في المساء.. وبعد أن يسدل الليل ستاره.. تتعرض كثير من فتياتنا للتحرش والاغتصاب, فمعظم شوارع العاصمة والمدن وخاصة مدينة نصر حي شرق وحي غرب وشوارع رئيسية وجانبية بكاملها يخيم عليها الظلام مما يجعل من المستحيل أن تتبين من الذي يسير فيها وماذا يحدث علي جوانبها. وبدعوي ترشيد الإستهلاك وخفض الكهرباء, تتعرض فتياتنا كل يوم أثناء سيرهن بمفردهن في الطريق وذهابهن الي أصدقائهن أو إلي المحال التجارية أو إلي مراكز الدروس الخصوصية الضرورية لمرحلة الثانوية العامة, وبعد أن كنا كآباء وأمهات نشجعهن علي ان يعتمدن علي أنفسهن, أصبحنا نعلمهن الخوف والحذر ليصبح إعتمادهن الكلي علينا, ويكفي ان تسير في شارع الطيران الطويل ومن خلفه محمد فهمي المحضر وزهير صبري من خلفهما معاهد متوسطة للبنين والبنات وشارع عبدالعزيز الشناوي العريض أمام فندق الماسة, وشارع أبوداود الظاهري والشوارع الجانبية من خلفه, وشارع مصطفي النحاس الشهير ومن خلفه هشام لبيب وبه أشهر المراكز التعليمية, وشارع حسن المأمون امام النادي الأهلي, لتدرك أن معظم شوارع مدينة نصر ظلام لا أمن فيها ولا أمان. إحنا بنتقدم.. ولابنتأخر؟؟ وهذه شكوي لثلاث فتيات علي سبيل المثال يتعرضن للمضايقات في شوارع مدينة نصر حالكة الظلام, ج. ك فتاة في السادسة عشرة من عمرها تقول: أنتظر أبي أمام إحدي السنترات بمدينة نصر بعد انتهاء حصة الرياضيات, وبرغم عدم غياب أبي لنقلي بسيارته الي المنزل, إلا أن تلك الدقائق تمر كأنها الساعات لأن الشارع شديد الظلام, ولأني لا أستطيع أن أتبين سيارة أبي إلا بعد اقترابها, فإني أحدق في سيارات المارة حتي يظن بعض المنحرفين أني بمفردي فيقفون لمعاكستي ويدعونني للركوب معهم بل أن مرة جذبني أحدهم من طرف ثوبي لولا وصول أبي وتدخل المارة لإنقاذي, وتضيف ياريت ترجع الشوارع نور زي زمان حتي لا أتعرض وصديقاتي للمضايقات. ولمياء محمد71 تقول: في سنتر خلف سنترال ألماظة التابع لحي شرق مدينة نصر آخذ دروس الإنجلش في الحصص المسائية, فأنا أذهب للمدرسة في الصباح وهناك يرعبني الظلام في الشوارع الضيقة حتي أمي لاتستطيع تبين الطريق فترتعب هي الأخري, لهذا تنتظرني في الشارع الرئيسي لكنه هو الآخر مظلم, لذا نرجو من المسئولين أن يضيئوا لنا الأضواء حتي لانرتعب, فنحن وزميلاتي مثل أولادهم لايرضون لنا ضررا. س. ف91 سنة: تقول أخرج وصديقاتي بعد إنهاء تدريبات التنس نجد صعوبة في إيجاد تاكسي مما يعرضنا للمعاكسات والمضايقات بشكل متكرر وسخيف فالطريق مظلم تماما إلا من لمبة او إثنتين علي أول الطريق, أمي وأبي بعد أن كانا يشجعاني علي الاعتماد علي النفس تراجعا ومنعاني من الخروج والذهاب للنادي ومزاولة التدريبات, خوفا علي من الظلام خاصة في الشتاء, بيقولوا السبب الترشيد في إستهلاك الكهرباء, طيبوأنا مالي أتحرم وصديقاتي من النزول ليه؟ ولحد إمتي ؟ إحنا مش عارفين.. إحنا بنتقدم.. ولابنتأخر؟ الدكتور أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس جامعة عين شمس يصف ظاهرة الخوف والإتياب التي إنتابت الفتيات بشكل خاص والأسرة المصرية بشكل عام في قول: إذا حاولنا إستكشاف معاناة الشباب الصغير وبخاصة الشباب منهم في هذه المرحلة التاريخية فإننا نلاحظ مايلي: عدم شعورهم بالأمن والأمان النفسي, وكأنما هناك تهديد خارجي يمثل خطرا عليهم, هذا التهديد يأتي غالبا لوجودهم في مكان غير آمن كوجودهم في الظلام والاماكن المتطرفة, أو حتي في الأماكن الآمنة كالمحلات والمراكز التجارية فالشارع المصري أصبح يمتليء بالمنحرفين وأكثرهم ممن يتعاطون المخدرات, وهم لايخافون القانون ولا يعملون حسابا لأحد, إنما ينفسون عن رغباتهم العدوانية والجنسية علي المارة بشكل مباشر سواء كان ذلك في الطرقات الضيقة او الشوارع الرئيسية والتي أصبح معظمها مظلما ظلاما حالكا, بسبب تفاقم الحالة الإقتصادية والتي جعلت المنحرفين يسعون الي استخدام السلوك العدواني بهدف الحصول علي المادة, فأصبحنا نسمع ونقرأ عن الهجمات المتكررة التي يقومون بها بهدف السرقة. شرف البنات ويضيف أستاذ علم النفس قائلا: ومن مظاهر تفاقم مشاعر عدم الإحساس بالأمان, ظاهرة التحرش الجنسي التي بدأت تتزايد يوما بعد يوم, والتي أصبحنا نتحدث عنها بشكل عادي وصوت عال بعد ان كنا نتحدث عنه بصوت خافت وخجول علي إعتبار أنه حادث جلل, ولم يعد هناك أماكن آمنة يمكن ان يترك فيه أب إبنته أو زوجته دون أن يخالجه ارتياب, ولم يعد باإستطاعتنا تدريب فتياتنا الإعتماد علي النفس في الذهاب والعودة مادام الظلام يخيم علي المدينة ومعظم أحياء القاهرة والشوارع والطرقات. ويؤكد الدكتور أحمد خيري حافظ أننا أحيانا كثيرة مانساهم في تفاقم ظاهرة العنف والجريمة والتحرش, وذلك عندما نطفيء أعمدة النور لأسباب واهية, ونساعد علي أن يسود الظلام معظم أحياء القاهرة الكبري وليس حي مدينة نصر فقط, وهو خطأ كبير يقع فيه المسئولون, فالظلام هو أفضل مناخ لظهور الجريمة بكل أنواعها حيث يتسلل الخفافيش من المجرمين ليمارسوا جرائمهم بيسر وسهولة فالدنيا ظلام وماحدش شايف حد , ويضيف ان الصورة في مصر الآن بطرقها المظلمة لاتدعو للإطمئنان, فأبناؤنا في خطر, والخطر مجهول الهوية, ربما يكون صديقا او جارا او عابر سبيل, وربما يكون مجرما محترفا او هاويا في بداية إنحرافه او منحرفا, وأن نفتح أعيننا, ونسعي لمنع هذه الجرائم, والحل الأمني مهما كان ناجحا فهو قاصر وجزئي مادامت الأنوار خافتة والشوارع مظلمة. لا.. لإغلاق المحلات التجارية مبكرا..! وبرجاء وحزم في نفس الوقت يقول د. أحمدخيري: أضيئوا أنوار الشوارع مهما كان ثمن الإضاءة مكلفا وغاليا, فهو ليس أغلي من أرواح أبنائنا, وليست أغلي من دماء المصريين, فالإضاءة تكشف كل غدر, وتحذر كل من تسول له نفسه بارتكاب جريمة, فمما لاشك فيه ان المجرم يتردد ألف مرة قبل ارتكاب جريمة في وضح النهار أو تحت الأضواء الكاشفة. اجعلوها مضيئة لكن.. ماهو رأي المسئولين؟؟ فهيمة صالح أحمد رئيس حي غرب مدينة نصر أكدت: أن هناك بالفعل ترشيدا لاستهلاك الكهرباء ليس علي مستوي مدينة نصر فقط ولكن علي مستوي الجمهورية, ولكن هذا لايعني ترك الشوارع مظلمة, فجار الآن عملية إحلال وتجديد للجزيرة الوسطي الممتدة من شارع يوسف عباس حتي طريق النصر دون الجانبين, وقد إستخدمت الإضاءة فيها بنظام العواميد ذات الكابولين, وجار الآن إستكمال الإنارة في الحي السادس والسابع ضمن خطة الحي للقضاء علي العشوائيات بعمل أرصفة وحدائق, وستكون الإضاءة بنظام واحدة علي واحدة, أي واحدة مضاءة والثانية مطفئة, خاصة في الأماكن التي تكثر فيها التجمعات برغم ان المفروض العكس, ان تكون الشوارع الخالية هي الأكثر إنارة لخطورة السير فيها ليلا, ومن هنا يوجه سكان مدينة نصر نداء للسيد اللواء طارق كامل رئيس حي شرق مدينة نصر الذي تسلم مهام عمله منذ بضعة أيام فقط بان يجعل إضاءة المناطق التابعة للحي بكامل قوتها, حتي نطمئن علي سلامة أبنائنا, وحتي نمنع سرقة حقائب السيدات والسيارات والتي تحدث في المساء, وحتي لانسمع نباح الكلاب التي تعقر أبناءنا عند حلول الظلام. ومن هنا نطالب بان يكون حي مدينة نصر شرقه وغربه علي المستوي الحضاري اللائق خاصة انه يضم اعظم مولات العالم.