الطريق الي سيناء هذه المرة يبدو مختلفا كثيرا برغم غياب الكمائن الأمنية,.. والكلام مع الناس هنا تغيرت مفرداته, برغم أن مطالبهم لم تتغير منذ سنوات... كل ما هنا يشعرك كزائر لأرض الفيروز بالأمل في غد أفضل, خاصة إذا كنت ممن تعودوا علي زيارتها من قبل. شباب القبائل ومشايخها الجدد الذين أثبتوا وجودهم خلال فترة الانفلات الأمني خلال أيام الثورة, يبحثون عن وحدة الرأي بين البدو والحضر وانهاء ظاهرة العنف... وبرغم أن إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين وفحص الأحكام الغيابية, والتحقيق في ملابسات كل تهمة تم توجيهها دون ذنب لأحد المواطنين. إلا أن الشباب هنا يطرحون فكرة انشاء فضائية محلية تلقي الضوء علي تراثهم وعاداتهم القديمة في نفس الوقت الذي تعبر فيه عن همومهم ومطالبهم. هناك في منطقة نويبع الترابين, نزل ممثلو شباب ومشايخ قبائل شمال وجنوب سيناء ضيوفا علي دواوين قبيلة مزينة بجنوب سيناء والهدف التفاهم علي إعداد وثيقة بمطالب أبناء سيناء يتم رفعها للمجلس العسكري. موسي الدلح, منسق شئون القبائل, قال لي: إن الحوار أقصر الطرق للنجاة ونحن عازمون علي حماية سيناء والدفاع عن أرضها بدمائنا وأرواحنا, أما رسالتنا لكل المصريين في كافة المحافظات فهي باختصار, لا تقلقوا علي سيناء ودماء شهدائكم أمانة في أعناقنا. أما هنا في سيناء, فوحدة القبائل من القنطرة إلي رفح ومن البحر إلي الخليج شعارنا في المرحلة القادمة. الشيخ سليمان فراج يتذكر أنه عندما أعلن القبض علي وزير الداخلية السابق أن القبائل قد أقامت الولائم خاصة في وسط سيناء ونحروا الذبائح كما قال لوجه الله وقال إن الدعوة كانت عامة لكل مقيم علي أرضها. ويضيف: إن شباب القبائل قام بحماية المنشآت العامة في غياب الشرطة, وقاوم أعضاء اللجان الشعبية اللصوص, كما قام آخرون بإجلاء السكان والإبل والأغنام إلي مناطق آمنة بعيدا عن إمتداد خط الغاز الطبيعي الذي يمر عبر مناطقهم... الشيخ جميعان أبو مسوح يؤكد أن شباب البدو الذي اتهموا في قضايا جنائية هم الذين رافقوا المهندسين والفنيين لاغلاق كافة المحابس وغرف التفتيش, ويحمل شركة الغاز مسئولية أي تدمير يتعرض له الخط لأنها لم تقم بتغطية الأجزاء التي كشفت عنها السيول, برغم مناشدتنا لها علي مدي عامين, كما أنها رفضت أن توظف شبابا من البدو لحمايته, واتهم عناصر أجنبية بمحاولة إحراق أنبوب الغاز, خاصة أن عصابات ملثمة ترفع أعلاما سوداء شوهدت في مدينة رفح خلال الأيام الأولي للثورة ويضيف, أننا اعتبرنا أيام الثورة من الشهور الحرام التي لا يجوز فيها الخلافات الأهلية أو الاعتداء علي الآمنين, ليس ذلك فقط ولكننا دعونا إلي تأجيل أي مطالب مهما كانت مشروعة لحين استقرار الأوضاع. وعما انتهت اليه لقاءات شباب البدو ومشايخها من مطالب, قال مطاوع أبو عنيز إن المسئولين في العهد الجديد يجب أن ينزلوا إلي أرض الواقع, وأن يستمعوا للمواطنين, فعلينا أن نتعلم من أخطاء الماضي, خاصة أن المطالب الحالية هي نفس ما طالبنا به مسبقا, ولكن روح الثورة التي عمت أرجاء الوطن زادت من مساحة الأمل لدينا بمشروعية تحقيق مطالبنا. كما أن الحلول المناسبة لا تختلف عما سبق عرضه. ولكن المهم أن نبدأ والأهم أن يكون ذلك عاجلا ويضيف ان قيادات القبائل تطالب برفع أراضي سيناء مساحيا, وتحديث بياناتها مع مراعاة المشروعات القائمة بالفعل ووضع لوائح تثمين للأراضي وفقا لقربها أو بعدها عن الخدمات, كما نلتزم بالضوابط التي تحددها الدولة في عقود تمليك الأراضي التي نطالب بها منذ تحرير سيناء. ويؤكد أن الوثيقة التي وافق عليها الجميع تطالب بعمل خرائط تخطيط عمراني في كل مناطق سيناء, بالتعاون مع السكان المحليين لتحديد كيفية الأستفادة بنها. ويشير وليد رمضان إلي أن الالتزام بالعرف البدوي سيفيد أي حكومة مركزية أو محلية والدليل علي ذلك هو توقف عمليات التوثيق خلال الشهر الماضي, كما أننا ندعو الوزير المسئول عن الأدارة المحلية والمحافظ أن تتم الموافقة علي اختيار مساعدين من أبناء القبائل لكل رئيس مدينة أو مديرية بعد تدريبهم وذلك لمساعدة المسئولين المحليين علي أداء وظائفهم, خاصة إذا كانوا من أبناء المحافظات الأخري, وتدعو الوثيقة أيضا إلي نقل الوظائف القيادية بالقري والمدن تدريجيا لأبناء سيناء المؤهلين. مرة أخري يتحدث موسي الدلح ويقول إننا نسعي للتواصل مع أجهزة الدولة المختصة لدراسة كيفية الارتقاء بالمستويات الثقافية والمعيشية لأبناء سيناء, وأيضا الحفاظ علي الهوية البدوية وتحديثها لتحقيق الأندماج مع أبناء مصر في كل المحافظات, كما أننا ندعو إلي تجهيز دروع بشرية مثقفة تواجه المشروع الحضاري علي الجانب الآخر من الحدود.