سعر الذهب في مصر بنهاية التعاملات بعد قرار الفيدرالي بتخفيض الفائدة    37.3 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال تعاملات أمس الأربعاء    أسعار الدجاج والأسماك اليوم 19 سبتمبر    بالتزامن مع الأجهزة اللاسلكية.. تفاصيل انفجار نظام الطاقة الشمسية في لبنان    مفاجأة من الزمالك ل فتوح قبل مباراة الشرطة الكيني.. عاجل    مواعيد دخول الطلاب للمدارس في جميع المراحل التعليمية    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    قصف غزة.. الاحتلال يغلق شارع روجيب شرق نابلس بالسواتر الترابية    جورجينا رودريجز تزور مدينتها وتحقق أحلام طفولتها الفقيرة (صور)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: القرار الأممي نقطة تحول في مسار نضالنا من أجل الحرية والعدالة    قراصنة إيرانيون أرسلوا لحملة بايدن مواد مسروقة مرتبطة بترامب    موجة حارة لمدة 3 أيام.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الخميس    أحداث الحلقة 3 من «برغم القانون».. الكشف عن حقيقة زوج إيمان العاصي المُزور    تشكيل برشلونة المتوقع أمام موناكو في دوري أبطال أوروبا.. من يعوض أولمو؟    محلل إسرائيلي: حزب الله ارتكب 3 أخطاء قاتلة فتحت الباب أمام الموساد لضربه بقوة    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    شريف دسوقي: كنت أتمنى أبقى من ضمن كاست "عمر أفندي"    خبير: الداخل الإسرائيلي يعيش في حالة زعر مستمر    أيمن موسى يكتب: سيناريوهات غامضة ل«مستقبل روسيا»    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    الخطيب يدرس مع كولر ملف تجديد عقود اللاعبين وأزمة الدوليين قبل السوبر المصري    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديث التجارة الداخلية المصرية

الإعلان أخيرا عن إطلاق وزارة التجارة والصناعة لبرنامج طموح لتحديث التجارة الداخلية علي امتداد الخريطة الجغرافية لمصر في جميع المحافظات‏ وليس فقط في القاهرة والإسكندرية. بل علي امتداد عواصم المحافظات والمدن التابعة لكل محافظة بشكل فكر عصري حضاري لتطوير وتحديث قطاع اقتصادي شديد الأهمية عاني كثيرا من التخلف والإهمال وخلال السنوات الأخيرة دخل في مواجهة تحديات كبيرة من خلال المراكز التجارية المنتشرة‏,‏ ومن خلال فروع الشركات العالمية التي يتنامي وجودها وانتشارها وتتوسع في سيطرتها يوما بعد يوم علي جزء حيوي من السوق ومعاملاتها ويرجع ذلك إلي ارتكازها علي قواعد عصرية وحديثة ليس فقط في أساليب عرض البضائع والسلع ولكن أيضا لاعتمادها نظم الإدارة الحديثة وأساليب التنظيم والتسويق المتطورة وقدرتها علي تخفيض التكاليف بكافة صورها وأشكالها بما يتيح لها الفرصة لأن تكون أكثر قدرة علي المنافسة سعريا وأكثر قدرة علي المنافسة من حيث تشكيلة السلع والبضائع المتنوعة والمتعددة وما تعنيه من قدرة أكثر وأفضل علي تلبية جانب كبير من احتياجات التسوق في مكان واحد بكل ما يؤدي إليه ذلك من سهولة ويسر في التسوق‏.‏
ويوضح المحاسب إبراهيم المغربي رئيس برنامج تحديث التجارة الداخلية بالغرفة التجارية للقاهرة أن البرنامج الذي يتبناه المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة لا يقتصر فقط علي مجرد الاهتمام بالشكل والديكور الداخلي والخارجي للمحلات التجارية‏,‏ ولا يستهدف فقط أساليب العرض وتطويرها‏,‏ ولكنه برنامج شامل ومتكامل يستهدف الارتقاء بكامل منظومة التجارة الداخلية المصرية بجميع مكوناتها وعناصرها من خلال منظومة شاملة للتحديث تهتم بالتجارة الداخلية في ذاتها وتهتم أيضا بالإطار العام المجتمعي والجغرافي والبيئي الذي تعمل من خلاله وتخدمه المحلات التجارية بما يحقق في النهاية تطويرا حضاريا وجماليا وإنسانيا لجميع المواقع والأماكن التي يشملها التحديث والتطوير‏,‏ مع الاهتمام في نفس الوقت بالابعاد التاريخية والأثرية للأسواق التجارية القديمة باعتبارها جزءا من التراث التجاري والحضاري للمدن المختلفة ولا يعني الحفاظ علي الطابع التاريخي والحضاري ترك الأمور علي حالها الراهن الذي يسوده العشوائية وعدم التنظيم وعدم الانضباط ولا تتوافر فيه الظروف الصحية والبيئية وظروف السلامة والأمان اللازمة لممارسة العمل والنشاط‏,‏ ولكنه يعني تحسينها بما يتوافق مع المعايير العصرية الحديثة والاشتراطات والمواصفات المتطورة‏.‏
ويشير إلي أن ذلك المفهوم الواسع لتحديث التجارة الداخلية تطلب منذ اللحظة الأولي إنشاء جهاز مستقل لتحديث التجارة الداخلية وفصل مهامه تماما عن جهاز تحديث الصناعة بحكم اختلاف آليات ومتطلبات التحديث في قطاع التجارة الداخلية عن الآليات والمتطلبات المطبقة في نطاق تحديث الصناعة وحتي يمكن ضمان الاستفادة من الإمكانيات والطاقات المتوافرة بالفعل‏,‏ وضمان إشراك مجتمع التجارة في المسئولية والتنفيذ لإعطاء دفعة قوية وسريعة للبرنامج‏,‏ فقد تقرر أن تتولي الغرف التجارية في كل محافظة المسئولية المباشرة للتعامل مع التجار‏,‏ في نطاق كل مشروع يتم تنفيذه‏,‏ وأن تكون الغرف التجارية هي همزة الوصل مع جهاز تحديث التجارة‏,‏ الداخلية كما تم الاتفاق علي أن يتم من خلال الاتفاق المشترك بين الغرف والجهاز تحديد أولويات التنفيذ والنطاق الجغرافي للتحديث مع إشراك المحليات والمسئولين بالمحافظة والمسئولين عن التنسيق الحضاري‏,‏ والجهات المختلفة التي تتولي عمليات التحديث للشوارع والأرصفة وتوفير أماكن الانتظار المطلوبة للسيارات وغيرها من الاحتياجات‏,‏ والمتطلبات في مناقشة مخطط تنفيذ التحديث‏,‏ وتوفير الاعتمادات والتمويل اللازم لخدمة هدف التطوير الجغرافي الشامل للمكان‏.‏
وحول توفير التمويل اللازم للتحديث بحكم ضخامته في ظل أهدافه الشاملة والمتكاملة يوضح المحاسب إبراهيم المغربي أن المشروع يتم تطبيقه في كل محافظات مصر في المدن الرئيسية كعينة اختبارية في أحد الشوارع التجارية المهمة وتتحمل وزارة التجارة والصناعة‏40%‏ من التكلفة الخاصة بالاعمال الاستشارية والفنية والبرامج التنفيذية وتتحمل الغرف التجارية‏40%‏ ويتحمل التجار‏20%‏ فقط من تكاليف الاستشارات الهندسية والفنية والبرامج التدريبية للتأهيل والتحديث والتطوير لنظم العمل وأساليبه في النطاق الخاص بالمحل التجاري‏,‏ ولتيسير توفير التمويل للتجار فقد عقد جهاز تحديث التجارة الداخلية اتفاقا مع الصندوق الاجتماعي للتنمية لتمويل تحديث واجهات المحلات بفائدة منخفضة تبلغ‏7%‏ متناقصة مع منح التجار فترة معقولة للسداد لتوفير وسيلة سهلة ومريحة لسداد فاتورة التحديث التي أصبحت هاجسا يؤرق كل تاجر يرغب في البقاء في السوق والمنافسة مع سلاسل المحلات التجارية الكبري والأسواق التجارية والأسماء العالمية المشهورة في عالم التجارة التي تغزو مدينة القاهرة ومدينة الإسكندرية بمعدلات سريعة ومتزايدة في جميع الأنشطة التجارية‏.‏
ويشير رئيس برنامج تحديث التجارة الداخلية بالقاهرة إلي أن الغرفة التجارية للقاهرة من خلال أكاديمية التجزئة التي انشئيت لتأهيل وتدريب ورفع كفاءة مجتمع التجارة ستقوم بدور حيوي في مساندة برنامج تحديث التجارة الداخلية يساهم في الإسراع بتطبيقه وتنفيذه حيث تتولي تدريب وتأهيل التجار والعاملين لديهم المشاركين في البرنامج وفقا لتوقيتاته الزمنية المحددة وقد تم بالفعل اختيار مشروع التحديث الأول بالقاهرة ليكون نطاقه شارع سليم الأول بحي الزيتون وحرصت اللجنة المسئولة ومجلس إدارة غرفة القاهرة علي تلقي مقترحات المستفيدين من المشروع وكذلك المقترحات الخاصة بالجوانب المكملة للمشروع في ضوء طبيعة القاهرة كمدينة تاريخية مما تطلب مشاركة جهاز التنسيق الحضاري لترميم بعض المباني التاريخية في هذه الشوارع وكذا محافظة القاهرة للمشاركة في تطور أرصفة الشوارع التي بها هذه المحلات‏,‏ حيث لا يصح أن تظل واجهات المحلات وأرصفة الشوارع مهلهلة ولها أكثر من منسوب في الارتفاع‏,‏ بل تطرق الأمر إلي اقتراحات بعمل اماكن لراحة لكبار السن ومراعاة المعاقين وكبائن للتليفونات وأماكن لانتظار السيارات‏.‏
ومع بدايات المشروع فإن لجان تحديث التجارة الداخلية تدرس حاليا اقتراحات مهمة يتم استكمال الدراسات اللازمة لها لتطوير بعض أسواق القاهرة التاريخية وأهمها سوق باب اللوق أول مول تجاري في مصر وكذا سوق العتبة‏,‏ وهي أسواق تحتاج إلي هيئة التنسيق الحضاري بالمشاركة مع محافظة القاهرة‏,‏ لأن إقامة وتشغيل الشوارع التجارية بما يتوافق مع مفهوم التحديث يتطلب تكلفة قد لا تكون في موازنات أجهزة الحكم المحلي لذلك تم اقتراح عمل مخطط عام لكل شارع يدخل برنامج التحديث من أجل تجميل وجه القاهرة التجاري مع اسناد إدارة هذه الشوارع من خلال الأحياء إلي شركات الدعاية والتسويق المتميزة لتنسيق أسلوب الإعلانات لتوفير التمويل اللازم للتطوير والتحديث‏.‏
الأصولية الرأسمالية وإجادة صناعة التفرقة العنصرية الاقتصادية
مع مجزرة الكيان الصهيوني علي قافلة الحرية التركية العالمية والحديث العالمي المكثف عن جرائم إبادة الجنس البشري في ظل ما تمارسه الدولة العبرية المارقة ضد الفلسطينيين العرب من ابادة جماعية وصولا الي التجويع والحصار المميت والقاتل لقطاع غزة وما استدعاه كل ذلك من أحاديث حول النظام العنصري البغيض في جنوب افريقيا وتكراره بتفصيلاته الدقيقة علي الفلسطينيين أصحاب الارض الأصليين من قبل سلطة احتلال غاشمة تجاهر بعدم احترام القانون الدولي والتعدي الدائم علي كافة قواعده مع كل تلك الأحاديث فإن الأزمة المالية العالمية الكارثية وتداعياتها وسقوط كافة النظريات العنصرية المقيتة المتعصبة التي صنعت نموذج الدولة العبرية المارقة ونظام جنوب افريقيا العنصري الأبيض طرحت علي سطح الأحداث معاناة الكثير من دول العالم من الابرتاهيد الاقتصادي في ظل الحقبة الماضية لسطوة الاصولية الرأسمالية علي مصير العالم ودوله وشعوبه لصالح القلة القليلة من الدول والشعوب التي استخدمت سلاح الاصولية الاقتصادية البشع والاجرامي لنهب الثروة العالمية وضمان السطوة والنفوذ‏.‏
وحول ملامح وابعاد وتطبيقات الابرتايد الاقتصادي وعدم فنائه والحرص علي بقائه وتكريسه بالرغم من سقوط الابرتايد السياسي في جنوب افريقيا وتحول الابرتايد الاقتصادي الي علامة مسجلة للسطوة والنفوذ المطلق والدائم حتي مع تغير لون الحاكمين من الأبيض للاسود وانتقال الحكم من شكل المستعمر الأبيض الي حكم أهل البلد الأصليين يوضح الخبير الاقتصادي المرموق شريف دلاور صاحب المساهمات الفكرية المهمة في نقد الأصولية العالمية ان تطبيقات الابرتاهيد الاقتصادي ونفوذه يظهر بوضوح من خلال تجربة جنوب افريقيا بعد الاستقلال ومن خلال البرنامج السياسي لقادة التحرر والاستقلال وما لحق به من تغييرات عاصفة علي أرض الواقع في التطبيق العملي ومجرد متابعة تاريخية بسيطة لأهم الأقوال والأحداث يمكن تفسير كل الأمور بدرجة عالية من الشفافية والوضوح بعيدا عن كل ضغوط الصخب الاعلامي والفكري العالمي المدروس والمخطط لخدمة عدم اكتشاف الحقيقة والعيش في ظلمات فقدان الوعي‏.‏
ولتكن بداية الرصد قبل اسبوعين من اطلاق سراحه في‏11‏ فبراير‏1990‏ بعد قضاء‏27‏ عاما في السجن حيث أكد نلسون مانديلا الزعيم التاريخي الوطني علي مبدأ حزبه المؤتمر الوطني الافريقي في برنامجه ميثاق الحرية علي أنه لاحرية بدون إعادة توزيع أي توزيع الثروة علي الأفارقة حيث أن نظام الابرتاهيد التمييز العنصري لم يكن مجرد نظام سياسي بل ايضا اقتصادي اتاح لنخبة صغيرة من البيض السيطرة علي مناجم افريقيا الجنوبية ومزارعها ومصانعها كنتيجة لمنع الأغلبية السوداء من حق امتلاك الأرض‏,‏ واليوم بعد سنوات طويلة من الاستقلال والتحرر فإن شعب جنوب افريقيا له حق التصويت وله الحقوق المدنية وله الأغلبية في الحكم ورغم ذلك فعلي الصعيد الاقتصادي فاقت جنوب افريقيا دول العالم كأكثر المجتمعات غير العادلة في توزيع الثروة‏!‏ كيف حدث ذلك؟ لقد اعتمدت حكومة لوكليرك العنصرية البيضاء في الفترة الانتقالية برنامجا للإصلاح الهيكلي مع صندوق النقد والبنك الدولي معتمدا علي مبادئ توافق واشنطن الذي يعد روشتة اليمين المحافظ والاصولية الرأسمالية للاصلاح الاقتصادي مدعية لمانديلا ورفاقه بأن الموضوعات الاقتصادية هي شأن فني بحت وأعطيت استقلالية كاملة للبنك المركزي عن باقي الحكومة مما قيد حركة حزب المؤتمر الوطني الافريقي عندما تولي السلطة فيما بعد بالوفاء بوعوده المذكورة في ميثاق الحرية وهو الأمر الذي دفع باتريك بوند مستشار مانديلا الاقتصادي في السنوات الأولي لحكم الحزب المؤتمر الي القول بأننا تولينا الدولة ولكن أين السلطة؟‏!‏ فأحلام ميثاق الحرية لتوزيع الأرض صارت مستحيلة حيث أضيف في اللحظة الأخيرة من المفاوضات بند ينص في الدستور الجديد علي حماية الملكية الخاصة بكل أشكالها وأصبح معه الاصلاح الزراعي المأمول من المستحيلات‏,‏ ورغبة الحكومة الجديدة في فرض قيود علي النقد لمنع المضاربة اصطدمت باتفاق ال‏850‏ مليون دولار الذي أبرمته الحكومة البيضاء مع صندوق النقد‏,‏ وحتي هدف رفع حد الأجر الأدني لسد فجوة التمييز العنصري غير ممكن لتعارضه مع اتفاقية صندوق النقد بالحد من الأجور‏,‏ وبرنامج ايجاد فرص عمل لملايين العاطلين لم ير النور كنتيجة لإغلاق مئات المصانع طبقا للاتفاقية مع الجات التي تمنع الدعم عن المصانع والتي سبق ان اعتمدت عليه ونفس الشيء بالنسبة لمرض الايدز واسع الانتشار الذي واجه حماية حقوق الملكية الفكرية للعلامات التجارية لكبري الشركات الدوائية العالمية هي تعني ان تكاليف العلاج باهظة وفوق قدرة الحكومة والاشخاص علي تدبير الأموال ورغم كل ذلك وبالاضافة الي الحجم الكبير للدين الخارجي والمحلي الذي ورثته الحكومة عن حكومة التمييز العنصري والذي تآكلت معه الموازنة العامة للدولة فإن السنوات الأولي لحكم حزب المؤتمر شاهدت انفاقا عاما لبناء مائة الف وحدة سكنية للفقراء وادخال الماء والكهرباء وخطوط التليفون لملايين المنازل غير انه تحت تأثير الدين الموروث وبضغط من المؤسسات الدولية لخصخصة تلك الخدمات اجبرت الحكومة علي رفع الأسعار وزيادة معاناة الفقراء الذين هم الغالبية العظمي من المواطنين‏,‏ وأنه وبعد عقد كامل من حكم الأغلبية فإن المياه والكهرباء انقطعت مرة اخري عن ملايين السود لعدم قدرتهم علي دفع الفواتير في عام‏2004‏ علي سبيل المثال فإن‏40%‏ من الخطوط التليفونية الجديدة قطع عنها الاتصال‏,‏ وأما بالنسبة للبنوك والمناجم والصناعات الاحتكارية التي وعد مانديلا بتأميمها فمازالت تحت السيطرة الحاكمة لأربع شركات قابضة كبري يمتلكها البيض والتي تسيطر ايضا علي‏80%‏ من بورصة جوهانسبرج‏,‏ ففي عام‏2005‏ لم يكن لنصيب السود غير‏4%‏ من الشركات المسجلة في البورصة‏,‏ وكما ان‏70%‏ من الارض في‏2006‏ يحتكرها البيض والذين يمثلون قرابة‏10%‏ من السكان فقط وسقطت وعود إعادة توزيع الثروة في مستنقع الوهم‏.‏
ومنذ عام‏1990‏ وحتي اليوم فإن متوسط عمر المواطن في جنوب افريقيا انخفض ب‏13‏ سنة‏!‏ ولقد لعب مبيكي الذي تولي الرئاسة بعد مانديلا وقبل الرئيس الحالي زوما دورا مهما في اقناع مانديلا وحزب المؤتمر بتبني أفكار توافق واشنطن ومدرسة شيكاغو الاصولية في تحرير كامل للاقتصاد وقطع العلاقات نهائيا مع ميثاق الحرية وهو الميثاق الذي أعطي الشرعية لحزب المؤتمر الوطني الافريقي وقياداته‏,‏ وأعلن مبيكي عن خطته الاقتصادية في عام‏1996‏ وهي الخطة التي فشلت تماما في جذب الاستثمار وانتهت بخفض حاد للعملة الوطنية‏.‏
وتستمر حتي اليوم عمليات نهب خزائن جنوب افريقيا المستمرة حتي الان في ظل قيود الموروث من الماضي الذي يجبر الحاضر علي ان يكون‏40%‏ من مدفوعات الدين الحكومي تذهب للمعاشات السخية لموظفي الحكومات البيضاء اثناء الحكم العنصري‏,‏ وارتفع خلال حكم حزب الأغلبية السوداء عدد الفقراء أقل من دولار واحد يوميا من‏2‏ مليون في‏1994‏ الي‏4‏ ملايين في‏2006,‏ ونسبة البطالة بين السود من‏23%‏ في‏1991‏ الي‏48%‏ في‏2002‏ ومن تعداد‏35‏ مليون مواطن اسود فإن‏5000‏ منهم فقط تفوق ايراداتهم السنوية‏60‏ الف دولار‏,‏ وفقد‏2‏ مليون مواطن اسود منازلهم ومليون تم تسريحهم من عملهم في المزارع‏,‏ ويعيش‏50%‏ من المواطنين في العشوائيات نصفها بدون ماء وكهرباء‏!‏ ولا غرابة اذن في انتشار الجريمة والفساد الاخلاقي ولا غرابة ايضا الطنطنة في دوائر عالم الرأسمالية الأصولية حول التجربة الفريدة للديمقراطية في هذا البلد؟‏!‏
وتتواصل حلقات الابرتاهيد الاقتصادي من خلال نموذج العراق ويشير خبير الاقتصاد الدولي شريف دولار الي ان ثلاث كلمات كانت وراء الغزو الأمريكي للعراق‏:‏ البترول اسرائيل شركة هاليبرتن لقد أدرك المحافظون الجدد انه لا يمكن عمليا احتلال العالم العربي كله ولكن يمكن علي غرار ما حدث في تشيلي في السبعينيات وروسيا في التسعينيات تطبيق التجربة الأصولية في بلد واحد يصلح كعامل حفاز لبقية الدول المجاورة‏,‏ وتلك هي النقطة المحورية في نظرية النموذج‏ModelTheory‏ فبعد ثمانية أيام فقط في انتهاء الغزو واحتلال العراق أعلن الرئيس بوش خطته لإقامة خلال عشر سنوات منطقة حرة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط‏,‏ وكلفت ليز تشيني ابنة نائب الرئيس ديك تشيني بالاشراف علي هذا المشروع لسابق خبرتها في روسيا‏.‏
ولقد شاهد احتلال العراق العودة للتقنيات الأولي للسوق الحرة المنفلتة‏,‏ فتم سرقة‏80%‏ من أصل‏17000‏ قطعة أثرية في المتحف الوطني العراقي‏,‏ تعبر عن ذاكرة ثقافة وتاريخ الأمة لآلاف من السنين‏,‏ وأغرقت البلد بسيل من السلع الاستهلاكية الرخيصة المستوردة وبالأغذية المعلبة‏,‏ وكانت مهمة بريمر حاكم العراق المدني انشاء الشركة العراقية‏,‏ فقام بإصدار أوامره بخصخصة‏200‏ شركة عامة كانت توفر للشعب العراقي مستلزماته من الأسمنت والورق الي زيت الطعام وسن قوانين جديدة للسماح للأجانب بشراء هذه المصانع بجانب مؤسسات التوزيع ايضا‏,‏ وحق الأجانب في تملك‏100%‏ من الاصول العراقية وتحويل‏100%‏ من الارباح للخارج علاوة علي تخفيض الضرائب علي ارباح الشركات من قرابة‏45%‏ الي‏15%‏ وكما سمح للاجانب بالتأجير وحق الانتفاع لمدة‏40‏ سنة قابلة للتجديد‏,‏ غير انه لم يسمح بخصخصة قطاع البترول الذي بقي تحت السيطرة المباشرة لسلطة الاحتلال تصرف كيف ما تشاء من ايراداته السنوية التي تبلغ‏20‏ مليار دولار‏!‏ وخلال شهور قليلة تم التعاقد مع بنك‏HSBC‏ لفتح فروع في جميع انحاء العراق‏,‏ وافتتحت محلات ماكدونالد في بغداد‏,‏ وتولت‏C‏ ي‏t‏ي‏group‏ توفير قروض للشركات بضمان مبيعات العراق المستقبلية في البترول وتعاقدت شركات شل وأكسون موبيل و‏BP‏ علي تدريب العراقيين في مجال استخراج البترول‏,‏ فلم تذهب أموال العراق لبناء مصانع وايجاد فرص عمل حتي العمالة تم استيرادها من الخارج ولم تسهم‏17‏ شركة اسمنت قطاع عام في اعادة الاعمار والتي كانت تقوم بتشغيل الاف العراقيين لان اوامر بريمير صدرت بعدم تمويل اية شركة قطاع عام الي حين خصخصتها‏,‏ وكما قام بريمر بتسريح نصف مليون عراقي من أعمالهم بينهم الاطباء والمهندسون والمدرسون والجنود بحجة انتمائهم البعثي‏,‏ وقام بالتعاقد مع شركة هالبرتن ب‏20‏ مليار دولار لتوريد الوقود لكل العراق‏,‏ وتم تمرير عقود دون اي سند لشركات كارلايل وبكتل وبارسونز وبلاك ووتر‏,‏ حققت من خلالها ارباحا خيالية لا مثيل لنسبتها من دول العالم اجمع‏,‏ ومقابل‏140‏ الف جندي امريكي وصل عدد المقاولين الاجانب الي‏120‏ الف أي قرابة مقاول اجنبي لكل جندي احتلال طبقا للاسوشيتدبريس وكل هؤلاء المقاولين قاموا بتشغيل عشرات الالاف من الأجانب ولم يشترك غير‏1500‏ عراقي فقط في عملية اعادة الاعمار اثناء ثلاث سنوات ونصف السنة هذه مدة حكم بريمر وكان الفساد هو الطابع المسيطر علي كل عقود المقاولة فلقد كشف جهاز المحاسبات الامريكي في نهاية مدة بريمر عن‏87‏ حالة من التدليس في عقود الشركات الامريكية بالعراق‏!‏
‏***‏
نتيجة منطقية ومعروفة للابرتاهيد الاقتصادي والاصولية الرأسمالية تكشف عنها كل التطبيقات لكارثة‏..‏ لا استثمار‏,‏ لا مساءله مع فيض من الأموال المنهوبة المهربة للخارج علاوة علي فساد وطائفية وتطرف ديني وارهاب فرق الموت‏:‏ هذه هي حصيلة عراق بوش وتشيني وبريمر‏,‏ وهي الخاتمة المنطقية للأصولية الرأسمالية للمحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية والبنتاجون في ذلك الوقت‏.‏؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.