أشرف ابوالهول: بعيدا عن محاولات التهويل أو التهوين من القرارات, التي اتخذتها اللجنة المركزية لحركة فتح بالإجماع بحق النائب محمد دحلان القيادي البارز في الحركة ومنها استمرار تجميد عضويته في اللجنة وعزله من موقعه كمتحدث باسم اللجنة, فالشيء المؤكد أن هذه القضية تبرهن بما لايدع مجالا للشك أن السلطة الفلسطينية باتت قوية بما يكفي, بحيث أصبح بإمكانها أن تقف في مواجهة الأقوياء بشكل مؤسسي حتي تثبت الحقيقة. فالمتابع للشأن الفلسطيني ماكان يمكنه أن يتخيل منذ شهور قليلة أن أحدا في السلطة الفلسطينية يمكنه مواجهة رجل غزة القوي محمد دحلان, لما يتمتع به من نفوذ وقوة وعلاقات داخلية وخارجية جعلت الكثيرين ينظرون إليه علي مدي سنوات علي أنه الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية بل إن البعض كان يعتبره صانع الملوك والقوة المحركة خلف الرئيس محمود عباس( أبومازن). ولكن الواضح الآن أن أبومازن الذي ورث سلطة ضعيفة ومفككة بسبب طول فترة الحصار الذي فرضته إسرائيل علي سلفه الزعيم الراحل ياسر عرفات في المقاطعة برام الله حتي وفاته في نوفمبر2004, وإضعافها المتعمد للسلطة بقصف مقارها الأمنية والسياسية بغزة والضفة الغربية تمكن أخيرا من بناء أجهزة مؤسسية تسمح له بالعمل وفق القانون, وقد تجلي ذلك بالفعل في نجاحه في عقد المؤتمر السادس لحركة فتح بمدينة بيت لحم في أغسطس عام2009, وهوالمؤتمر الذي أسفر عن إجراء انتخابات جديدة للجنة المركزية والمجلس الثوري بعد أن جرت أخر انتخابات قبلها بعشرين عاما, وبفضل هذه الانتخابات أصبح النائب محمد دحلان عضوا في اللجنة المركزية, وهي نفس اللجنة التي تقوم بمحاسبته علي مانسب إليه من تجاوزات. إذن مايحدث الآن هو شيء مؤسسي بحت وليس صراعا شخصيا كما يتصور البعض, فمحاسبة أي مسئول فلسطيني باتت تتم طبقا للقانون, ولذلك فنحن لا نتخيل أن ماتردده بعض المواقع الإخبارية عن أسباب التحقيق مع دحلان أو تجميد عضويته صحيح جملة وتفصيلا وإنما يتضمن الكثير من المبالغات خاصة أن دحلان شخصيا يؤكد دائما احترامه لشخص الرئيس أبومازن, ناهيك عن رمزيته وأنه مع الشرعية التي يمثلها الرئيس الفلسطيني. وبرغم الاقتناع بأن مثل هذه القضايا لن يستفيد من إثارتها الآن سوي الجانب ألإسرائيلي الذي يريد البحث عن أية ذريعة للتملص من العملية السلمية واستحقاقاتها, وكذلك يستفيد منها أعداء المصالحة, والمستفيدون من بقاء الانفصال الحالي بين الضفة وغزة, إلا أننا وفي ذات الوقت نؤيد محاسبة كل مخطيء ومقصر إذا ثبت عليه شيء, ولذلك فإن علي الجميع ألا يقفز فوق النتائج وأن ينتظر انتهاء عمل اللجنة المكلفة بالتحقيق في المخالفات المنسوبة لدحلان, وعدم الالتفاف لما تتناقله وسائل الإعلام في غياب البيانات الرسمية بهذا الخصوص, فالمهم في النهاية أن يعلم الجميع أن القضية ليست شخصية ولاتتعلق بتصفية حسابات, ولكنها تتعلق بهيبة السلطة التي يجب أن تعلو فوق الجميع وألا يكون هناك أحد فوق القانون حتي لو كان دحلان شخصيا إن أخطأ.