ما بين البحر الأسود و بحر قزوين, تقع منطقة شمال القوقاز والتي تقع ضمن حدود روسيا الاتحادية وتعد بمثابة منطقة حدودية بين أسيا وأوروبا وتضم كلا من جمهوريات داغستان و إنجوشيا و الشيشان وأبخازيا وكاباردينو وبالكاريا وشركيسيا بالاضافة الي شمال اوسيتيا وجنوبها المنفصلين عن جورجيا في2008. وتعد تلك المنطقة المتعددة الأعراق والقوميات بشكل كبير والتي يدين معظم سكانها بالاسلام أحدي أهم المناطق الاستراتيجية للأمن القومي الروسي خاصة وانها تتميزبموقع استراتيجي يؤمن لروسيا الإطلال علي كل من بحر قزوين والبحر الأسود بالاضافة الي قربها من طرق إمدادات النفط والغاز القادمة من آسيا الوسطي ومنطقة بحر قزوين, باتجاه تركيا وأوروبا وهو ما يمثل السبب الرئيسي لما يدور من صراعات تاريخية في تلك المنطقة, فالروس يسعون للسيطرة والتحكم بمصادر الغاز, وطرق إمدادها لأوروبا, ولم تنعم تلك المنطقة طوال تاريخها بأي شكل من أنواع الاستقرار الدائم فالعمليات الأرهابية تكاد لاتتوقف من يوم لاخر وان كان الاعلام العالمي أصبح لايهتم كثيرا بضحايا الصراعات في تلك المنطقة الا عندما تمتد شظاياها الي قلب موسكو. وتاريخيا فان منطقة شمال القوقاز كانت ولا تزال من أكثر المناطق اضطرابا في تاريخ الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفييتي والآن روسيا الاتحادية. وفي نهاية ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي عادت المنطقة بقوة الي أشد مراحل الصراع في تاريخها وبالتحديد في منطقة الشيشان التي طالبت بالاستقلال عن روسيا باعلان الجنرال السوفييتي الشيشاني الأصل جوهر دوداييف الثورة وتشكيله لمجموعات انفصالية دخلت في صراعات مع القوات الروسية التي واجهت هذه الثورة بكل قوتها خوفا من انهيار جديد يضرب موسكو بعد ضياع الاتحاد السوفييتي وبالرغم من توقيع عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع قادة الثورة, إلا أن وتيرة العنف والمواجهات لم تهدأ بشكل نهائي. وبسبب اوسيتيا الجنوبية وابخازيا شهد عام2008 حلقة جديدة من التوترات في تلك المنطقة بالمواجهة الروسية الجورجية والتي لم تكن الا بداية مرحلة جديدة من الصراع في تلك المنطقة ولكن هذه المرة كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية طرف مهم في اشعال الصراع بتلك المنطقة حتي ولو كان بشكل غير مباشر في محاولة أمريكية للوجود بقوة في أحدي أهم مناطق النفوذ الروسي خاصة ان تلك الحرب جاءت في ظل السعي الجورجي للانضمام الي حلف الناتو بالاضافة الي توقيع الولاياتالمتحدة معاهدة إستراتيجية مع بولندا من أجل نشر منظومة الصواريخ الاعتراضية في قاعدة قرب السواحل البولندية علي بحر البلطيق. وماتشهده تلك المنطقة من اخطار وصراعات لاتنتهي بالاضافة الي ماتمتله من أهمية كبيرة لروسيا دفع الرئيس الروسي ميدفيديف للاعتراف بأن تدهور الأوضاع المعيشية في شمال القوقاز وعدم استقرار الأوضاع الاجتماعية وتفشي البطالة بشكل كبير هي أهم أسباب تفشي العنف هناك مما يتطلب الأهتمام بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير فرص العمل للشباب في مختلف مناطق القوقاز والاهتمام بزيادة حجم الاستثمارات هناك.