزيمة يونيو عام1967, فكلنا كنا ضحايا لاخطاء قادتنا, وليس ادل علي ذلك من ان ضباط وجنود الهزيمة هم أنفسهم ضباط وجنود نصر اكتوبر عام1973 بعد تطعيمهم بالشباب الذهبي من حملة المؤهلات العليا. ثانيا: بعد نجاحنا في الجهاد الأكبر بزيادة الانتاج واستقرار مصر اقتصاديا وامنيا يتم تنفيذ الخطوات الموصلة الي الانتقال السلمي للسلطة وادعو الله ان يهبها رئيس وزراء يفض الاشتباك المزمن بين وزاراته المختلفة من خلال تحديد مسئولية كل منها في حل مشاكلها المزمنة والمتراكمة منذ أكثر من مائة عام والتي عندما تقع احداها يحدث نوع من انواع الشلل الفكري لدي مسئوليها الذين يلقي كل منهم باللائمة علي الآخر. إن مصر هي الخالدة وهي الباقية أبدا وكنا بطول مشوار خدمتنا العسكرية نشعر بالفخر ونحن نتطلع الياليفط التي تغطي معسكراتنا بان مصر دائما اولا وجيلنا خاض خمس حروب من أجل مصر وسلم الامانة للجيل الذي بعده ومصر لم تفقد شبرا واحدا من ترابها الوطني بعد رفع علم مصر فوق طابا يوم15 مارس عام1989 واذا كنا قد فرطنا بحكم الجينات في روح أكتوبر عام1973 فلا اقل من استثمار روح25 يناير2011 حتي قيام الساعة, فحافظوا عليها وادفعوها بجهودكم وجهادكم للامام حتي تتبوأ مكانها اللائق بها بين العالمين. لواء د. إبراهيم شكيب