الدولة القانونية هي الدولة التي تخضع أجهزة الحكم ومؤسساته فيها لحكم القانون, وهو ما يعرف بسيادة القانون, حين تكفل الحقوق الأساسية للمواطن ويتوج فيها الدستور علي قمة القواعد القانونية باعتباره القانون الأعلي والقاعدة الأسمي في سلم المنظومة القانونية للدولة, ومنشيء الهيئات والمؤسسات المكونة للبنيان السياسي للدولة. محددا سلطاتها الأساسية واضعا الضمانات الأساسية لحقوق المواطنين, ومدي سلطان الدولة عليهم, فالدستور هو الشريعة الأساسية التي تخضع لها سلطات الدولة وتلتزم بعدم الخروج عليها باعتبارها أسمي القواعد الآمرة عليها وهو ما يعرف بمبدأ سمو الدستور. والنظام الدستوري هو النظام الذي يحقق خضوع السلطة لقواعد تحكم وسائل ممارستها دون أن يكون في استطاعة هذه السلطة تعديل هذه القواعد أو الخروج عليها, فالحكومة الدستورية هي الحكومة المقيدة أي المحددة السلطة باعتبار أن السلطة امتياز شخصي للحاكم, وأن قواعد انتقالها ومباشرتها ليست وفق هوي ذلك الحاكم أو مشيئته المطلقة. ولما كان الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تتصل بتنظيم كيان الدولة وسلطاتها المختلفة واختصاص كل سلطة ولذا وجب الحفاظ علي وثيقة الدستور والنأي بها عن التعديل. وأثر ثورة الخامس والعشرين من يناير وما ظهر للجميع من خروج علي القواعد الدستورية وانتهاك سافر لحقوق المواطنين اثر التعديلات التي أدخلت علي الدستور القائم دستور1971 عام2005 بقصد ترسية كرسي الرئاسة علي شخص بعينه, فقد نودي بوجوب رد هذه التعديلات وتنقية الدستور من أوزارها وإنصياعا, لذلك فقد صدر قرار جمهوري بتشكيل لجنة لإعداد التعديلات المطلوبة وصرحت اللجنة أنها تنظر الآن في تعديل المواد179,93,89,78,77,76 وهي المواد المتعلقة بشروط الترشيح لرئاسة الجمهورية, وانتهت اللجنة من عملها وإحالته إلي مجلس الشعب. والحق أن ثورة الشعب في الخامس والعشرين من يناير أكدت إنهيار النظام السياسي وسندها في ذلك أن الأمر كله مرده إلي الأمة توسده إلي من تشاء وتقصي عنه من تشاء, وقد أظهرت الأمة إرادتها بدقة واضحة كشمس الضحي في إسقاط النظام ورموزه وكياناته السياسية من مجلسي شعب وشوري ومن ثم دستور سنة71 يكون قد سقط مع نظامه وبالتالي تظهر الحاجة ماسة إلي تشكيل لجنة تأسيسية تتولي وضع دستور جديد يلبي مطالب الثوار ويضع النصوص التي تضمن عدم تغول الرئيس علي باقي السلطات, وكذا تمنع تدخل أسرة الرئيس أو أحد من أفراد عائلته في شئون الدولة, كما يمنع التزاوج بين من يطلق عليهم رجال الأعمال و(السلطة السياسية) علي النحو الذي ظهرت آثاره البغيضة فيما تجريه الآن النيابة العامة من تحقيقات مع رموز الفساد في العهد السابق.وقد صدر قرار تشكيل اللجنة برئاسة الفقيه المستشار طارق البشري مع تخويله اختيار باقي أعضاء اللجنة من أهل الكفاية والخبرة. وأسأل الله أن يسلك بأمتنا سبيلا وسطا أمنا يكفل لها الأمن والأمان, وأن تحقق ثورة الشباب الناهضة آمالها وأهدافها. المستشار عبدالجليل محمد عبد الدايم النائب الأول لرئيس هيئة قضايا الدولة وعضو المجلس الأعلي للهيئة الأسبق