سميرة سعيد هي شهرزاد الغناء العربي ،وأميرته المتوجة على قلوب عشاق الغناء على مدى أكثر من عشرين عاما ، من سنين تحكي لنا بصوتها الجميل المعبر الملئ بالشقاوة والفرح والشجن قصص الحب الجميلة،ولحظات الفراق المرة ،وأحيانا تسخر من الحبيب وتقول له “بتحبني ضحكتني “،عندها “حالة ملل” من كل ما هو تقليدي وسائد ،وعندما تطاردها الشائعات تنفيها قائلة “كل ده اشاعات”،رغم كل هذه السنوات فى الغناء لكنها “يوم ورا يوم” تزداد بريقا ولمعانا، هى كوكتيل من نجمات العصر الذهبي للأغنية المصرية أخذت من أم كلثوم تجددها واستمرارها ،ومن ليلى مراد رومانسيتها ،ومن نجاة دفئها وحنانها ،ومن فايزة أحمد شجنها ،ومن ورده انطلاقها ،ومن شادية شقاوتها وخفة دمها ،مع كل عمل فني تقدمه سواء أغنية أو ألبوم لا يعنيها سوى أمر واحد هو فقط هو كيف تحافظ على نجاحها الذى تعبت فى صنعه ، وتكسب جمهورها ولا تفقد هويتها كمطربة قدمت أجمل أغنيات الحب. فى هذا الحوار نستمع إلى عقلها، ونرصد أفكارها، ونحلل نجاحها، ونفسر أسلوبها فى الحياة والغناء. فى البداية يهمنا معرفة لماذا تأخرت فى تقديم الأغنية الدينية حيث قدمت مجموعة من الأغاني الدينية المتميزة فى الفترة الأخيرة؟ لم أتأخر ولكن لم يعرض على شئ فى الفترة الماضية يجذبني لتقديمه،وعندما عرضت على الابتهالات والأدعية التى قدمتها ووجدت الموضوع “حلو” سارعت على الفور بالغناء،لكن النية موجودة من زمان كما ان إحساس المطرب لا يختلف،فى الغناء الديني طالما المطرب يغني أغنيات عاطفية بإحساس جيد وحساس،وناجح فيما يقدمه ،فبالتاكيد عندما يغني أغنيات دينية سيغنيها بنفس الإحساس والمشاعر،لكن هذا لا يمنع أن الروحانيات تكون أعلى فى الأغاني الدينية. بمناسبة رمضان لماذا ابتعدت عن تقديم تترات المسلسلات بعد تترك الرائع “إحكي يا شهرزاد”فى مسلسل “ألف ليلة وليلة”؟ أتمنى تكرار التجربة ولا يوجد لدي مانع لكن بشرط أن تضيف إلى مشواري ويكون تترا مميزا فى عمل مميز سواء سينما أو تليفزيون،ومن قبل عرض على غناء تترات كثيرة ،لكن الظروف حالت دون اتمامها نظرا لإنشغالي وقتها فى التجهيز للألبوم مثلا أو مشاركتي فى مهرجان أو حفل. ما هو التتر الذى نال إعجابك فى رمضان؟ تتر مسلسل “أهل كايرو” للمطرب حسين الجسمي كان أكثر من رائع من كل الجوانب،وكذلك تتر مسلسل “العار” لآدم ،و أكثر من تتر للمطربة جنات. بعد انتهاء عقدك مع المنتج محسن جابر سميرة سعيد مع أي شركة تتعاونين الآن خاصة أنه تردد كلام عن توقيعك مع شركة جديدة تحمل إسم “اللوتس”؟ ضاحكة أول مرة أسمع هذا الكلام ،وكل ما تردد عن توقيعي مع شركات كاسيت غير صحيح،وخلال الفترة المقبلة سأقوم بإنتاج ألبوماتي بنفسي ،رغم المخاطرة والمغامرة التى سأعانيها،لكن حبي للغناء وعشقي له منذ الصغر يستاهل أن أغامر بتجربة الإنتاج. فى حفلك الأخير فى مهرجان قرطاج لماذا أقدمت على تقديم فرقة خاصة من فرنسا لتعزف معك أغنياتك؟ لأنني من زمان نفسي أن تخرج الحفلات “ اللأيف «بنفس «كوالتي» السي دي، وكل شئ يكون فى مكانه الصحيح،فضلا على أن هذا كان متماشياً مع توجهي في الموسيقى خلال العشر سنوات السابقة،وكانت تجربة أكثر من رائعة فكل شئ كان منضبطا،وكل عازف يقدم مقطوعته بشكل جيد ،وكذلك الحال مع الكورال،لا مكان للفوضى وكل ما كان ينقصها أن نجري بروفات أكثر. أثناء مؤتمرك الصحفي فى قرطاج هاجمك البعض لحديثك باللهجة المصرية ما تعليقك على ما حدث؟ طبيعي جدا أنا أتحدث باللهجة المصرية ،لأنني أعيش فى مصر منذ أكثر من عشرين عام ،وبالتالي تعودت على اللهجة،كما أنني ضد التعصب للهجات العربية،فنحن فى النهاية عرب ،كما أن اللهجة المصرية هى الأكثر انتشارا فى الدول العربية بسبب الغناء والسينما . لماذا تقاطعين مهرجان الموسيقى العربية ولم تشاركي فى أي دورة من دوراته التى تعدت العشرين؟ ضاحكة هذا سؤال حلو ومحرج فى نفس الوقت ،لكن الحقيقة أنني لست مقاطعة مهرجان الموسيقى العربية، فقد عرض على المشاركة فيه أكثر من مرة،لكن ظروفي لم تسمح،ولم أفكر فيه بشكل جدي،وعندما أحس إنني لدي رغبة فى المشاركة سأشارك. بعد سنوات طويلة فى الغناء هل أصبحت تملكين “سر الصنعة “ فى الغناء؟ بالتأكيد بعد كل هذه السنوات فى الغناء والخبرة والإحساس ،أصبحت أمتلك سر الصنعة. هل ترين أن المناخ الفني الآن يتمتع بوضوح رؤية تجعلك تختارين وبصورة صحيحة ما تقدمينه؟ المناخ الفني فيه “لخبطة” وفوضى، والدنيا “مش واضحة”،والقائمون على الصناعة غير قادرين على الإنتاج بعد القرصنة الموجودة على الإنترنت ،وبالتالي تركوا المهنة تنهار،وكل فنان يعمل حاليا بمجهوداته الشخصية وعلاقاته،لابد أن يوضع إطار يتحرك من خلاله الفنانيون الحقيقيون،خاصة فى ظل وجود أنصاف الموهوبين ومعدومي الموهبة،وتزايد القنوات الفضائية،أما بالنسبة لإختياراتي فأنا أختار بإحساسي وخبرتي. الفن يحتاج إلى قدر من الجرأة فهل أنت جريئة لدرجة تغيير طريقتك فى الأداء التى اعتادها منك جمهورك والدخول فى مناطق أخرى غير مألوفة لك وله؟ طول عمري وأنا لا أحب الثبات على شكل معين فى الموسيقى ، وأحب “أدوس” فى أكترمن شكل وقالب ففى الوقت الذى كان كل المطربين يغنون طربا شرقيا ،قدمت “ جاني بعد يومين”، “وحلو حبك”،”وواحشني حقيقي”،وبعد ذلك قدمت العديد من الأشكال المختلفة مثل “بشتاقلك ساعات”،”بعد الرحيل”،أحلى عيون”،وغيرها من الأغنيات التى كانت مغايرة لما يقدم على ساحة الغناء،فأنا لا أحب المياه الراكدة. ماذا تفعلين لتكوني نغمة مختلفة وسط نغمات جيلك؟ أن أكون مختلفة وأظهر كل الأشياء التى بداخلي ولم تظهر بعد،ففى داخلى مخزون كبير من الموسيقى سواء الشرقية أو الغربية،فقد سمعت أغاني كثيرة شرقية وغربية بكل الأشكال وهذا نما بداخلي كل المخزون. من يدير موهبتك عقلك أم آراء المستشارين من حولك؟ مستشاري الأول هو إحساسي، وهو الترمومتر الداخلي الذي يرصد كل الأشياء من حولي، فأختياراتي نابعة من إحساسي ،وتدل على ذوقي. إذا غنيت أغنية ووجدت المعنى نفسه فى أغنية أخرى لمطرب آخر ماذا تفعلين؟ بعد تنهيدة وتفكير قالت :معاني الحب ومفرداته واحدة من قديم الأزل سواء شك أو غيرة أو رومانسية أو فراق ،ما يفرق مطرب عن آخر طريقة غنائه وإحساسه والموسيقى المصاحبة للكلام. هل لعب الحظ دورا فى نجاحك؟ لا أستطيع أن أقول هذا لكني اجتهدت وتعبت كثيرا حتى أحقق المكانة التى وصلت لها،ولكن يمكن أن أقول أنني محظوظة أننى جئت لمصر،وحققت كل هذا النجاح والشهرة. هل حوربت؟ لا أحب ترديد مثل هذا الكلام وأقول حوربت «ومعرفش ايه»،وتعرضت لمضايقات ،فلا يوجد شئ يأتي بالساهل ،لا بد أن تعاني وتتعب إذا أردت النجاح، وفى الطريق سيصادفك ناس كثيرين بعضهم سيحبك ويتعاطف معك ويمد لك يد المساعدة،والبعض الأخرلن يتعاطف هذا شئ طبيعي. لو كنت مسئولة عن الغناء فى الوطن العربي ما هو أول قرار ستأخذينه؟ أول قرار ستأخذه بشكل عاجل وسريع تفعيل قوانين حقوق الملكية الفكرية ،حتى يمكن أن نحمي صناعة الكاسيت فى العالم العربي التى تتعرض يوميا للسرقة والنهب من خلال شبكة الإنترنت التى تضرب بالقوانين عرض الحائط ،خاصة أنها تتوجه للشباب من هذا الجيل الذى اعتاد أن يقوم بعمل «دون لود»دون وازع أخلاقي أو قيمي وغير مدرك بأن ذلك يهدد هذه الصناعة بضياع الحقوق على المؤلف والملحن والمطرب الذى أصبح أكثر المتضررين فى هذه الصناعة.