أول يوم عمل له.. محافظ الدقهلية يُشارك في الاحتفال بالعام الهجري الجديد    ماذا يريد الشعب من الحكومة؟    جريمة موثقة أضرت بالتعليم.. نقابة المحامين تعلق على واقعة الغش الجماعي بالدقهلية    وزير التموين يحسم مصير رغيف الخبز (فيديو)    قوات الاحتلال تقتحم بلدة تقوع شرق بيت لحم    مجلس التعاون الخليجى يدين قصف إسرائيل لمدرسة الجاعونى التابعة للأونروا بغزة    مقتل شخصين إثر قصف روسي على مبانٍ في خيرسون الأوكرانية    أحزاب يمينية هولندية وإسبانية تنضم إلى الحزب التابع لرئيس وزراء المجر    نادر شوقي: جالي 50 مكالمة عشان مطلعش وأقول حقيقة ما حدث ل أحمد رفعت    نجوم الرياضة في عزاء أحمد رفعت بكفر الشيخ | فيديو    يورو 2024 – كومان: لهذا السبب أشركت فيجورست.. ومن الممكن لعبه ضد إنجلترا    إعادة الامتحان ومعاقبة المتورطين.. التعليم تكشف تفاصيل جديدة بشأن واقعة "الغش الجماعي" بالدقهلية    بحضور حسام حبيب.. جهات التحقيق تعاين الاستوديو محل الاعتداء على شيرين عبد الوهاب    بدء مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة | فيديو    شيرين تحرر محضر اعتداء بالضرب ضد حسام حبيب والأخير يكشف السبب    خبراء صناعة: نتماشى مع توجه الدول ونعمل على تأهيل الشركات للتصدير    جمال شعبان يكشف مفاجأة عن سبب وفاة أحمد رفعت    سحر القهوة: تاريخها، فوائدها، وأثرها الثقافي في العالم    الكلية العسكرية التكنولوجية تستقبل وفدًا من جامعة العلوم للدفاع الوطنية الصينية    موعد مباراة هولندا ضد إنجلترا في نصف نهائي يورو 2024    لليوم ال 274.. الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعيةوينسف المبانى بالشجاعية و"غوتيريش" يحذر من حرب شاملة    فاجعة تضرب الكرة المغربية.. غرق لاعبين بنادي اتحاد طنجة بعد انقلاب قاربهم    مجلس أمناء الحوار الوطني يتوجه بالشكر للرئيس السيسي لاهتمامه البالغ بالحوار    محافظ كفر الشيخ يتفقد المشروعات التنموية والخدمية الجارى تنفيذها.. صور    هل يتم وضع تسعيرة جبرية على السلع لضبط الأسعار؟ وزير التموين يُجيب (فيديو)    شاهد بالبث المباشر منتخب البرازيل اليوم.. مشاهدة منتخب البرازيل × الأوروجواي Twitter بث مباشر دون "تشفير" | كوبا أمريكا 2024    نادر شوقي يفجر مفاجأة بشأن وفاة أحمد رفعت    عام واحد.. رئيس نادي مودرن سبورت يحدد مصير راتب أحمد رفعت بعد وفاته    جمال علام: وفاة أحمد رفعت صادمة لجميع المنظومة.. وأجهزة صدمات القلب موجودة    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 7 يوليو 2024    سعر الفراخ البيضاء يتراجع وكرتونة البيض ترتفع بالأسواق اليوم الأحد 7 يوليو 2024    وفاة مسن ضربه أبناء شقيقه بعصا على رأسه في الغربية    الذكرى السابعة ل«ملحمة البرث».. حين أفشل منسي ورجاله مخططات الإرهاب    رسميًا.. الحكومة تُحدد موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2024 في مصر (فيديو)    72 ألف متر مربع.. كل ما تريد معرفته عن ميناء الصيادين بسفاجا    اتحاد الصناعات: الحكومة السابقة بذلت جهودا في مناخ صعب ومشكلات كثيرة    بالأسماء، ترشيحات نقابة الصحفيين لممثليها في عضوية الأعلى للإعلام والوطنية للصحافة    استدعاء شيرين عبدالوهاب للتحقيق في بلاغها ضد حسام حبيب بضربها    حظك اليوم برج القوس الأحد 7-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هشام ماجد وهنا الزاهد يعيدان فيلم «البحث عن فضيحة» برعاية تركي آل الشيخ    «اللي له حق عندي يسامحني».. تعليق نشوى مصطفى بعد نجاتها من حادث خطير بسيارتها    اليوم غرة محرم.. العام الهجري الجديد 1446    آخر فرصة للتقديم.. وظائف خالية بجامعة الفيوم (المستندات والشروط)    الأكاديمية العسكرية المصرية تحتفل بتخرج الدفعة الأولى (ب) من المعينين بالجهات القضائية بعد إتمام دورتهم التدريبية بالكلية الحربية    عاجل.. رئيس مودرن سبورت يكشف تفاصيل عقد أحمد رفعت وقيمة راتبه المستحق لأسرته    احذروا.. تناول هذه الإضافات في الآيس كريم قد يشكل خطراً على الصحة    طبيب اللاعب أحمد رفعت يكشف تفاصيل حالته الصحية قبل وفاته    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو وصفقة مع "حماس"    تعرف على أبرز مطالب مواطني الإسكندرية من المحافظ الجديد    ضبط 3 بلطجية المتهمين بالتعدي على شاب في المرج    «الطرق والمستشفيات والتعليم والقمامة».. ملفات على طاولة محافظ المنوفية بعد تجديد الثقة    سبّ وضرب في اللايف.. كواليس خناقة داخل مستشفى بأكتوبر    البحث ما زال مستمرا.. غرق قارب يقل 3 لاعبين من اتحاد طنجة المغربي    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التعليم تراجع نموذج أسئلة الكيمياء للثانوية    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكي يكون الدستور المصري‏..‏ دستوريا‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 03 - 2011

يعرف كثير من الناس في مصر ودول عربية أخري مبدأ دستورية القوانين‏.‏ وقد تابعوا تطبيقات شتي لهذا المبدأ من خلال النقاش العام حول مدي دستورية بعض القوانين‏,‏ أي انسجامها مع نصوص في الدستور أو تعارضها مع هذه النصوص‏. .‏ كما أصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر أحكاما عدة قضت بعدم دستورية قوانين في حالات كان بعضها مشهورا‏,‏ ولا يزال‏.‏ ومنها مثلا الحكم بعدم دستورية القانون الذي أجريت علي أساسه الانتخابات البرلمانية عام‏4891‏ ثم عام‏7891,‏ مما أدي إلي حل المجلسين اللذين انتخبا في هذين العامين‏.‏
ولكن مبدأ الدستورية‏,‏ الذي ينصرف إلي مدي جدوي وجود الدستور في حد ذاته‏,‏ ليس معروفا علي نطاق واسع‏.‏ وقد حان الوقت لكي نعرفه ونستوعبه جيدا إذا أردنا دخول مرحلة جديدة فعلا في تاريخنا وبناء نظام سياسي دستوري حقا‏,‏ وبالتالي ديمقراطي‏.‏ فلا يمكن أن يكون النظام ديمقراطيا إلا إذا أقيم علي دستور يقيد السلطة السياسية ويخضعها للمساءلة والمحاسبة ويمكن المواطنين من تغييرها ويمنعها هي من تغيير إرادتهم أو تزييفها‏.‏
فلا جدوي من دستور في غياب مبدأ الدستورية هذا‏,‏ ولا دستورية في حالة دستور يطلق السلطة السياسية ويمكنها من تغيير ارادة الشعب أو التلاعب بها‏,‏ فتفقد هذه الإرادة صفتها التي لا يوجد مبدأ الدستورية إلا حين تكون هي مصدر تلك السلطة‏.‏
والدستور الذي لا يقوم علي مبدأ الدستورية لا يكون دستورا من الناحية الفعلية‏,‏ الأمر الذي قد يتيح أن نطلق عليه صفة تبدو غير مألوفة لفظا أو لغة ولكنها عميقة المعني وهي أنه دستور غير دستوري‏.‏ وإذا كان القانون غير الدستوري محكوما عليه بالإلغاء في حال تطبيق مبدأ دستورية القوانين‏,‏ فكذلك الحال بالنسبة إلي الدستور غير الدستوري عندما يتم إعمال مبدأ الدستورية‏.‏
وهذا هو ما ينبغي أن يكون أساسا لبناء النظام السياسي الجديد في بلادنا إذا أريد له أن يكون جديدا حقا‏.‏ فالمشكلة في دستور‏1791‏ ليست في بعض نصوصه أو كثير منها‏,‏ بل في الأساس الذي قام عليه والفلسفة التي تحكمه‏.‏ فقد تم تفصيل هذا الدستور علي مقاس نظام حكم فردي يدور حول رئيس الجمهورية ويرتبط برغباته وأوامره وتعليماته وحكمته‏,‏ وكل ما عدا ذلك في هذا الدستور لغو لا قيمة له ولا جدوي منه‏,‏ بما في ذلك النص علي أن الشعب هو مصدر السيادة‏.‏
فلا سيادة لشعب إلا إذا كان قادرا علي مساءلة حاكمه ومحاسبته‏,‏ ومتمكنا من أن يؤيده أو يعارضه‏,‏ ومتمتعا بالحق في اختياره من عدمه‏,‏ وفي التجديد له لمرة ثانية وأخيرة أو تغييره‏.‏
ودستور هذا شأنه لا يمكن أن يكون مجديا لأن وجوده يتساوي مع غيابه‏.‏ وليس هناك دليل علي ذلك أكثر من أن السلطة السياسية‏,‏ التي يفترض في أي دستور حقيقي أن يقيدها‏,‏ تستطيع أن تغير فيه وفق مشيئتها وأن تضيف إليه وتحذف منه حسب رغباتها‏.‏
ولذلك لم تكن ثمة جدوي من النص علي تقييد المدي الزمني لرئاسة الدولة بفترتين اثنتين كحد أقصي في دستور‏1791‏ عند إصداره‏(‏ المادة‏77‏ في صياغتها الأولي‏).‏ فما أسهل تعديل أي نص في دستور لا يقوم علي مبدأ الدستورية‏,‏ بل علي مبدأ أن الحاكم فوق الدستور والشعب‏,‏ بل فوق الدولة نفسها‏.‏
فلم يكن هناك أسهل من تعديل المادة‏77‏ في دستور‏1791‏ عندما أراد الحاكم ذلك عام‏.0891‏ تكفي عدة مناشدات مصنوعة سابقة التجهيز‏,‏ وبيانات تؤكد أن المسيرة لم تنته‏(‏ وهي لا تنتهي أبدا في ظل غياب مبدأ الدستورية‏).‏ ولا مانع من بضع زغاريد تعبر بها نائبات في البرلمان عن فرحة الشعب اللامتناهية إذ قبل رئيسه أن يعطف عليه ويتفضل بالبقاء في السلطة بلا نهاية‏.‏
وقد حدث مثل ذلك في الجزائر عام‏8002,‏ إذ تم تعديل المادة‏47‏ في دستورها لكي تسمح بإعادة ترشيح الرئيس وانتخابه بدون حد أقصي‏.‏ ولولا الثورتان التونسية والمصرية‏,‏ لحدث ذلك أيضا في اليمن التي كان برلمانها قد أقر من حيث المبدأ في نهاية العام الماضي تعديل المادة‏211‏ من دستورها للغرض نفسه تمهيدا للمصادقة عليه قبل أول مارس‏.‏
ولكن الإنذار الذي وجهه شباب مصر وتونس لنظم الحكم في دول عربية أخري بدأت شعوبها بدورها في الاستيقاظ أدي إلي صرف النظر عن هذا التعديل في اليمن‏.‏ غير أن العودة إليه تظل واردة نظريا إذا هدأت الأوضاع‏.‏
ويعني ذلك أن الدستور غير الدستوري لا قيمة له ولا جدوي منه في غياب مبدأ الدستورية‏.‏ ولا يمكن أن تكون ثورة‏52‏ يناير مؤدية إلي مصر جديدة حقا إلا بإصدار دستور جديد يقوم علي مبدأ الدستورية‏,‏ الذي يقيد السلطة السياسية ويضع لها حدودا صارمة ويجعلها في الوقت نفسه أكثر فاعلية وكفاءة وقدرة علي الإنجاز‏.‏ كما يوفر لها المشروعية أيضا‏,‏ وذلك من خلال ترتيبات مؤسسية تضع قيودا علي ممارسة سلطة الدولة وتحدد استخداماتها المشروعة والأخري غير المشروعة وتضمن مراقبتها ومحاسبتها‏.‏
ولأن أي ترتيبات مؤسسية وإجرائية لا تقدم ضمانا كافيا أو نهائيا لاحترام مبدأ الدستورية‏,‏ حتي بعد إصدار دستور جديد يقوم علي هذا المبدأ وينطلق منه ويقيد السلطة السياسية ويجسد مبدأ السيادة للشعب‏,‏ فينبغي أن تكون المشاركة الشعبية الواسعة في ثورة‏52‏ يناير مدخلا للضمان الذي لا يعلي عليه وهو استعداد الناس لحماية الدستور حين يكون نابعا منهم‏.‏
ولعل احدي اكثر ظواهر ثورة‏52‏ يناير إيجابية ذلك الاهتمام الشعبي غير المسبوق بالدستور والجدل حوله‏.‏ ويمكن البناء علي هذه الظاهرة لتطويرها باتجاه وعي عام بحماية الدستور الجديد الذي ينبغي إصداره في أقرب وقت علي أساس مبدأ الدستورية‏,‏ بحيث يصبح الشعب هو مصدر السيادة نصا وعملا للمرة الأولي في تاريخنا‏.‏
ويتطلب ذلك‏,‏ حال التوجه لإصدار دستور جديد‏,‏ تحقيق أوسع مشاركة شعبية بشأنه‏.‏ وقد نحتاج‏,‏ والحال هكذا‏,‏ إلي التفكير في طريقة جديدة لإصدار هذا الدستور تتيح المشاركة الواسعة التي قد لا يمكن ضمانها بدون صيغة لإقامة لجان استماع علي أوسع نطاق في مختلف أنحاء البلاد‏,‏ لكي يحس المصريون جميعهم بأنهم شركاء في تأسيس مرحلة جديدة حقا وفي إعداد الدستور الذي يتوجب عليهم بعد ذلك حمايته من أي محاولات للعبث به‏.‏
المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.