الدكتور حسام عيسي أستاذ القانون بجامعة عين شمس المستشار القانوني لمنظمة اليونسكو, واحد من أهم وألمع الوجوه البارزة في جدارية الثورة.. قبل الثورة وبعدها كان حسام عيسي ومازال صوتا نقيا لا يقيم وزنا للتوازنات, ولا يخشي في الحق لومة لائم, ومنذ الوهلة الأولي لبدء التغييرات في مصر, كان حسام عيسي هو الحارس الأمين للثورة وأهدافها, لم يهادن أحد, ولم يتحرج من شن هجوم كاسح علي كل الذين سارعوا إلي تسلق الثورة.. أو ركوب موجتها الهادرة. في هذا الحوار معه يواصل الدكتور حسام عيسي توضيح موقفه من السيد عمرو موسي ومن كمال الجنزوري.. ومن كل رموز حقبة مبارك.. ويضع أسسا رصينة وحاسمة لتحقيق كل أهداف الثورة, ومن بينها استرداد أموال مصر التي نهبها مبارك ورجاله.. وتاليا نص الحوار معه: بداية ما رأيك بالتعديلات الدستورية المطروحة علي الشعب للإستفتاء؟ - من المعروف مسبقا أنني لا أوافق علي تلك التعديلات لأنها تتم علي دستور سقط ولم يعد موجودا بعد تولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة مهام رئيس الجمهورية ولا يوجد في الدستور ما يسمي ب المجلس الأعلي وبذلك ليس دستوريا ولا قانونيا أن يتم تعديل الدستور وما يسقط يعني أنه أصبح عدما فكيف تجري عليه تعديلا, هذا بالإضافة إلي أن هذا ليس مطلب الشعب.. الشعب يريد دستورا جديدا ويريد انتخابات في وقت طويل لفتح الأبواب الموصدة أمام القيادات الجديدة, فكيف تتم أربعة انتخابات في ثلاثة أشهر.. هذا نوع من العبث, الذي سيؤدي في النهاية إلي إعادة انتخاب الحزب الوطني مرة أخري.. ماذا نفعل إذا أصر المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي إجراء الاستفتاء؟ - هو بالفعل مصر عليها وسيجري الاستفتاء ولذلك أطلب من الشعب مقاطعتها ولا نعترف بشرعيتها.. ولا يمكن الاعتراف بمشروعية تعديل دستور سقطته الثورة.. كما أن للناس مطالب تتلخص في عمل دستور جديد ولن تستريح البلد وتهدأ إلا بإجراءات حقيقية وتحقيق مطالب الشعب بوضع دستور تقوم به جمعية من المصريين خلال فترة إنتقال تتم خلالها تكوين حكومة مدنية تتولي إطلاق الحريات لتكوين كيانات وأحزاب جديدة حتي لا تكون المعركة الانتخابية القادمة معركة جديدة بين الحزب الوطني والإخوان المسلمين! وأؤكد أن الثورة لم تكن ثورة شباب فقط, إنما هي ثورة الشعب المصري كله.. وهي أعظم ثورة في تاريخ مصر, فالشباب ثار وقاد ونزل الشعب المصري وراءه ولابد لهؤلاء الشباب أن يكون لهم دور في رسم طريق مصر وأن يمثل في البرلمان القادم من خلال أحزاب جديدة.. لأن الأحزاب القديمة هي أحزاب ورقية بتاعة صفوت الشريف لا يمكن السماح لها بأن تمثل الشعب المصري.. وما هي أسباب رفض هذه المقترحات؟ - هذا وراءه رغبة المجلس الأعلي للقوات المسلحة في الإسراع بإنهاء المرحلة الانتقالية وهذا يعني أننا نخلص من مبارك ستجد بعدها عشرين مبارك تحت دستور يعطي لرئيس الجمهورية السلطات الكاملة وغير المحددة وبالتالي المرشحون لرئاسة الجمهورية يريدون هذه السلطات ومن بينهم السيد عمرو موسي الذي يريد أن تبقي السلطة رئاسية حتي يتمتع بكل السلطات المطلقة مثل مبارك وبذلك ستستمر عمليات النهب, كما تم في عصر مبارك.. يعني نخسر004 شهيد من أجل أن يصبح السيد عمرو موسي رئيسا للجمهورية, وهو وزير حسني مبارك هذه ستصبح مهزلة بكل معني للكلمة, لأننا نعيد إنتاج نظام رجال مبارك الحاليين الذين ظلوا يعملون معه في حين ظل هو وعائلته يقومون بأكبر عملية نهب منذ الملك مينا.. اذن كل هذا يخدم هذه الشخصيات التي تطفو علي السطح مثل كمال الجنزوري الذي ظهر علي أنه مكافح للفساد وهو من قال في يوم ما إن مشروع توشكي جميل جدا لأنه بيفرح الريس جايين علي المشروع اللي بيطرح الراجل الكبير هذه فضيحة أن يظهر مثل هؤلاء ويجتمع بهم المجلس الأعلي للقوات المسلحة كأنهم ممثلين للشعب المصري وهم لا يمثلون أحدا!! وما العمل إذن؟ - لابد أن نعلم أنه بعد ثلاثين عاما من التجريف لا يمكن التعديل في ثلاثة أشهر كي تطرح إنتخابات برلمانية( شعب وشوري) مثلما كان يفعل صفوت الشريف, ومن هنا لابد من عمل جمعية تأسيسية من الشعب تضع دستورا جديدا في ظل حكومة جديدة أيضا تطالب بإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطواريء بعد استتباب الأمن وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتعديل قوانين الأحزاب وقوانين ممارسة الحقوق السياسية, كل هذا يتم تعديله جذريا بحيث أنه خلال فترة تقارب السنة ونصف السنة تظهر فيها قيادات جديدة يتعامل معها أفراد الشعب وتعرفها وتفتح الآفاق الموصدة منذ ثلاثين عاما. وهل يمكن أن تسير الدولة بدون دستور كل هذه الفترة؟ - من قال ذلك.. لدينا بالفعل دستور مؤقت يضمن الحريات وثورة2591 ظلت لمدة ثلاثة أعوام بدون دستور فعلي.. حتي إذا لم يكن هناك دستور مؤقت فإننا نعمل وفقا للعرف الدستوري وهو أن القواعد الدستورية العامة تطبق وتشمل حماية الملكية الخاصة وحماية حقوق الإنسان وحق التجمع.. وما فعله المجلس الأعلي للقوات المسلحة من تعطيل للدستور القديم هو إعلان دستوري وليست مشكلة علي الاطلاق ولا وجه للاستعجال لتعديل غير شرعي للدستور. وما رأيك عن ما يتردد عن الثورة المضادة؟ - الثورة المضادة تعني استبقاء النظام القديم بوجوهه ومراكز قواه في الحكم وكل ثورة لها فعلا ثورة مضادة, لأن المصالح التي تكونت خلال ثلاثين عاما بالمليارات, مهددة اليوم, لأنها كلها نتيجة النهب والسلب, هل سيقفون بدون أدني مقاومة, ليس بديهيا ولا يمكن لهم هذا.. وعندما نعرف أن هناك محاولة لإغتيال السيد عمر سليمان بإطلاق الرصاص علي سيارته.. لماذا لم يتم بعدها التحقيق ويعلن عن الجاني الحقيقي, أليس من المحتمل أن يكون جمال مبارك وراء هذا؟, وعندما يكتب في الصحف أن زكريا عزمي أعدم2 طن من الأوراق لاخفاء المعلومات حتي لا تتم المحاسبة أليس هذا ثورة مضادة!! وعندما يجرؤ د.فتحي سرور علي الظهور ومناقشة رسالة دكتوراة علنية وهو أكبر مزور في تاريخ الأمة وتأكيد صفوت الشريف, أنه مازال رئيسا للجنة الأحزاب ومجلس الشوري قبل حل المجلسين.. كل هذا ثورة مضادة.. هؤلاء لن يتركوا ما حصلوا عليه بسهولة وسيظلون يقاومون حتي آخر لحظة.. هذا إلي جانب ما قام به السيد أحمد أبوالغيط من إرسال تلغرافات للسفراء المصريين, وأعلن فيها هذه ثورة عميلة لإسرائيل وحزب الله ولكن السفراء الشرفاء كشفوا تلك الأوراق وأرسلوها وتم نشرها, فهذا الوزير كيف نتركه يدافع عن الثورة في الخارج وكيف يستمر وزير العدل الذي أشرف علي تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة, إن استمرار مثل هؤلاء الأشخاص في الوزارة هو أحد أشكال الثورة المضادة.. وإذا أجريت انتخابات في هذه الأجواء سيعود من جديد كل رجال جمال مبارك لكن بشكل متخفي لأن مصالحهم مهددة ولديهم البلطجية الذين بامكانهم تدمير كل شيء. ماهو دور المجموعة القانونية لاسترداد ثروة مصر وما هي النتيجة؟ - فكرة هذه المجموعة أن عائلة مبارك نهبت مصر علي مدار ثلاثين عاما ومازلنا نعمل حتي الآن وبدأنا منذ السابع من فبراير الماضي أي قبل أيام من التنحي بعد أن ترددت المعلومات عن أموال يتم تهريبها ونحن كمحامين نعلم هذه المعلومات قبل الكثيرين ونحن أول من وجه نداء إلي سويسرا بوضع حسابات مبارك وعائلته تحت التحفظ ثم بدأنا نتلقي المستندات الداعمة لذلك وعلمنا أن هناك شركات في البورصة تضارب لحساب جمال مبارك, وأن علاء مبارك كان يتاجر بديون مصر منذ الثمانينيات, وبفضل المجموعة تم إتخاذ إجراءات في سويسرا منذ الأيام الثلاثة الأولي وكان التأخير بسبب الفريق أحمد شفيق الذي أرسلنا له من يوم7 فبراير باتخاذ إجراءات فورية, وظهرت علي التليفزيون المصري ودعوته إلي الاسراع لأن الأموال ستضيع وفعلا أغلبها تم نقله بأسماء سعوديين, علي رأسهم الوليد بن طلال وأسماء أخري, أو حولت إلي حسابات رقمية وسيصبح إستردادها صعبا للغاية وكل هذا بسبب تأخر شفيق في إصدار القرار.. وقد تركوا رجل الأعمال حسين سالم يخرج من مصر لأنه هو الشريك في كل شيء واستطاع في الفترة الماضية أن يخفي ثروات هائلة للعائلة في أماكن أخري حتي يظهرون بعد ذلك ويقولون ليس لديهم حسابات في الخارج وبذلك يصبحون أبطالا.. وحسين سالم له أهمية كبيرة للعائلة ولابد من محاكمته, زما من تم القبض عليهم من الوزراء السابقين فهم ليس ذات أهمية للعائلة مثل حسين سالم.. هذه لم تكن دولة بل كانت تنظيما عصابيا بقيادة جمال مبارك وعضوية عز وكل رجال الأعمال حوله.. فهل تعلمون أن محمود الجمال حما جمال مبارك أخذ في السنوات الثلاثة الماضية21 مليون متر مربع في شرم الشيخ والساحل الشمالي وطريق الإسماعيلية وسهل حشيش بسعر المتر جنيه واحد فقط.. هل هذه كانت دولة حقا!! كما أن لدينا من معلومات عن أن إبراهيم نافع عندما كان رأس مؤسسة الأهرام أهدي السيدة سوزان مبارك عقد ماس يقدر بنحو51 مليون جنيه وسيارتين فاخرتين للأولاد من أموال المؤسسة وكان بينه وبين علاء وجمال شركة للحبر والورق, ولذلك ترك المؤسسة مدينه بأكثر من2 مليار جنيه ثم أخذ بعد ذلك مكافأة نهاية الخدمة.. كل هؤلا'ء مطلقوا اليد وليس لديهم مايسمي تضارب مصالح. وكيف سيكون رئيس الجمهورية القادم في هذه الأجواء؟! - الرئيس القادم هو الذي سيختاره الشعب ولكي يستطيع الشعب المصري أن ينتخب رئيسه فعلا لابد للشعب أن يتنفس الحرية ويأخذ وقتا ولايتم هذا في ستة أشهر فقط ولا تكون المواد الدستورية المحددة لرئيس الجمهورية بهذا الشكل العبثي.. فالرئيس الجديد لابد أن يرضي عنه الشعب المصري وليس كما قال د.مصطفي الفقي قبل شهور بأن الرئيس القادم لابد أن ترضي عنه أمريكا وإسرائيل وأنا أقول له لا يا أستاذ, الرئيس القادم هو من سيرضي عنه الشعب المصري فقط.. وأنا أعتقد أ الفقي قال هذا الكلام ليبر أن جمال مبارك هو الذي ترضي عنه أمريكا وإسرائيل وبذلك فهو يدعو لجمال مبارك هذا الرجل الذي يظهر كبطل اليوم!! ما الذي تريده تحديدا من المجلس الأعلي للقوات المسلحة؟ - أرجو من المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يوقف هذه التعديلات الدستورية فالدستور سقط فعلا ويصدر بيانا دستوريا تعلن فيه المباديء الأساسية ولا يلتفت للمرشحين لرئاسة الجمهورية لأن كل منهم يريد أن يستلم البلد بسرعة وكيف يستلمها وهي خرابة ولابد أن تعود مصر واقفة علي قدميها في إطار جديد ومختلف وأن تقيل الأشخاص الذين لا يرضي عنهم الشعب وتبدأ في تغيير القوانين ولا مانع من استمرار قانون الطواريء لحين استعادة الأمن الكامل وسيكون ذلك باعادة الداخلية من خلال تعيين وزيرا للداخلية جديد بعد أن فشل الوزير الحالي في إعادة ضباطه باستثناء القليل من عساكر المرور فقط ويظهر المجلس العسكري قدرامن الصرامة ومن لا يلتزم يحاكم عسكريا هذه ليست لعبة إنما هذا أمن الأمة. كما أطالب المجلس الأعل بحل المجالس المحلية لأنها مجالس للحزب الوطني وهي مجالس للنهب والسلب علي المستوي المحلي وهذه الاجراءات إذا تم اتخاذها ستتوقف مظاهرات التحرير وسيشعر المواطن الفقير الذي يجب أن نأخذ حقه بعد استبعاده ثلاثين عاما سيشعر بالانجاز ونبدأ في رسم المدي الطويل للدولة ونختار حكومة نهائية ورئيس جمهورية منتخب فعلا. كما أرجو وضع حد أقصي للأجور وهذا ممكن فليس من المعقول أن نجد موظف بنك يتقاضي006 جنيه فقط, بينما يقدر راتب رئيس مجلس الادارة ب5 ملايين جنيه, أما الحد الأدني للأجور فينبغي تأجيله مؤقتا لأنه لا يمكن تنفيذه إلا بعد استقرار الأوضاع وانتظام عجلة الانتاج.. ولكن وضع حد أقصي للأجور في كل المؤسسات سيؤدي إلي تهدئة الجميع وإلي استقرار الأوضاع في أماكن العمل.