ماهو الرابط بين العراق ومصر في هذه الأيام؟ إنه تساقط القتلي والجرحي يوميا وان اختلفت الأسباب ففي العراق يموتون في حوادث تفجير, وفي مصر يموت الناس في مجازر علي الطرق. ماحدث يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين يصلح كعينة لماتشهده بعض الطرق في مصر من حالة حرب لاتخضع لقوانين الحرب ولايعد القتلة فيها مجرمين بل ينالون التدليل, ويتم اعتبار مايفعلونه مجرد قتل خطأ حتي لو بلغ عدد القتلي العشرات.فقد سجلت الصحف في هذين اليومين مقتل51 شخصا واصابة17 في حوادث كبري وقفزت اخبار تلك الحوادث إلي الصفحات الأولي لضخامة العدد, وفي المقابل هناك عشرات الحوادث التي تسفر عن قتلي قليلين يشاهدها الناس ولكن الصحف لاتكتب عنها بحكم الاعتياد, وباعتبار ان قلة عدد الضحايا يضعف من قيمة الخبر.ورغم عدم توافر دراسات كافية, فان الرؤية بالعين المجردة توضح الإسهام العظيم للعنصر البشري في مجازر الطرق المصرية.ويشمل ذلك القيادة تحت تأثير المخدرات بأنواعها وعدم الالتزام بقواعد المرور, بحيث تجد السيارات ذات المقطورة تسير بأقصي سرعة علي يسار الطريق المخصص للسيارات المسرعة, ويتباري قادتها في عمل الغرز علي الطريق بعد عمل دماغ في الغرز المنتشرة علي جانبي الطريق.ومن المخيف حدوث اعتياد للممارسات الخاطئة علي الطريق, مما يجعل من الملتزم بقواعد المرور شخصا غريبا, ومن شأن افلات المخطئ تماديه في الخطأ وتشجيع غيره علي سلوك مسكله ومما يبين اننا أمام مشكلة اخلاقية تستلزم حزاما أمنيا بحيث لايفلت مجرم مثلما تتطلب تغليظا لعقوبات مرتكبي مجازر الطرق.مصر ليست وحدها في حوادث الطرق, بل هي مشكلة عالمية استدعت تخصيص الأممالمتحدة يوم الثالث من شهر نوفمبر كيوم عالمي لإحياء ذكري ضحايا حوادث الطرق, وتم تخصيص هذا اليوم للاعتراف بضحايا حوادث الطرق والمصاعب التي يواجهها اقرباؤهم الذين يضطرون إلي التكيف مع الآثار الانفعالية والعملية لتلك الاحداث المأساوية.وتودي حوادث الطرق بحياة1.3 مليون نسمة كل عام, وتتسبب في اصابة أو إعاقة زهاء50 مليون, آخرين, ومثل تلك الحوادث أهم أسباب الوفاة في صفوف الفئة العمرية10 أعوام 24 عاما, يفيد تقرير جديد نشرته منظمة الصحة العالمية ان حوادث المرور تمثل أهم مسببات الوفيات في اوساط الشباب, ويشير التقرير, الذي صدر تحت عنوان الشباب والسلامة علي الطرق إلي ان حوادث المرور تتسبب في مقتل زهاء400000 من الشباب الذين تقل اعمارهم عن25 عاما واصابة الملايين من الشباب الآخرين او إعاقتهم. تنطوي حوادث التصادم في الطرق علي تكاليف مادية وصحية وتكاليف أخري تبلغ نحو518 مليار دولار أمريكي في شتي أرجاء العالم, وتمثل تكاليف حوادث المرور, بالنسبة لكثير من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل, بين1% و1.5% من الناتج القومي الإجمالي وهي تتجاوز, وفي بعض الحالات, المبلغ الإجمالي الذي تتلقاه تلك البلدان في شكل معونة انمائية دولية.ومن بين الوسائل التي حرصت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها تأكيدها, حث الشباب وجميع راكبي السيارات علي عدم القيادة تحت تأثير المسكرات أو المخدرات إضاءة مصابيح السيارة اثناء القيادة ليلا اظهار شخص الراكب أو سيارته أو دراجته بحيث لاتفاجئه سيارة علي الطريق عدم استخدام الهاتف المحمول اثناء القيادة عدم تخطي السرعة المقررة استخدام حزام الأمان لراكبي السيارات وخوذة الرأس لراكبي الدراجات البخارية الالتزام بقواعد المرور والحزم في تطبيق القانون, وتحسين حالة الطرق, وتحسين التخطيط المروري وآلياته لتناسب احتياجات مستخدمي الطرق. وإذا كان هناك قتل سريع نتيجة الحوادث, فان هناك عمليات قتل بالبطئ تجري في كل حين وعلي كل الطرق, وتتمثل في انبعاث الادخنة الكثيفة من السيارات بمختلف انواعها خصوصا سيارات الحكومة والتي تسبب المرض وتسهم في ارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان. وهناك علامة استفهام كبري تحيط بالصمت علي هذه الجريمة رغم سهولة ضبطها ومنعها, وليس من المنطقي ان يخسر الناس صحتهم وأموالهم وتنفق الدولة الكثير لعلاج ضحايا الحرب الكيماوية علي الطرق, في مقابل ان يكسب نفر من الناس نقودا حراما مقابل اغماض اعينهم عن مخالفات شروط البيئة. مركز عالمي ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية فان عدد ضحايا حوادث الطرق يبلغ في مصر41 حالة لكل100 ألف نسمة, محتلة المركز الثاني عالميا ولاتسبقها سوي السعودية بمعدل49 وفاة لكل100 ألف من السكان, وفي أفغانستان39 شخصا, وفي توسن34.5 شخص. وأوضح التقرير ان دول أوروبا الغربية سجلت نسبا منخفضة مقارنة بباقي دول العالم, ففي سويسرا بلغت نسبة وفيات حوادث الطرق4.9 شخص لكل مائة ألف, وفي المانيا9 أشخاص, وفي فرنسا7.5 شخص, وفي إيطاليا9.6 شخص. ولجأت السعودية لاستخدام بعض من رجال الدين ممن لهم باع في التوعية المجتمعية لايقاف حمام الدم الذي تتسبب فيه حوادث المرور, ومن بينهم الشيخ سلمان العودة, المشرف علي مؤسسة الإسلام اليوم الذي اعتبر من يتخطي السرعة القانونية سواء علي الطرق السريعة أو داخل المدن, منتحرا, وهو مايعتقد انه سيسهم في ردع التجاوزات. وفي الدول الأوروبية والولايات المتحدة يحددون ساعات لسائقي السيارات النقل لايمكنهم تجاوزها من اجل تقليل الحوادث الناجمة عن الاجهاد.. فماذا نفعل نحن في مصر؟