سعر الذهب في مصر بنهاية التعاملات بعد قرار الفيدرالي بتخفيض الفائدة    37.3 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال تعاملات أمس الأربعاء    أسعار الدجاج والأسماك اليوم 19 سبتمبر    بالتزامن مع الأجهزة اللاسلكية.. تفاصيل انفجار نظام الطاقة الشمسية في لبنان    مفاجأة من الزمالك ل فتوح قبل مباراة الشرطة الكيني.. عاجل    مواعيد دخول الطلاب للمدارس في جميع المراحل التعليمية    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    قصف غزة.. الاحتلال يغلق شارع روجيب شرق نابلس بالسواتر الترابية    جورجينا رودريجز تزور مدينتها وتحقق أحلام طفولتها الفقيرة (صور)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: القرار الأممي نقطة تحول في مسار نضالنا من أجل الحرية والعدالة    قراصنة إيرانيون أرسلوا لحملة بايدن مواد مسروقة مرتبطة بترامب    موجة حارة لمدة 3 أيام.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الخميس    أحداث الحلقة 3 من «برغم القانون».. الكشف عن حقيقة زوج إيمان العاصي المُزور    تشكيل برشلونة المتوقع أمام موناكو في دوري أبطال أوروبا.. من يعوض أولمو؟    محلل إسرائيلي: حزب الله ارتكب 3 أخطاء قاتلة فتحت الباب أمام الموساد لضربه بقوة    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    شريف دسوقي: كنت أتمنى أبقى من ضمن كاست "عمر أفندي"    خبير: الداخل الإسرائيلي يعيش في حالة زعر مستمر    أيمن موسى يكتب: سيناريوهات غامضة ل«مستقبل روسيا»    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    الخطيب يدرس مع كولر ملف تجديد عقود اللاعبين وأزمة الدوليين قبل السوبر المصري    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توت عنخ آمون والوزير وجهاز المحاسبات والتجاوزات
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 07 - 2010

تكاد المعركة الدائرة حول قرية توت عنخ آمون القائمة علي جزيرة ساحرة في قلب نيل أسوان أن تجسد الكثير مما يجري علي الارض المصرية. وهو تجسيد لا يقتصر فقط علي أحاديث العلاقة بين السلطة والثروة.ولا يندرج فقط تحت بند العلاقة بين سوء استغلال السلطة لتحقيق مغانم وأرباح فاسدة لأصحاب رأس المال ولكنه يتعدي ذلك بكثير عند محاولة التحليل العميق لمجمل الاشارات والمعاني للجدل الدائر بين الوزير أحمد المغربي صاحب الثروة ومالك النفوذ السياسي وبين الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يفترض فيه أنه الأمين علي المال الملتزم بتحديد الصواب أو التجاوز والفساد في معاملاته وأعماله ومع دخول توت عنخ آمون طرفا في الموضوع فإن إدراك حقيقة ما تجسده هذه القضية لابد وأن يستلهم المنقوش والمكتوب علي جدران المعابد المصرية القديمة باعتباره مرجعية للفهم والتفسير لأن المكتوب والمنقوش منذ آلاف السنين يسلط الضوء علي ما يمكن تسميته بسلوكيات الأزمة وفي نفس اللحظة يقدم الحلول المفيدة لتجاوزها والقضاء عليها وفي المنقوش والمكتوب تأكيد لا يحتمل الجدل بحتمية الالتزام الدقيق بالصالح العام والخاص للآخرين والمنع البات للتعدي عليها باعتبارها علامة فارقة للتمييز بين المواطن الصالح والمواطن الطالح ففي النقوش والمكتوب فإن المصري يكون مصريا لأنه لايسرق ولايزني ولا يلوث ماء النيل وهو ما يعني أن المصري الصحيح ملتزم ليس فقط بعدم الاعتداء علي حق الغير بل أيضا بصيانة حقوق الآخرين والحفاظ عليها وهي التزامات تقع في حق المواطن البسيط العادي فما بالنا لو كان هذا المواطن يتولي السلطة ويتبوأ درجة رفيعة من المسئولية ويملك في نفس الوقت واللحظة الثروة والسلطة ونفوذ رأس المال‏.‏
والمثير للانتباه ان الوزير المغربي هو الذي أصر كصاحب رأس مال علي إعادة اشعال حريق قضية جزيرة توت عنخ آمون بعد ان كادت ان تهدأ بقرار الرئيس محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية بإلغاء التعاقد علي بيعها وإعادة طرحها للبيع بنظام حق الانتفاع في ضوء ما احاط بصفقة البيع من ملابسات مثيرة للرأي العام وتشكل إعتداء ظاهرا للمال العام وتربحا سافرا للمال الخاص المملوك لأصحاب السلطة والنفوذ والاكثر اثارة للتعجب والاستغراب ان الوزير حاول ان يعطي الصفقة الفاسدة مشروعية وحجية بالادعاء بأن ممثلي الجهاز المركزي للمحاسبات قد وافقوا عليها بالمخالفة للحقيقة والواقع وبما يتناقض جملة وتفصيلا مع مكانة المنصب الوزاري الذي يشغله ومقامه والذي كان يستوجب التدقيق الشديد والمراجعة المتأنية لما يصدر من تصريحات منسوبة اليه وهو ما دفع الجهاز المركزي للرد والايضاح ونفي كل تأويلات الوزير والتأكيد علي فساد الصفقة وعدم سلامة سعر البيع وتقديراته وعدم صحة الاجراءات وهو ما يكذب تصريحات الوزير ويدفع بها الي خانة التجني علي الحقيقة والادعاء بما يخالفها جملة وتفصيلا وهو موقف ما كان يجب علي الوزير ان يضع نفسه فيه بحكم مكانته ومسئولياته وما كان يجب ان يضع فيه رئيس الوزراء ومجلس الوزراء مجتمعا بحكم المسئولية التضامنية لمجلس الوزراء في الصح وفي تحمل أعباء الخطأ‏.‏
وفي ظل الابعاد المثيرة للموضوع والدافعة لاستفزاز المشاعر والتعجل الشديد بإصدار أحكام الادانة وما أتاحه من فرصة لاتساع دائرة القيل والقال لأحاديث مطولة عن استغلال الوزير لسلطاته وسلطانه لصالحه ولصالح أقربائه كان من الواجب علي الوزير باسلوب هادئ كرجل أعمال يدرك دائما حتمية الانحناء للعاصفة أن تبادر شركة بالم هيلز بالاعلان عن انسحابها من الصفقة بالرضا حرصا علي سمعتها ودرءا للشبهات عن جزء من ملاكها اصحاب النفوذ السياسي خاصة وان الصفقة تتحدث عن نفسها وما يحيطها من فساد وتلاعب واستغلال نفوذ وسلطان وما دفع بالفعل ثمنا لجزيرة في نيل أسوان مساحتها‏234‏ فدانا والبالغ‏4‏ ملايين جنيه يشكل نكتة سخيفة ومزعجة لايصلحه القول بأن الباقي وهو ملاليم سيتم سداده عندما تنتهي الاجراءات القانونية لاتمام التعاقد والتسجيل وللعلم ولمن لم يتاح له زيارة الجزيرة فإنها بالفعل قطعة من الجنة والفندق المقام عليها وما يلحق به من الانشاءات والحدائق والملاعب وما يمكن ان يضاف اليه بعد تجديده وتطويره يمكن ان يحقق عوائد بالغة الضخامة بحسابات السياحة خاصة لسياحة الاثرياء في العالم الباحثين عن نمط خاص من الاستمتاع الجمالي والبيئي الذي يندر ان يكون هناك مثيل له علي الأرض المصرية من أقصي الشمال الي أقصي الجنوب مما يجعل القيمة الحقيقة للجزيرة وما عليها بمعايير المال والاقتصاد يندرج تحت خانة المليارات التي ضاع الكثير منها في عمليات خصخصة سابقة مازالت الكثير من علامات الاستفهام تحيطها وترفض الابتعاد عنها مهما طال الزمن‏.‏
وبعيدا عن تصريحات الوزير وما يشوبها فإن ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات لا تستوجب فقط الالغاء التام للصفقة لما يشوبها من عوار وفساد ظاهر للعيان حتي لغير الخبراء ولكنه يستوجب معاقبة المسئولين بشركة مصر أسوان للسياحة ومعهم كامل اعضاء مجلس الادارة وكامل أعضاء الجمعية العمومية للشركة باعتبارهم شركاء متواطئين في اهدار المال العام بكل ما يثيره من شبهات التربح من المال العام وخيانة المسئولية والأمانة في ادارة شئون الشركة وتصريف أمورها وفي ظل ظروف اتمام الصفقة خارج القواعد المتعارف عليها فإن المسئولين في الشركة المشترية يجب ان توجه لهم أيضا تهمة التربح واستغلال النفوذ وان يشمل الاتهام اعضاء الجمعية العمومية المالكين الذين صدقوا علي الصفقة ضمن الميزانية العامة للشركة باعتبارهم شركاء أصليين في التواطؤ بحكم ان ظاهر الصفقة يؤكد فسادها وما يحيطها من شبهات وتلاعب‏.‏
ومجرد نظرة سريعة الي البنود التي اعترض عليها جهاز المحاسبات يتكشف مدي الغلو في الفساد وسيادة عقلية ومنطق الحصانة في مواجهة القانون وسلطاته ومؤسساته ومدي درجة الاحساس بالأمان عند ارتكاب المخالفات الجسيمة حيث تضمن التقييم المرفوض من الجهاز الذي اعتمد وكأن الرفض لاقيمة له ولا اعتبار علي أساس تقييم الأراضي المقام عليها مبان بسعر المتر‏80‏ جنيها للمتر والأدهي والأمر تقييم الاراضي الفضاء بمبلغ‏3‏ جنيهات للمتر‏,‏ أما أراضي المزروعات والجولف الصغير فقيمت بمبلغ‏14‏ جنيها للمتر وذلك في الوقت الذي تقيم فيه أراضي الصحراء باسوان لاسكان المعدمين من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الاسكان بسعر يتراوح بين‏180‏ و‏200‏ جنيه ويعني ذلك ان الذين يجاورون الثعابين والأفاعي والعقارب بالصحراء يدفعون في المتر الفضاء‏15‏ ضعف الذين يشترون في جزيرة من جزر الجنة بالنيل يتوفر لها كل الخدمات والمرافق وهو ما يشكل استفزازا سخيفا لمشاعر البسطاء وغير البسطاء ويشكل اعتداء سافرا علي المال العام بغير خجل وبدون حياء‏.‏
وقمة المأساة الحقيقية تظهر ما أعلن عن تحقيق قرية توت عنخ آمون بالرغم من موقعها الفريد والمتميز وبالرغم من كل ما عليها من مبان ومنشآت لخسائر مما يدل علي الاهمال العمد للمشروع ومع سبق الاصرار والترصد حتي يتم تبرير بيعه لصاحب الحظ والنصيب بأبخس الأسعار وأقلها وهو ما يكاد يشكل المخطط الرئيسي والثابت للعديد من الملكيات العامة وكذلك المنشآت التي تملكها شركات ومنشآت عامة كما هو الحال بالنسبة لجزيرة آمون حتي تكون الفريسة جاهزة للتسليم بدون الحاجة لأي جهد من المتنافسين وتسلم لهم باعتبارها فطيس كما المواشي المريضة في الارياف التي لا تستحق حتي تكلفة الذبح والسلخ والتقطيع لاوصالها بل تلقي في القمامة باعتبارها من سقط المتاع‏.‏
مما يستوجب الوقفة المتأنية ان المالكين لشركة مصر اسوان للسياحة يمثلون قطاعات رائدة وناجحة في الاقتصاد المصري ويفترض في ممثليها ان يكونوا نموذجا للانضباط ونموذجا للتدقيق والحرص علي مؤسساتهم وشركاتهم كمالكين اصحاب اموال واستثمارات وكان من الواجب عليهم أولا أن يحولوا قرية آمون الي نموذج ناجح بحكم انها تملك امكانيات ومقومات النجاح بكل عناصرها ومقوماتها وهم لم يفعلوا ذلك علي مدي سنوات واكتفوا بالتنطع في مواجهة نزيف خسائر ونزيف اهمال ونزيف تراجع للمشروع‏,‏ ولم يحاولوا ان يبحثوا عن مصادر لتمويل الاستثمارات اللازمة للمشروع حتي ينجح وكانت اصوله كفيلة بتوفير القروض اللازمة للاستثمار كما ان غني وثراء المؤسسات والشركات المالكة للمشروع كان يمكنها من ضخ اموال جديدة للشركة في صورة زيادة في رأس المال تمكنها من القيام بعملها علي الوجه الأصح والأكمل ولكن هؤلاء الممثلين لحقوق الملكية اكتفوا بالصمت المريب بالرغم مما يحيطه من استفهامات واستفسارات مشبوهة تحكم علي عملهم وقراراتهم بالفساد والتواطؤ والعجز المريب عن تحمل تبعات المسئولية في أبسط معانيها وقواعدها‏.‏
ومجرد نظرة عابرة وعاجلة لمجموع المالكين لشركة مصر أسوان المالكة لجزيرة آمون لابد وان تصيب أي محلل أو مدقق اقتصادي ومالي وقانوني بالصدمة المروعة في ظل ما يحيط بصفقة البيع من فساد وانحراف يتجاوز كل المألوف وغير المألوف من سوء استخدام السلطة لتخريب حقوق المالكين واهدارها والتعدي عليها حيث يتوزع هيكل الملكية بين شركة مصر للطيران التي تمتلك‏25.5%‏ من الاسهم وشركة مصر للتأمين التي تمتلك‏24%‏ وشركة إيجوث المملوكة للشركة القابضة للسياحة والفنادق بنسبة‏19.5%‏ من الأسهم اضافة الي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي تمتلك‏31%‏ من جملة الأسهم وهي هيئة تابعة لوزارة الاسكان وتخضع للاشراف المباشر للوزير الذي يملك السلطة والنفوذ علي قراراتها المباشرة وغير المباشرة مما يربط الوزير مباشرة بقرار البيع أو علي الأقل يفتح أبواب الاحاديث المرسلة وغير المرسلة عن امكانيات واحتمالات التأثير في القرار الصادر لصالح شركة بالم هيلز التي يشارك في ملكيتها مع عدد من أقاربه المباشرين ويتولي رئاستها ابن خاله الوزير‏.‏
وتواجد تجمع من المالكين يجمع بين مصر للطيران وشركة ايجوث المتخصصة في السياحة والفنادق والتابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق لايستقيم معه علي الاطلاق أية أحاديث عن تعثر قرية آمون وتحقيقها للخسائر بحكم ما تملك هذه الجهات المالكة من خبرات ومعارف تتصل مباشرة بنشاط القرية واعمالها وبحكم ان هذه الجهات تعتبر في حكم بيت الخبرة المتخصص في مجال السياحة والفنادق والسفر مع ملكيتها للقدرة علي تنظيم الأمور وتخطيطها بما يضمن الاستفادة القصوي والمثلي من المشروع وتعظيم ارباحه وعوائده الي حدودها القصوي ولكن ان تتقاعس هذه الجهات ومعها بيت خبرة مالي واقتصادي ممثلا في شركة مصر للتأمين بكل تاريخها الطويل والعريق في الاستثمار والعمل والنشاط علي الاقل بما ورثته من القيم والتقاليد التي ارساها طلعت حرب لكل الشركات والمؤسسات التابعة لبنك مصر والمرتبطة باسم مصر وتأكيد هويتها وقدرتها علي النجاح بدرجة عالية من المنافسة والتنافسية فإنها أمور تدعو في البداية والنهاية الي الكمد الشديد علي ماوصلت اليه قواعد ادارة حقوق الملكية في مؤسسات وشركات رائدة وعريقة كان يشار دائما اليها باعتبارها قاطرة الاقتصاد والنمو والتميز في الاقتصاد المصري واعماله ومعاملاته وأن كل ما يرتبط بها لابد وأن يحمل معاني الجودة والاجادة وفقا لأعلي المعايير والمستويات في تعظيم العائد وتحقيق اكبر معدلات الارباح الممكنة والمتاحة‏.‏
ويفتح فساد صفقة آمون وما تتضمنه من تلاعب وانحراف فج عن الاصول والقواعد المتعارف عليها ملفا كبيرا لابد وان يكون في مقدمة اهتمامات رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار وهو ملف حقوق ملكية المؤسسات والشركات العامة في المنشآت والمشروعات المختلفة ومن بينها حقوق الملكية في المشروعات المشتركة مع رأس المال الخاص الوطني والاجنبي بحكم ان قيمة هذه الحقوق تقدر بعشرات المليارات من الجنيهات بحسابات الأزمنة الماضية وبحسابات القيم الدفترية للأصول وهي قيم تاريخية أصبحت بلا معني وبلا مضمون مالي واقتصادي حقيقي بحكم ان الاسعار الراهنة والقيم الراهنة قد تجاوزتها بعشرات المرات وفي الكثير منها خاصة ما يتصل بقيم الاصول العقارية فقد تغيرت مع الزمن الراهن بمئات المرات وعلي سبيل المثال فإن احدي الشركات المشتركة التي يسهم رأس المال العام فيها بنسبة كبيرة للغاية والمالكة لفندق شيراتون المنتزه وغيره من الملكيات القيمة اعلنت عن مناقصة لبيع الفندق بموقعه الفريد والمتميز وبالامكانيات المتوافرة للمزيد من الاضافات والتوسعات والتجديدات وهي تساوي الكثير بحسابات المال والأعمال في كل الصفقات ولا يمكن ان تترك هذه المناقصة أو غيرها أسيرة لحسابات الارباح والخسائر ولا يمكن ان تترك لحسابات القيم الدفترية التاريخية بحكم ما ستؤدي اليه من تقديرات منخفضة للغاية للصفقة بالمقارنة بالتقديرات العصرية والحديثة التي تأخذ في اعتبارها كافة العوامل والمعايير الراهنة والمستقبلية بحسابات منضبطة ومستقيمة تضمن البعد عن الشبهات والبعد عن التساؤلات المشروعة وغير المشروعة وتحقق في البداية والنهاية الحفاظ علي القيم الحقيقية لحقوق الملكية العامة‏.‏
وبرغم ما أعلنه الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار من سياسات جديدة للخصخصة لا ترتكز علي البيع لمستثمر استراتيجي رئيسي بل ترتكز علي تفضيل الطرح العام لجمهور المتعاملين بما يسهم في توسيع قاعدة ملكية المصريين للشركات العامة في ضوء المشكلات المتفجرة للمستثمرين الاستراتيجيين وتحول البعض منهم لإنهاء نشاط الشركات الصناعي والانتاجي وبيع الاراضي في صفقات عقارية تحقق ارباحا بالمليارات وليس بمئات الملايين فقط وما يعنيه ذلك من توسيع نطاق البطالة وتراجع الانتاج الصناعي والوطني وما يشوبه من غش وتدليس واحتيال علي عمليات الخصخصة ونتائجها علي أرض الواقع فإن قيام الشركات العامة القابضة بعمليات بيع واسعة النطاق للاراضي المملوكة للشركات التابعة يجب ان يخضع لسياسة عامة متكاملة وشاملة وان تكون هناك رقابة صارمة علي كل العمليات وإلا تحولت الي باب خلفي للفساد والانحراف وتحولت الي بوابة ملكية للانقضاض علي المال العام الذي هو ملك الأمة في حاضرها ومستقبلها وجزء هام وفعال من مواردها وثروتها للبناء والتنمية‏.‏
وفي ظل الاختناق العمراني والعقاري بالمدن القديمة التي يتواجد بها الاراضي المملوكة للشركات العامة ويتواجد بها مصانعها وما تسببه من تلوث للبيئة وضوضاء وازعاج وضغط علي الحياة والمواصلات فإن هذه الاراضي والكثير منها يتواجد بمناطق متميزة بالقاهرة والاسكندرية وعواصم المحافظات المختلفة يحب ان يتم حصره أولا علي النطاق الجغرافي القومي وعلي النطاق التفصيلي لكل مدينة وان يتم وضع أولويات محددة لاستخدامه في النفع العام بالدرجة الأولي وحل اختناقات المدن القديمة والعاصمة الأولي والعاصمة الثانية اضافة لاستخدامه في توفير المدارس والمستشفيات والحدائق ومقار الخدمات العامة التي يحتاجها المواطنون في كل مكان وان يتم سداد الثمن من خلال موازنات الجهات العامة المختلفة التي تستفيد منها مع استخدام العائد لتطوير الشركات العامة وتحديثها أو نقلها الي مناطق صناعية جديدة خارج نطاق الكتل السكنية المختنقة والمشلولة التي وصلت الي مرحلة عدم الصلاحية لحياة البشر بالمقاييس والمعايير العالمية البيئية والصحية والانسانية‏.‏
‏***‏
لا تثير صفقة جزيرة آمون مجرد احاديث عن علاقة السلطة بالثروة ولا تثير مجرد ضجة عن الفساد يعلو صخبها ثم يهدأ بعد حين ولكنها تثير بشكل موسع وشامل قضية المال العام الذي تم اختزاله واختزال مشاكله في جزئية فرعية وجانبية هي الخصخصة بكل ما يثار حول تجاوزاتها وفساد جانب من معاملاتها ولكنها تثير قضية قومية كبري حان الوقت والاوان لان تتصدر مقدمة الأولويات الاصلاحية وهي القضية المرتبطة بحقوق الملكية العامة بكل صورها وبكافة اشكالها وما جري عليها من تفتيت وما جري عليها من تعديل لتغيير السلطة المسئولة عنها والممثلة لها في مواجهة المجتمع والقانون حتي يعاد رسم خارطة الطريق لمنع التعدي علي هذه الحقوق وسلبها بالنصب والاحتيال والتدليس‏.‏
ولا ترتبط هذه القضية القومية الكبري فقط لا غير بحقوق الملكية العامة في شركات قطاع الأعمال العام والشركات المشتركة وغيرها من المسميات الوهمية المختلفة التي استباحت تقطيع أوصالها تمهيدا للاستيلاء عليها بأبخس الأسعار في التوقيت المناسب والملائم ولكنها تتضمن ايضا الارض المصرية الصحراوية التي تشكل نحو‏96%‏ من المساحة الجغرافية لمصر والاستيلاء علي الجزء الأكبر منها بوضع اليد أو بأبخس الاسعار تحت سمع وبصر اجهزة الدولة وبعقود صادرة منها للمحظوظين اصحاب الحظوة والسلطة والنفوذ مع مايحيط احاديث التصحيح والتصويب لبعض الأوضاع من شكوك كثيرة منها ما يقال ويتم في طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي وحتمية ان يخضع التصويب لسياسة عامة شفافة ولا يستقر فقط بين أيدي وزير الزراعة يصنع فيه ما يشاء وقتما يشاء‏.‏
ولابديل عن ان يشمل التصحيح والتصويب منظومة اسعار الاراضي لكل الاغراض وفي مقدمتها الاغراض السياحية والترفيهية في ظل المتغيرات الزمنية المتلاحقة وايضا في ظل الأولويات الاقتصادية القومية المستقبلية وهو ما لايتسق علي الاطلاق مع تقديرات سابقة كانت تبيع متر الأرض في الغردقة وشرم الشيخ وغيرها بجنيه مصري واحد تقل قدرته الشرائية الحالية عن ثمن الليمونة ويتيح الفرصة لشراء بيضة باعتبارها سياسات قد عفا عليها الزمن بكل مرارتها وقسوتها وتجاوزاتها‏.‏
وتبقي في النهاية كلمة ضرورية ترتبط بالصفقة الفاسدة وهي كلمة تدعو الي الحفاظ علي الجزيرة كمحمية طبيعية والمنع البات لبيعها بكل الصور والاشكال ودعوة المالكين لحقوق الملكية وهم شركات عامة رائدة وغنية ومتميزة ان تؤكد موقعها الخاص في الاقتصاد المصري من خلال مبادرة عاجلة لتحويل الجزيرة الي مزار سياحي عالمي لا يقتصر فقط علي النشاط الفندقي بل يخصص الجزء الباقي من الجزيرة للأنشطة الثقافية والفنية والاثرية التي يفتقر للكثير منها أهالي اسوان وسياحة العالم الوافدة؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.