منذ أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة حكمها في2010/5/29 متضمنا اثبات حق أحد المسيحيين المطلقين في الحصول علي تصريح بالزواج مرة ثانيةمنذ ذلك الوقت. خرجت تصريحات وصدرت اشارات أقل ما توصف به انها تمثل تهديدا خطيرا للتكوين الوطني للأمة المصريةومن جانبنا فاننا نحرص علي توضيح الحقائق, بعيدا عن التعليق علي الأحكام وهو ما لا نملكه مع أهمية التنويه إلي اننا لا نتحدث باسم مجلس الدولة, فليس لنا هذه الصفة, فقط نحن يهمنا الشأن الوطني العام. ولما كان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا قد صدر علانية وورد في مقدمته أنه صدر باسم الشعب وهو ما تفرضه القواعد القانونية بالنسبة لسائر الأحكام ورأس الجلسة السيد الأستاذ المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة فاننا نؤكد ما يلي: * أن الذي توجه بداية إلي محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة هو أحد السادة المسيحيين الأرثوذكس وهو السيد/..... أقام دعواه متضررا من امتناع المجلس الاكليريكي العام للأقباط الأرثوذكس عن التصريح له بعد الطلاق بالحصول علي تصريح بالزواج الثاني كنسيا حتي لا يضطر إلي الانحراف والخروج علي طاعة الرب وارتكاب المحرمات, ورأي أن الرفض علي هذا النحو يمثل تعديا علي الحقوق التي كفلها له الدستور, والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان, وعلي الدين المسيحي نفسه, علي ما أجازته لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في التاسع من مايو1938 والمعمول بها حتي الآن. * وقدم المدعي للمحكمة ما يفيد أنه كان قد اقام الدعوي رقم13 لسنة2002 أمام محكمة طنطا للأحوال الشخصية( ملي) التي ثبت أمامها أن زوجته دأبت علي الاساءة إليه واستحالت ديمومة العشرة, وفشلت محاولات رجال الكنيسة في الإصلاح بينهما, فقضت المحكمة( ملي) بتطليق زوجته للضرر. * وجاء حكم المحكمة الإدارية العليا مؤيدا لحكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة واشار إلي أن الكنيسة الأرثوذكسية اعترفت بطلاق زوجة المدعي السيدة/.... واجازت لها الزواج الثاني وتزوجت فعلا من السيد/..... بموجب عقد زواج للطوائف متحدي الملة والمذهب, فمن ثم لا يسوغ للكنيسة حرمان المدعي من الزواج الثاني. واستندت المحكمة في حكمها بالاستجابة لطلبات الزوج إلي نص المادة69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في1938, والتي اجازت للمطلق لغير سبب الزنا, الزواج مرة أخري كنسيا. وفي هذا الشأن نشير إلي أن المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس واضع اللائحة سالفة الاشارة والمطبقة حتي الآن.. هذا المجلس هو أعلي هيئة لطائفة الأقباط الأرثوذكس, وأعضاء المجلس هم من ذوي المكانة العلمية والاجتماعية الرفيعة ولا يتم تعيينهم من جانب الحكومة بل يتم انتخابهم من جانب المسيحيين الأرثوذكس. ومن يطلع علي الوقائع المصرية العدد52 الصادر في28 ابريل1938 بشأن لائحة انتخاب المجلس الملي العام والمجالس الملية الفرعية في كل انحاء القطر المصري يعلم قدر ومكانة أعضاء هذا المجلس الملي العام.. وهذا المجلس الملي المسيحي الأرثوذكسي العام المنتخب في عام1938 جماهير المسيحيين الأرثوذكس هو الذي وضع لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس في9 مايو1938 وكان من بين أحكام هذه اللائحة اتاحة الزواج كنسيا مرة أخري للمسيحي الأرثوذكسي المطلق, وتم هذا وقتها تحت اشراف غبطة البطريرك نفسه. علما بان المجلس الملي كان هو المختص بوضع مثل هذه اللوائح حتي عام1955 ومازالت لوائحه سارية. ومن ثم يغدو الحديث عن أن هذا الحكم الصادر في مجلس الدولة يمثل اضطهادا إسلاميا للأخوة المسيحيين, هو أمر في أكثر العبارات تأدبا انه اتهام غير عادل وبالرغم من كل هذا فقد حدد القانون طرقا للطعن في الأحكام وهي في حالتنا دعوي البطلان الأصلية. وإذا كان بعض الأخوة المسيحيين الأرثوذكس يرون أن هذه القواعد التي وضعها الآباء المسيحيون منذ عام1938 مخالفة للدين المسيحي, فما دخل الحكومة والقضاء في هذا الأمر. وهل كان المطلوب من قضاة المحكمة الإدارية العليا وهم من شيوخ القضاة ومن صفوة علماء القانون في مصر, أن يمتنعوا عن تطبيق القانون الساري وأن يرفضوا طلب المدعي المسيحي وهناك عشرات الآلاف مثله وأن يغلبوا عليها قرارات حديثة عكسية بحجة أن المجلس الاكليريكي هو سلطة دينية لا يخضع في قراراته للقوانين ولا للوائح بل يخضع لتفسيرات حديثة للرئاسة الدينية!! وماذا تفعل الدولة وماذا يفعل القضاء لو تغلب أصحاب الرأي المعاكس أو إذا ظهر اتجاه ثالث معاكس لكل هذه الآراء, وأعلن للدولة أنه لن يطبق إلا تفسيراته! ولمجرد التذكير ألم يحدث في عام1954 أن قام بعض المسيحيين الأرثوذكس بخطف البطريرك القبطي الأنبا يوساب من قلب دار البطريركية حيث تم نقله إلي دير معزول في الصحراء, وهناك جري إرغامه علي التنازل عن الكرسي البابوي! وقد تم هذا بخلافات أخري لم يكن من بينها الزواج والطلاق والزواج الثاني.. فهل كان علي الدولة أن تنفذ مطالب وتفسيرات الخاطفين أو تنفذ القوانين الشرعية السارية والمعمول بها! ولمجرد التذكير أيضا ألم تدق أجراس الكنائس الأرثوذكسية في مصر ابتهاجا حينما أصدر مجلس الدولة مؤخرا حكمه الرافض لاعتماد كنيسة أرثوذكسية جديدة حاول مكسيموس انشاءها واعتمادها فلجأت الكنيسة الأصلية إلي مجلس الدولة فأنصفها! فأين هو الاضطهاد؟ وهل يجوز التعامل مع أحكام القضاء بطريقة انتقائية! تبقي همسة عتاب لبعض الأخوة المسيحيين الذين حاولوا الاتصال بالمنظمات الدولية وبالدول الكبري وحثها علي التدخل لمواجهة هذا الحكم القضائي وهذا الاضطهاد, ولنا أن نتساءل هل يجوز للبعض في الداخل الاستقواء بالخارج علما بان الدول الكبري لها رأي في الأخوة المسيحيين الأرثوذكس المصريين, يعف اللسان ويمتنع القلم عن الخوض فيه. ألم ترسل الدول الكبري الارساليات والبعثات التبشيرية المكثفة إلي مصر سرا لمحاولة هداية وتحويل أقباط مصر من الأرثوذكسية إلي غيرها! بعد أن نظرت إليهم باعتبارهم كفارا ومرتدين, بحسب عبارات البابا كيرلس الخامس الذي اكتشف هذه المحاولات. ألم تسع الدول الكبري سرا للقضاء علي المسيحية الأرثوذكسية في مصر وفي هذا الشأن قاموا بنشاط مكثف في صعيد مصر بعيدا عن العين الساهرة للكنيسة القبطية المصرية وبطريركها العنيد ديمتريوس الثاني. ألم تنقسم خطط الدول الكبري ازاء الكنيسة الأرثوذكسية المصرية إلي اتجاهين: دول تري أن الحل هو في القضاء عليها وضم ابنائها إلي كنائس أخري, وأخري تري الابقاء علي كنيسة مصر مع التغلغل فيها واستعمالها والسيطرة عليها من الداخل. وعلي من يريد المزيد من المسكوت عنه الرجوع إلي قصة الكنيسة القبطية لايريس حبيب وإلي الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار للدكتور وليم سليمان والتاريخ السري لاحتلال إنجلترا لمصر تأليف الفرد سكادن بلنت. وأخيرا ألم تبرر بريطانيا احتلالها لمصر بحماية الاقليات فيها سواء القبط أو الأوروبيون! والسؤال الاجدي هو هل كل ما تقدم يتسبب في شيوع حالة من الهياج والتعصب المقيت ويؤدي إلي فتنة طائفية أم أنه يؤدي إلي السلام الاجتماعي العاقل الرشيد المسئول, في أمة تواجه الخطر! ليس لي إلا أن أترك الأمر كله بعد هذا التوضيح أتركه إلي ضمير اخواني وأحبائي المسيحيين الأرثوذكس حماهم الرب وفداهم شعب مصر الواعي العظيم.