رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    مجلس الجامعات الأهلية يقف دقيقة حداداً على أرواح طلاب جامعة الجلالة    بث مباشر.. وزير التعليم يلقي بيانًا أمام مجلس النواب حول تطوير المنظومة    محافظ الدقهلية يتابع استكمال أعمال إزالة معرض سيارات مخالف للمرة الثانية    حتى نوفمبر المقبل.. «العمل» تتيح التقديم ل5548 فرصة عمل في 11 محافظة (تفاصيل)    وزير الشئون النيابية يبحث مناقشة توصيات «حقوق الإنسان»    جهاز العبور الجديدة يُطالب المواطنين بمنطقتين بسرعة إحضار مستند التواجد    6 شركات مصرية تشارك بمعرض «eurasia packaging» لتكنولوجيا الطباعة في تركيا    ارتفاع ملحوظ في أسعار الحديد والأسمنت بالسوق المحلية    وزيرة البيئة: لدينا نظام داعم لجودة الهواء وخبرات وطنية قادرة على إدارته    المالية: إصلاحات جديدة لتمكين الجهات الحكومية من تحقيق كفاءة أعلى في التخطيط    بعد استهداف "جليلوت"... وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون    من 7 أكتوبر إلى مٌسيرة حزب الله.. الاستخبارات الإسرائيلية تواصل الفشل    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لمساعدة روسيا في أوكرانيا    فصائل عراقية: هاجمنا بالطائرات المسيرة هدفًا حيويًا إسرائيليًا في غور الأردن المحتل    المؤتمر الأوروبي الفلسطيني يدعو للوقف الفوري لعدوان الاحتلال على غزة    موعد مباراة يوفنتوس وشتوتجارت في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    عاجل.. آخر تطورات قضية ثلاثي الزمالك المقبوض عليهم بالإمارات    رونالدو يقود تشكيل النصر المتوقع ضد استقلال طهران الإيراني في أبطال آسيا للنخبة    الشريعي يجيب.. لماذا لم يتقدم إنبي بشكوى ضد الأهلي بسبب حمدي فتحي؟    تقلبات جوية خلال الأيام المقبلة.. و«الأرصاد» توجه تحذيرات ونصائح للمواطنين    بقيمة 9 ملايين جنيه.. ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية    السيطرة على حريق مخزن شركة مشروبات غازية التهم منزلين في الشرقية    مصرع طفل وإصابة 13 شخصاً في 3 حوادث بالشرقية    وزير الزراعة: نسعى لخفض مستوى استهلاك مصر من المبيدات الكيماوية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    فنانون دخلوا موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية.. آخرهم شيرين عبد الوهاب    غداً.. بدء عرض مسلسل «6 شهور» بطولة نور النبوي    صناع عمل مش روميو وجولييت يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    علي جمعة يفسر قوله تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}    احذر من الإفلاس يوم القيامة.. كيف تنجو من النار بعمل سهل وبسيط؟    «الصحة»: مشاركة 1250 طبيبا من الزمالة المصرية في أول أيام المؤتمر العالمي للسكان    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    معلومات الوزراء: كبار السن سيمثلون 16% من إجمالي سكان العالم 2050    طلاب التربية الخاصة ب«تعليم البحيرة» يصعدون لنهائيات الكرة الخماسية    الجنايات تحسم اليوم مصير أحمد فتوح بتهمة القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات    رئيس «التنسيق الحضاري» عن فوزه بجائزة «الآثاريين العرب»: تتويج لرحلة 30 سنة ثقافة    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    «الاعتماد والرقابة» تنظم ورشة عمل تعريفية حول معايير السلامة لوحدات الرعاية الأولية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    عبدالجليل: حذرت لاعبي الأهلي من رمضان    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    «التموين»: طرح بيض المائدة في المجمعات الاستهلاكية بسعر 150 جنيهًا في هذا الموعد    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    كيف تتجنب توقف معاش تكافل وكرامة 2024؟ 14 شرطًا لعدم انقطاع المعاش (تفاصيل)    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    التجميد أو البيع.. اجتماع في الأهلي لحسم مصير كهربا    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    "غرامة وعقوبة وإيقاف".. ماذا يحدث في حالة اعتذار الزمالك عن السوبر؟    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يمن يغضب لنا؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 10 - 2010

شدني الشأن العام للكتابة حين يفيض بي الكيل‏,‏ وتصبح الكلمات والحروف في غيره نوعا من الرفاهية البلاغية‏,‏ وللأمانة التي يفترضها القارئ في الكاتب أن الإبحار في النفس البشرية والقضايا الإنسانية. هي في كثير من الأحيان هروب من الولوج في أمور الشأن العام‏,‏ خاصة حين يتناقص اكسجين الأمل في رئتي‏,‏ والملاحظ أن الناس تآلفت مع القبح والركاكة واستسلمت للواقع السيئ‏,‏ ولست سوداوي المزاج ولا ملتهب القولون النفسي‏,‏ ولا أعاني من اكتئاب مزمن‏,‏ بل علي العكس تماما‏,‏ فأنا أشكو من حماس زائد ومن تفاؤل مفضوح‏,‏ وعندي قناعة بأنه اذا لم أكن متفائلا بالغد وعندي أمل‏,‏ فالأولي أن أقود حركة‏(‏ لطم الخدود‏)‏ التي تشيع الحماس الي مثواه الأخير‏.‏
يشدني الشأن العام حين أشعر كمواطن من‏80‏ مليونا‏,‏ أن قضايا وشئونا حياتية تحتاج الي همسة أو صيحة أو شخطة أو للدقة غضبة‏(‏ بتسكين الضاد‏),‏ هذه الغضبة‏,‏ أقرؤها في العيون وتصلني علي الموبايل‏,‏ وهي حديث الناس في المقاهي والأندية وقزقزة المجتمع المخملي أيضا‏,‏ الناس عادة تبرطم بالمعاناة ثم يسكتون‏,‏ فالسلوك الذي يسيطر عليهم هو الصمت الثرثار مشفوعا بعبارة‏(‏ آدي الله وآدي حكمته‏),‏ ومازال المجتمع المدني يطل علي استحياء ومازال الاعتراف بدوره وفاعليته محدودا‏,‏ ومازالت المبادرات الفردية ضئيلة ولكنها تذوب وتتلاشي في بحر من البشر طوله وعرضه ثمانون مليونا‏.‏
من يغضب لنا؟ من يغضب اذا فاض بنا الكيل وطفح؟ هل هي الحكومة كجهاز تنفيذي؟
من منا لا يشكو من الكثافة المرورية وحركة سير السيارات كالسلاحف والغيظ الساكن في الصدور‏,‏ وهدة الحيل التي يعانيها البسطاء قبل الذهاب لأعمالهم فلا ينتجون شيئا‏,‏ هل اهتم أحد أو غضب لأن الناس بتتبهدل‏,‏ والشوارع صارت جراجات والشلل في الطريق يهدد بحالات ضغط دم وسكر؟‏..‏
الوحيد الذي غضب لنا هو رئيس الدولة‏,‏ صحونا علي صحف الصباح تعليق أن الرئيس ناقش في اجتماع موسع‏(‏ الخنقة المرورية‏)‏ واستبشرنا خيرا‏,‏ وبعد أيام قليلة عقد الرئيس اجتماعا ثانيا لنفس ذات الغرض واستبشرنا خيرا‏,‏ لم يضع الجهاز التنفيذي يده في يد الخبراء في هذا المجال‏,‏ لأن العقد تسيطر علي الحكومة عند الاستعانة بالعقول المصرية‏,‏ تركبها العفاريت اذا حاولت الجامعات أن تتعاون معها‏,‏ يعني هوه أحمد زويل قرف من قليل؟‏.‏
ولا أظن أن الرئيس سوف يطلب اجتماعا ثالثا لأن الرجل مشاغله أكبر‏,‏ برغم أنه في أزمات كثيرة حياتية مرت بالبلد كانت له غضبته وتوجيهاته‏,‏ شرح رئيس الدولة المشكلة ويبقي دور الأجهزة المعنية لتطرح مقترحاتها‏,‏ وعرض ذلك عبر حوار مجتمعي‏,‏ فأنا وأنت وهي وهو‏..‏ أطراف في المعادلة ولكن لا شئ تبدل أو تغير‏,‏ فمازال الخروج الي الشارع وركوب مواصلات أو سيارات خاصة مغامرة بكل المقاييس‏,‏ ربما يتحمل الناس جزءا من المشكلة‏,‏ ولكن هناك حتمية قرارات جادة لابد من اتخاذها دون بطء أو تردد‏,‏ ولكل إصلاح أو تطوير أو علاج ثمن‏.‏
الذي غضب لنا هو رئيس الدولة حين أصدر توجيهات بغضب للحكومة بتشديد الرقابة علي مخالفات السرعة بالطرق وعدم تمديد مهلة عمل المقطورات‏(‏ العالم كله يعمل بالشاحنات وتم إلغاء المقطورات التي تسبب الكثير من الحوادث‏),‏ فهل تناولت استوديوهات تحليل الحوادث التي زرعت مآتم في البيوت؟ لا أظن‏!‏ لقد انتهت الزيارة الرئاسية وستظل حوادث دماء الأسفلت من جديد والمتابعة في المشمش‏!‏
حين حدث اعتداء علي أرض جزيرة آمون في أسوان وفاحت الرائحة الكريهة وتهامس الناس‏,‏ فمن غضب؟ هل أوقفت الحكومة عقد البيع وهل جرؤ أحد علي التصدي للصفقة؟ لا أحد‏!‏ لكن رئيس الدولة وقد تحري كعادته من أطراف كثيرة‏,‏ قال‏:‏ قف‏!‏ هو الذي غضب وجاءت غضبته في صحف الصباح بإلغاء الصفقة فورا‏.‏
معني هذا‏,‏ أن رئيس الدولة صاحي ويقظ‏,‏ وحتي بطء قراراته تدبير لأن في رقبته‏80‏ مليون نسمة‏,‏ انه عين الصقر التي تري أوضح‏,‏ الفضائيات العاقلة والشاشات المتزنة تضع الحقائق ربما المسكوت عنها أمام الرأي العام‏,‏ وهذا دور إعلام مرئي موضوعي الهوية بديلا عن تقارير وردية أو مجاملة لا تقول الحقيقة‏,‏ واذا حجبنا الجرأة العفيفة في تناول عيوبنا‏,‏ فسوف تبقي العيوب وتستفحل‏:‏
من يغضب لنا من الاعتداءات الجسورة علي الأرض الزراعية التي تقلصت؟
من يغضب لنا من استيراد الفول المدمس والزيت‏,‏ وجبة ملايين المصريين؟ ومن يغضب لنا من جشع الوسطاء وتربح التجار وخط الفقر في هبوط؟ ومن يغضب لنا وفي مصر عقول مضيئة يستعان بها في دول أخري إلا مصر؟ ومن يغضب لنا من تجاهل العلماء ورجال العلوم الإنسانية علي مائدة صاحب القرار؟ ومن يغضب لنا اذا شعر المعوقون بأنهم مهمشون بسبب العجز؟ ومن يغضب لنا من سيطرة المال السياسي في الانتخابات؟ ومن يغضب لنا من تعثر الحرب علي الأمية والحرب علي الكثافة السكانية وهما عائقان خطيران مؤثران في مسيرة أمة؟ ومن يغضب لنا وينشر المظلومون استغاثات له في الصحف بعد خرس الأجهزة؟ ومن يغضب لنا اذا تأزمت أمور فشلت الأجهزة في حلها فيجيء هو بقرار؟ ومن يغضب لنا غضبا حكيما مقننا ليس كغضب العامة لأنه فوق كرسي المسئولية؟ ومن يغضب لنا عندما تسد إسرائيل كل الطرق المؤدية للسلام‏,‏ فيضبط أعصابه ويضعها في ثلاجة وهي في قمة الغليان؟ ومن يغضب لنا حين تنفلت الألسنة العاقلة أو المفروض كذلك لتشعل حطب الفتن الطائفية‏,‏ فيحكم قبضته علي هذا الجرح؟

المزيد من مقالات مفيد فوزى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.