مصريون يقتلون في اليونان ونيجيريا ولبنان ودول عديدة وآخرون يتم القبض عليهم ويودعون السجون تصدر ضدهم الأحكام ولا أحد يدافع عنهم. وتبدو الأمور وكأن المصريين في الخارج قد تركوا لأقدارهم بدون حماية, ومراكب تغرق بمن تحمله من مصريين لجأوا للهجرة غير الشرعية هروبا من أوضاعهم, ومكاتب سفريات تنصب علي العمالة المصرية وتبيع لهم الوهم وتحصل منهم الأموال. وبعد تزايد الاعتداءات علي المصريين في الخارج قدم المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام اقتراحا لوزارة العدل لتعديل قانون العقوبات لحماية أرواح المصريين وسلامتهم ومصالحهم في الخارج, وأرسل النائب العام مذكرة تفصيلية بالتعديل المقترح للمستشار ممدوح مرعي وزير العدل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل القانون, وذلك بعد حادث قتل المواطن المصري محمد سليم بلبنان, تطور آخر طرأ علي أوضاع المصريين بالخارج بعد أن تمت أخيرا الموافقة المبدئية للجنة العلاقات الخارجية والقوي العاملة بمجلس الشعب علي إنشاء هيئة صندوق لرعاية المصريين في الخارج, وهو الاقتراح الذي تقدمت به وزارة الخارجية منذ سنوات من أجل تقديم الرعاية للمصري المغترب في حالة تعرضه لمشكلات تستلزم تدخلا قانونيا, ونستعرض هنا انعكاسات كل ذلك علي أحوال المصريين في الخارج: في البداية تقول عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة والهجرة: إن عدد المهاجرين المصريين في الخارج قد تزايد ليصل إلي ما يقرب من5 ملايين مهاجر, ما بين هجرة دائمة, ومؤقتة, ولسوف تستمر بنوعيها لفترات طويلة مقبلة مادام هناك تباين في الموارد, وفرص العمل, ووسائل وأساليب الحياة, بالإضافة إلي استمرار حاجة الدول المتقدمة لاستقبال مهاجرين جدد, وذلك لأسباب مختلفة, وتبقي عملية البحث عن الأفضل من أهم العوامل المؤثرة علي تيارات الهجرة, وتحديد اتجاهاتها. وتضيف أنه كلما تراجعت فرص الهجرة الشرعية زادت معدلات الهجرة غير القانونية, مما يقضي بضرورة العمل علي إصلاح قوانين العمل وجعلها أكثر مرونة, والارتقاء بمستوي منظومة الهجرة بمفهومها الشامل الذي يضع في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية مع دراسة مقترحات ملموسة تهدف إلي توفير فرص عمل جديدة, وتحديث أسواق العمل. وأشارت إلي أنه لرعاية وحماية حقوق العمالة المهاجرة بشكل نظامي, والحد من الهجرة غير النظامية, مع تقنين أوضاع المصريين المقيمين بطريقة غير نظامية, فقد اتخذت عدة استراتيجيات أهمها: مجابهة مشكلة البطالة بجميع أنواعها التي تفاقمت مع تزايد أعداد طالبي العمل, والتركيز علي العلاقة بين الهجرة ونظام التعليم والتدريب وسوق العمل. وتضيف أن الدولة تنتهج مجموعة من السياسات والإجراءات لتلبية احتياجات أسواق العمل الداخلية والخارجية من العمالة المصرية, مع السعي لرفع درجة تنافسية العمالة المصرية بالخارج, وتوفير شروط وظروف العمل المناسبة لهذه العمالة, والمحافظة علي حقوقها, مع توفير الرعاية والحماية للعامل المصري منذ بدء التفكير في السفر وحتي وصوله إلي الدولة المستقبلة, وبما يؤدي لانخفاض معدل المهاجرين هجرة غير نظامية من مصر إلي دول المهجر, واستفادة الجاليات المصرية في الخارج والفئات الراغبة في الهجرة من المظلة القانونية, وفي هذا الإطار تواجه الحكومة المصرية مشكلة الهجرة غير النظامية من خلال سياسة تشمل5 عناصر: إيجاد فرص عمل جديدة أمام المصريين في الداخل حتي لا يكون خيار الهجرة خيارا حتميا. وفتح فرص عمل جديدة للمصريين في الخارج, وتقنين أوضاع العمالة غير القانونية منهم. وبرامج التدريب والتأهيل والهجرة. والإعلام بظروف الهجرة ومشكلاتها. وأخيرا التعاون الدولي من أجل تعزيز القدرة المؤسسية لإدارة الهجرة في مصر. وتضيف وزيرة القوي العاملة أن الوزارة قامت بتوفير نحو368 ألف فرصة عمل بالداخل خلال العام الماضي, تم تشغيل218 ألف فرصة عمل منها, وهي تنظر في إدخال تعديلات علي قانون العمل المصري رقم12 لسنة2003, وذلك للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية مع النظر أيضا في إدخال تعديلات علي قانون الهجرة المصري رقم111 لسنة83 بإضافة باب كامل عن الهجرة غير الشرعية لتجريم مرتكبي هذه الظاهرة, مع فتح فرص عمل جديدة للمصريين في الخارج, وتم توفير363 ألف فرصة عمل بالخارج خلال2009 تم شغلها جميعا. وتشير إلي أنه تم عقد اتفاقيات ثنائية مع12 دولة عربية لاستقدام وتنظيم العمالة المصرية, وتنشيط وتحديث العمل مع ثلاث دول عربية هي الأردن وليبيا وقطر, بالإضافة إلي اتفاقية مع إيطاليا, فمع الأردن تم التعاقد الفعلي مع111 ألف عامل للعمل بالأردن حتي نهاية2009 بموجب40 ألفا كل سنة, ومن المتوقع أن يتم التعاقد خلال العام الحالي مع70 ألف عامل, وفي ليبيا تم إيفاد لجان مصرية لإجراء مسوح ميدانية علي المصريين في ليبيا لإعادة تقنين أوضاعهم وفقا للقوانين الجديدة هناك, وبموجب اتفاقيتين تم وضع ضوابط الأحكام والمنافذ وعدم تسرب العمالة المصرية من خلال السواحل, كما أنه بموجب الاتفاقية الموقعة بين مصر وإيطاليا تم منح مصر حصة سنوية عام2007 تضم7 آلاف تأشيرة دخول في مجالات متعددة, وزادت إلي8 آلاف تأشيرة في العام التالي, وتم تقنين أوضاع ما يقرب من خمسة آلاف من المهاجرين بطريقة غير شرعية مقيمين لمدة طويلة واستقرت أوضاعهم. وتضيف أنه هناك مساع وجهود تجري لإيجاد فرص عمل جديدة في أسواق غير تقليدية من خلال تحديث الاتفاقية المبرمة مع اليونان في شأن تعزيز التعاون الثنائي فيما يتعلق بشئون العمل وبروتوكول التعاون المشترك في مجال تشغيل الصيادين المصريين في اليونان, والتوسع في أسواق العمل الكندية وفقا للتخصصات المطلوبة ورغبة الحكومة هناك في تبسيط الإجراءات لمواجهة النقص الشديد في العمالة, خاصة العمالة غير الفنية, وأيضا التباحث مع الحكومة البلغارية لفتح أسواق جديدة للعمالة المصرية واستطلاع مع الجانب القبرصي حول إمكان عقد اتفاقية لتنظيم العمالة المصرية في قبرص, وجار أيضا التباحث بشأن عقد اتفاقية مع الحكومة الفيدرالية السويسرية في مجال تنظيم وتدريب العمالة, مع تعزيز التعاون بين مصر وفرنسا في مجال العمالة المهاجرة, ويجري الآن الإعداد لمشروع اتفاق يأخذ في الاعتبار المواقف السياسية في ضوء اختلاف طبيعة الاتفاقيات التي تتبناها وزارة الهجرة الفرنسية علي أن يتم التشاور بين البلدين علي غرار الاتفاقيات التي وقعتها فرنسا مع عدد من الدول, واهتمام فرنسا بالتعرف علي نموذج التعاون المشترك في مجال العمالة المهاجرة الذي تم تنفيذه بين مصر وإيطاليا. وبالنسبة للشركات التي تتولي إلحاق العمالة المصرية بالخارج قالت الوزيرة: إنه حتي بداية العام الحالي فإن عدد الشركات المرخص له بمزاولة النشاط738 شركة, ووصل عدد الشركات الملغاة لفقدها شرطا من شروط الترخيص وفقا للقانون228 شركة, وعدد الشركات الموقوفة إيقافا مؤقتا13 شركة, وعدد الشركات التي تعمل بالفعل542 شركة. المهندس إسماعيل نصر الدين الخبير الاستشاري الدولي وأحد المقيمين بالخارج في الخليج يطالب بإنشاء هيئة لرعاية العاملين بالخارج, خاصة الشباب الذين تضطرهم ظروف الحياة للسفر بحثا عن مصدر رزق, حيث إن هذا السفر يكون في سن مبكرة ولم يكتسبوا الخبرات اللازمة في التعامل مع المجتمعات التي يذهبون إليها, وعلي أن تكون هذه الهيئة تحت مظلة الخارجية والقوي العاملة, وهما الجهتان المنوط بهما رعاية مصالح المصريين بالخارج علي أن تشكل الهيئة من ممثلين لهذه الوزارات, وكذلك نخبة من العاملين بالخارج الذين اكتسبوا خبرة وعادوا لأرض الوطن, والعاملين بالخارج, ويكون متاحا لهذه الهيئة القدرة علي المساعدة والتدقيق والرعاية بمختلف مجالاتها بحيث تكون قناة موصلة لهذه الفئة التي يجب أن تأخذ حقها في الرعاية والاهتمام, حيث نعلم حجم ودور العمالة في الخارج في الاقتصاد المصري. ويضيف: دعنا نتكلم بصراحة, حيث إنه من التجربة والممارسات الفعلية فإن سفاراتنا في الخارج لا تقوم بالدور المطلوب منها علي الوجه الذي نتمناه نحن كمصريين, خاصة المقيمين في الخارج برغم أنه في خلال الفترة القليلة الماضية طرأ تحسن محدود لدور هذه السفارات, لكن وجود هيئة بالشكل الذي تحدثنا عنه سيكون له دور أكثر فاعلية, حيث سيكون متحررا من أغلال بعض القواعد والنظم الروتينية التي لا يمكن أن تكون وسيلة ناجعة لتلبية احتياجات أبنائنا العاملين بالخارج, وأود أن أشير إلي شيء يسبب الألم والضيق لأبنائنا في الخارج, وهو أن المواطن في الخارج عندما يجدد جواز سفره يسدد ما يوازي5 أضعاف ما يدفعه المواطن المصري في الداخل, وهو ما يدل علي ما يعانيه أبناؤنا في الخارج من اختلاف معايير التعامل داخل بلادهم وخارجها, وهو ما يحتاج لقرار جريء للمساواة بين الجانبين بحيث لا يدفع المهاجر أضعاف ما يدفعه مثيله في الداخل. المستشار زكريا شلش رئيس محكمة استئناف القاهرة يري أن التعديلات في قانون العقوبات الخاصة بالمصريين بالخارج سيكون لها الجدوي, وهذا سيؤدي إلي إيجاد نوع من الردع لكل من تسول له نفسه الاعتداء علي المصري في أي دولة أخري إذا علم أنه ستتم ملاحقته, سواء عن طريق الإنتربول, أو السلطات المصرية, أو سلطات دولة أجنبية تكون مرتبطة مع مصر بمعاهدة تسمح بمعاقبة وتسليم المجرمين, ويدخل تحت هذا الإطار من يعتدي علي مصري خارج الحدود المصرية, وأخذت العديد من الدول بهذا النظام مثل الولاياتالمتحدة, ونحن نؤيد هذا الاتجاه لحماية المصريين بالخارج, خاصة بعد أن أخذنا درسا من المذابح التي ارتكبتها إسرائيل في حق الأسري المصريين في1967, فلو كان مثل هذا القانون موجودا لاختصت المحاكم المصرية بما جري في هذه المذابح, خاصة أن هؤلاء المسئولين عن هذه المذابح يزورون مصر وكان يمكن تعقبهم وملاحقتهم.