سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 19-9-2024 بعد خفض الفائدة    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    انفجرت بيد عناصر حزب الله في لبنان، ما هي أجهزة آيكوم؟    أستاذ علوم سياسية: الأسابيع الست المقبلة من أصعب المراحل على المنطقة    إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في هذا الموعد    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    مصيلحي يكشف كواليس جلسة الأندية مع الرابطة    اتحاد الكرة: تغيير لائحة كأس مصر وارد ليس لمجاملة الأهلي    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    شديد الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الخميس (خلوا بالكم الصيف مخلصش)    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    كوريا الشمالية تنجح فى اختبار إطلاق صاروخ باليستي قادر على حمل رأس حربي كبير    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    «أنبوبة البوتاجاز» تقفز ل 150جنيهًا    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    8 شهداء في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين بحي الشجاعية شرق مدينة غزة    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    إصابة 12 شخصا إثر تصادم 4 أتوبيسات على طريق السخنة    الشاب خالد: والدي طلب مني أسامحه قبل وفاته "لهذا السبب"    توافق «مصرى- أمريكي» على الوقف الفوري للحرب    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    عقب تدشينها رسميا، محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة "بداية جديدة "    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    محمد فاروق: المنظومة التحكيمية مليئة بالصراعات.. ومحاولات لإبعادي من رئاسة اللجنة    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    الزمالك يتحرك للتخلص من هذا اللاعب    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    حقيقة عودة إضافة مادة الجيولوجيا لمجموع الثانوية العامة 2025    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    سيلتك يكتسح سلوفان براتيسلافا بخماسية في دوري أبطال أوروبا    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    «زي النهارده».. حسين كامل سلطاناً على مصر 19سبتمبر 1914    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    "دوري أبطال أوروبا".. مواعيد مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    القناة 12 الإسرائيلية: الكابينيت يعطي الضوء الأخضر لنتنياهو وجالانت لاتخاذ خطوات ضد حزب الله    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    هيفتشوا وراك.. 5 أبراج تبحث في موبايل شريكهم (تعرف عليها)    أسماء جلال جريئة ومريم الخشت برفقة خطيبها..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| مفاجأة صلاح التيجاني عن النجوم وحقيقة خضوع نجمة لعملية وتعليق نجم على سقوطه بالمنزل    خالد الجندى: عدم الاهتمام بإراحة الجسم يؤدى لاضطراب الصلاة والعبادات    خسوف القمر 2024..بين الظاهرة العلمية والتعاليم الدينية وكل ما تحتاج معرفته عن الصلاة والدعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة في مواجهة الأزمة المجتمعية
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2011

ظننت أنني بعد أن قمت بتأصيل مفهوم العجز الديمقراطي كما يستخدم اليوم في علم السياسة المقارن‏,‏ أستطيع أن أنتقل للحديث عن مظاهر وأسباب وتفسير العجز الديموقراطي العربي‏.‏ غير أنني بعد تأمل طويل أدركت أن المسألة لا تتعلق بالعجز الديمقراطي في حد ذاته‏,‏ أي الافتقار إلي مقومات أساسية للديمقراطية‏,‏ بل اننا في الواقع بإزاء أزمة مجتمعية شاملة‏.‏ وحين نقول أزمة مجتمعية فنحن نعني أنها تتعلق بالمجتمع ككل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والقيمية والثقافية‏.‏ ذلك أنه لا يكفي رد الأزمة الديمقراطية في المجتمع العربي المعاصر إلي مجرد السلوك السلطوي لأهل السلطة بما يمثلونه من عصبيات وانتماءات طبقية‏,‏ وتشبت شديد بالحكم لدرجة الإغلاق التام لباب تداول السلطة تحسبا أن تأتي فصائل سياسية منافسة‏,‏ سواء عن طريق الانتخابات أو عن طريق الانقلابات‏,‏ تهدد أوضاعها السياسية وتهز امتيازاتها الطبقية‏,‏ بل إن المسألة تتعلق أيضا بسلوك الجماهير‏.‏
أي أننا أمام معضلة حقيقية تتعلق بسلوك النخبة السياسية وسلوك الجماهير أيضا‏,‏ في سياق اجتماعي وثقافي يسوده الفقر والأمية والاستغلال‏,‏ بما أدي إلي ظاهرة الاغتراب الواسع المدي‏,‏ وتدهور الروح المعنوية للجماهير‏,‏ وسيادة اليأس بين صفوفها‏,‏ بعد أن تردت أوضاع الأحزاب السياسية المعارضة‏,‏ التي كانت كفيلة لو قامت بأدوارها بفعالية أن تدافع عنها وعن مصالحها الطبقية‏.‏
ولعل التطورات السياسية البالغة الأهمية التي حدثت في النظام السياسي المصري تمثل بكل ما دار فيها حالة دراسية نموذجية‏,‏تبرز الحقيقة التي أشرنا إليها وهي أننا بإزاء أزمة مجتمعية شاملة‏,‏ وليس مجرد عجز ديمقراطي يمكن أن يزول‏,‏ لو قضينا علي الملامح السلطوية للنظام السياسي الراهن‏.‏
وما حدث قد يجد بدايته في المبادرة التي أقدم عليها الرئيس السابق محمد حسني مبارك حين أرسل خطابه الشهير إلي كل من مجلسي الشعب والشوري طالبا تعديل المادة‏76‏ من الدستور‏,‏ حتي تكون الانتخابات الرئاسية التي تتعلق باختيار رئيس الجمهورية تعددية‏,‏ بمعني أنها لا تقوم علي أساس الاستفتاء الشعبي بعدأن يسمي مجلس الشعب مرشحا بأغلبية الثلثين‏,‏ كما كان ينص النص القديم للمادة‏76,‏ وإنما يفتح الباب لانتخابات رئاسية تعددية لأول مرة في التاريخ السياسي المصري‏,‏ منذ تحول النظام السياسي المصري من نظام ملكي إلي نظام جمهوري بعد ثورة يوليو‏.1952‏
ومما لا يك فيه أن تعديل المادة‏76‏ بالرغم من الملاحظات النقدية الموضوعية التي وجهت إلي صياغتها‏,‏ والتي عبرنا عنها بكل صراحة في جلسة الاستماع التي عقدت في مجلس الشعب‏,‏ والتي دعيت فيها مع عدد من الشخصيات العامة لإبداء الرأي فيها‏,‏ قد أحدثت حالة من الحراك السياسي غير المسبوق في التاريخ السياسي المعاصر‏.‏
فقد أدي هذا التعديل إلي إقدام كل الأحزاب السياسية المصرية بالرغم من التفاوتات الضخمة في قوتها الجماهيرية إلي ترشيح مرشحين لها للتنافس مع رئيس الجمهورية الذي نزل الانتخابات باعتباره مرشحا للحزب الوطني الديمقراطي‏.‏ وذلك لأن تعديل المادة سمح للأحزاب السياسية المصرية كلها هذه المرة فقط أن ترشح مرشحيها للرئاسة من بين قادتها بدون أي قيود‏,‏ في الوقت الذي وضعت فيه قيود صعبة أمام المستقلين‏,‏ تكاد تكون شروطا تعجيزية‏.‏
وبغض النظر عن التفصيلات فقد جرت الانتخابات الراسية فعلا بين مرشحين متعددين وفاز فيها كما هو معروف الرئيس السابق مبارك بأغلبيج تدور حول‏80%‏ من أصوات الناخبين‏.‏
وأعقب ذلك طبقا للدستور دعوة الناخبين إلي الانتخابات النيابية لاختيار أعضاء مجلس الشعب‏.‏ هذه الانتخابات بالذات يكمن اعتبارها حالة دراسة نموذجية للأزمة المجتمعية التي تحدثنا عنها في صدر المقال‏,‏ والتي تتجاوز بكثير مشكلة العجز الديمقراطي التي أشرنا إليها‏.‏
لقد تجمعت في هذه الحالة بالذات عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحتاج إلي دراسة شاملة‏.‏
ولنبدأ بالعوامل السياسية أولا‏.‏ فيما يتعلق بسلوك النخبة السياسية الحاكمة ظهر بكل جلاء أنها لا تقبل ببساطة مبدأ تداول السلطة‏.‏ ولعل ذلك ظهر جليا وواضحا في الصياغة الدستورية المانعة للمادة‏76‏ من الدستور‏,‏ والتي اشترطت بالنسبة للأحزاب السياسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة أن يحصل الحزب علي نسبة‏5%‏ من الأصوات حتي يكون من حقه ترشيح أحد قياداته للانتخابات الرئاسية‏.‏
أما بالنسبة للمستقلين فعلي كل من يرغب منهم أن يحصل علي توقيع‏250‏ شخصا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري وأعضاء المجالس المحلية في احدي عشرة محافظة حتي يسمح له بالتقدم إلي الترشيح‏.‏
وبغض النظر عن صياغة المادة‏76,‏ فقد أعلن قادة الحزب الوطني الديمقراطي في بداية الانتخابات أنهم حريصون علي تحقيق أغلبية مطلقة مريحة‏,‏ حتي يمرروا تشريعات الإصلاح الدستوري والسياسي التي يريدون تقديمها لمجلس الشعب بغير مشاغبات من أحزاب المعارضة‏.‏
ودارت المعركة في ظل هذا التوجيه الذي أثر ولا شك علي العنف الشديد غير المسبوق الذي ظهر في الانتخابات التي دارت في مراحلها الثلاث المختلفة‏.‏
أما أحزاب المعارضة المفككة فقد دخلت المعركة بغير إعداد مسبق‏,‏ محرومة من قواعد جماهيرية متماسكة‏,‏ بحكم حالة الضعف الشديد التي انتابتها نتيجة التضييق علي نشاطاتها الحزبية من ناحية‏,‏ وبحكم مشكلاتها الداخلية من ناحية أخري‏,‏ والتي تتمثل في شيخوخة القيادات‏,‏ وعدم قدرتها علي التطور‏,‏ والقضاء علي الديمقراطية الحزبية‏,‏ والانفراد باتخاذ القرار داخل كل حزب‏,‏ والتضحية بأجيال الوسط من الشباب‏,‏ الذين كانت لديهم القدرة علي تجديد شباب الأحزاب‏.‏
ولم يدخل الانتخابات وهو علي أهبة الاستعداد تنظيميا وجماهيريا سوي حزب سياسي واحد غير قانوني هو جماعة الإخوان المسلمين المحظورة‏,‏ والتي أثبتت مع ذلك أنها أقوي حزب سياسي مصري بحكم أنه نجح من مرشحيها‏88‏ مرشحا في مجلس الشعب‏,‏ في الوقت الذي ضاعت فيه أحزاب المعارضة الأخري‏,‏ التي لم تحصل إلا علي مقاعد محدودة للغاية وغير مؤثرة‏.‏
إذا كان ما سبق هو عينة صغيرة من سلوك النخبة السياسية‏,‏ سواء منها نخبة الحكم أم نخبة المعارضة‏,‏ فإن موقف الجماهير في هذه الانتخابات كانت له دلالات بالغة الأهمية‏.‏ وكانت أهم هذه الدلالات هو مقاطعة الجماهير في أغلبيتها العريضة للانتخابات‏.‏ ذلك أن النسبة المتفق عليها لمن شاركوا في التصويت لا تزيد علي‏25%‏ إلا قليلا‏,‏ ومعني ذلك أن ظاهرة اللامبالاة السياسية وصلت إلي أقصي آمادها‏,‏ لأن الأغلبية العظمي من المصريين نتيجة عوامل متعددة‏,‏ أهمها الافتقار إلي المصداقية للعملية السياسية كلها بما فيها الانتخابات‏,‏ جعلتها تحجم عن المشاركة‏.‏ وفي تقديرنا أن أحداث العنف الحادة التي سادت الانتخابات ومن بينها استخدام البلطجة من قبل كل الأطراف بطريقة منهجية‏,‏ أدت إلي إفساد العملية الانتخابية في عديد من الدوائر‏,‏ مما أدي إلي ترسيخ ظاهرة اللامبالاة السياسية‏.‏ ذلك أن المواطن الذي شهد هذه الانتخابات بالصوت والصورة بما دار فيها من بلطجة وعنف وسقوط القتلي والجرحي‏,‏ ما الذي يدفعه في المستقبل أن يخرج من سلبيته ويذهب للمشاركة في الانتخابات التي تحولت بكل المعايير إلي عملية بالغة الخطورة علي الأمن الشخصي للمواطنين‏.‏
أما عن العوامل الاقتصادية فحدث ولاحرج‏!‏ فقد اجتمع عامل الغني الفاحش مع عامل الفقر الشديد‏,‏ لكي يؤثر تأثير حاسما علي نتيجة الانتخابات‏.‏
أنفق عديد من المرشحين ملايين الجنيهات ليس في مجالات الدعاية فقط‏,‏ ولكن في مجال الرشاوي الانتخابية‏,‏ التي تمثلت في إعطاء مبالغ مالية للناخبين لكي يصوتوا لهم‏.‏ وهذا ما أثار تساؤلات الجماهير هل الفوز بمقعد في مجلس الشعب يستأهل هذا الإنفاق المذهل أم أن ضمانات المقعد‏,‏ والتي تتمثل أساسا في الحصانة البرلمانية أحد عوامل الجاذبية‏,‏ وخصوصا في محيط زاخر بالفساد بكل أنواعه‏,‏ إذ سبق للحصانة البرلمانية في حالات متعددة أن منعت التعامل القانوني السليم معه‏.‏ وهل ما يتيحه المقعد البرلماني من نفوذ يساعد عددا من المرشحين في تمرير مشروعاتهم الاقتصادية أحد عوامل الإقبال غير المسبوق من طوائف شتي علي الترشيح؟
ومن ناحية أخري‏,‏ فإن ظاهرة الفقر الشديد دفعت جماهير عديدة إلي قبول الرشاوي الانتخابية‏,‏ مما يعني عدم اعتدادهم أصلا بمسألة الاختيار الحر المباشر للمرشحين في ضوء برامجهم السياسية التي ستحقق مصالح الناس‏.‏
وهذا يعني أن الغني الفاجر من ناحية‏,‏ والفقر الشديد من ناحية أخري‏,‏ أديا إلي طبع عملية الانتخابات بهذا الطابع الفاسد الذي يفتقر إلي أبسط قواعد الديمقراطية‏.‏ غير أن العوامل السياسية والاقتصادية ليست سوي المقدمة لهذا الزحف غير الديمقراطي علي العملية السياسية‏.‏ وأمامنا العوامل الاجتماعية والتي تتمثل أساسا في سيادة القبلية والعصبيات وخصوصا في المناطق الريفية‏,‏ حيث الولاء أساسا ليس للحزب السياسي‏,‏ وإنما للقبيلة أو العصبية‏.‏
وتبقي أخيرا العوامل الثقافية‏,‏ والتي من أبرزها ظهور طاقات مكبوتة من العنف الشديد والتي أدت إلي استخدام البلطجة والأسلحة البيضاء‏,‏ وفي بعض الأحيان الأسلحة النارية‏,‏ لفرض مرشحين معينين‏.‏ وإذا أضفنا إلي ذلك اعتماد التزوير في بعض الدوائر وسيلة لفرض مرشحين معينين‏,‏ لأدركنا أننا أمام أزمة ثقافية عميقة‏.‏
ثم جاءت انتخابات مجلس الشوري وتلتها انتخابات مجلس الشعب‏,‏ والتي كانت تزويرا فاضحا خطط له الحزب الوطني الديمقراطي لكي يستبعد المعارضة تماما‏.‏
وقد أدي ذلك إلي انسداد الديمقراطية أمام الشعب المصري بكل طوائفه‏,‏ وبذلك وصلت الأزمة المجتمعية إلي منتهاها‏,‏ وانفجرت ثورة‏25‏ يناير‏2011,‏ والتي بدأت كحركة احتجاجية شبابية‏,‏ وسرعان ما تحولت إلي ثورة شعبية شاملة‏.‏
ولو تأملنا تجلياتها السياسية والثقافية لأدركنا أن الشعب المصري قرر أن يعيد صياغة نظامه السياسي ليصبح ديمقراطيا حقيقيا‏,‏ وأن يتجاوز سلبيات سلوكه الاجتماعي وممارساته الثقافية‏,‏ لكي يحرص كل مواطن علي صوته في أي انتخابات مقبلة‏,‏ علي أساس أن الشعب هو الذي سيخلق صورة مصر الجديدة‏.‏
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.