يعتبر العقاد من أبرز مفكري عصره ويعد بحق ثالث ثلاثة قاما بأكبر دور في الحياة العلمية والثقافية والسياسية في تاريخ الفكر الإسلامي الحديث أولهما السيد جمال الدين الأفغاني وثانيهما الإمام محمد عبده.وعلي الرغم من اهتمامه الواضح باظهار محاسن الإسلام وشمولية أحكامه ومرونة شريعته وصلاحيته لكل عصر وبيئة, وذلك من خلال عقد المقارنات بينه وبين الأديان الأخري, فإنه لم ينل حظه من البحث والدراسة, حيث لا توجد دراسة سواء باللغة العربية أو الإنجليزية, خصصت لهذا الموضوع.. يعني اسهاماته في علم مقارنة الأديان ومنهجه في دراسة الإسلام ومقارنته بالأديان الأخري. ومن هنا تأتي أهمية الدراسة التي نال بها الباحث كمال بريقع عبدالسلام حسن درجة التخصص الدكتوراه في الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر مع مرتبة الشرف الأولي.. وتوصية بطبع الرسالة وتوزيعها علي الجامعات العربية والأجنبية تحت إشراف الدكتور محمد محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية والدكتور عبداللطيف عبدالحليم عبدالله أستاذ الدراسات اللغوية و الأدبية بجامعة القاهرة. الدراسة تهدف إلي عرض منهج العقاد واسلوبه في دراسة الأديان وتقويمه مع التركيز علي اسهاماته في مجال علم مقارنة الأديان وإثراء الحوار بين الأديان من خلال مناقشة آراء العقاد وتقويمها وعرض دراسته للأديان السماوية وغير السماوية, بالإضافة إلي أهمية دراسة الفكر الإسلامي الحديث دراسة نقدية متمثلة في دراسة كتابات العقاد وهو واحد من أبرز رواد الفكر الإسلامي. وكان من أهم النتائج التي توصل إليها الباحث في دراسته: أن فكر العقاد يجمع بين الأصالة والمعاصرة, ومن خلال دراسة العقاد للأديان تبين أنه يركز علي فكرتين جوهريتين.. الأولي: هي تطور الديانة من مرحلة إلي أخري.. والثانية هي مدي أصالة العقائد الدينية لأمة من الأمم, وما يمكن أن يحسب من اسهاماتها في تراث البشرية وما هو مستعار من الأمم الأخري, وقد تميزت دراسة العقاد للأديان بالموضوعية والموسوعية والحيدة, إذ أنه في أغلب الأحوال يرجع إلي كتبهم ويفسرها بطريقة هي أقرب إلي فكرهم, أو تكاد تتفق مع أقوال علمائهم من شراح كتبهم المقدسة. ومن أهم هذه النتائج هي بعد العقاد في دراسته للأديان عن الاسلوب الجدلي والدفاعي العقيم واسهامه الرائد في إثراء الحوار بين الأديان بشكل عام, والحوار بين الإسلام والمسيحية بشكل خاص. ويضيف د.كمال بريقع: أنه إذا كنا اليوم نسمع أصوات بعض العلماء ينادون بتجديد الخطاب الديني, ومقاومة التطرف الفكري الذي تشهده الساحة الإسلامية والعالمية ومكافحة ذلك الانفلات الدعوي من جانب أدعياء العلم ومن جانب غير المتخصصين والدعوة إلي التسامح بين الأديان والتعايش السلمي بين أتباعها ومعتنقيها والتعاون فيما بينهم. يري الباحث أن من أفضل الوسائل للخروج من هذا المأزق وتفتيت تلك القوالب الجامدة التي يحاول هؤلاء الأدعياء وضع الإسلام فيها.. هو إحياء تلك النماذج الفكرية الفذة والقامات العلمية الرفيعة المعتدلة, والاستفادة من كتاباتهم والوقوف علي أسباب تفوقهم والاقتداء بهم لتحقيق تلك النهضة العلمية التي ننشدها وإيجاد المناخ الفكري الملائم لتقدم الأمة وعودتها للريادة واستعادتها مكان الصدارة بين الأمم.