يعتقد معظم الآباء في بلدنا أن الامتحانات نوع من العذاب أو العقاب والمحنة, ولا يدركون أن التقويم هو أحد أركان العملية التعليمية, لتنمية قدرات الأبناء وشحذ أذهانهم وتفاعلهم مع المادة الدراسية, والحياة من حولهم بما فيها الإعلام والصحافة والثقافة, لذلك فإن الآباء يغالون في المطالبة بتسهيل الامتحانات والتوصية علي أولادهم من أجل الغش ويصفون المدرس الملتزم بأنه ظالم وقاسي, فإذا طاوعهم وأطلق العنان للغش كان أبا رحيما عطوفا. والنتيجة الحتمية التي تحدث الآن أننا تخلفنا تعليميا واقتصاديا, لأننا نخرج جيلا من الغشاشين والجهلاء ممن لا يصلحون للإنتاج وترفضهم سوق العمل, حتي أصبح من عقيدة الأجيال الجديدة أن الإنحراف سلوك طبيعي, والدروس الخصوصية أكبر مثل علي ذلك, فالمدرس المربي مثل سيئ لأبنائه الطلاب يبتز أموال أسرهم, والحفظ هو وسيلة النجاح والتفوق... المشكلة هنا أن الوزارة أصبحت تستجيب للآباء بتخفيف وتسهيل الامتحانات, وتلزم واضعيها بالهبوط بها إلي أقصي درجة, بل تعلن صراحة أن الامتحان في مستوي الطالب المتوسط, في الوقت الذي يكون المقياس عالميا هو الامتياز لتحقيق التنمية والتقدم, بينما يتخرج لدينا المتوسطون والجهلاء, وأنصاف المتعلمين, ويكفينا أن دراسة ميدانية كشفت عن أن نحو65% من طلاب التعليم الأساسي لا يعرفون القراءة والكتابة, ويتسربون بالطبع للتعليم الثانوي بأنواعه, ثم الجامعة أحيانا حتي, ولو كانت خاصة, ليخرج لنا شخص يكون كارثة علي مستقبل هذا الوطن. يا سادة.. الامتحانات لا تهدف لقياس تحصيل الطالب فقط, ولكن لتنمية قدراته, وتركيز معلوماته, وإثارة إمكاناته الذكائية والذهنية, فلا نحتاج سوي المتميزين... والممتازين فقط, وليس غيرهم, وأن الكثرة المتخلفة أو الجاهلة تهزم هذه القلة المتميزة, لذا يجب ألا تقل درجات الفهم, والذكاء والمهارات المرصودة في الامتحانات عن50% بأي حال, لأن مستقبل مصر لا يحتمل التهريج, وتمهيدا لرفع هذه الدرجة إلي ما يقارب100%, فلا يعقل أن نكون في زمن التفوق مصرين علي العيش في الماضي في الوقت الذي تخطت فيه الدول المتقدمة فكرة المستقبل... ويجب أن ندرك تماما أن طرق التخلف لا نهاية لها... مثلما قال عالم الفيزياء العبقري... أينشتين.