فى قرار غير معلن، يبعث برسالة تحذيرية غير مباشرة تستهدف الحد من الهجرة غير الشرعية، بدأت الحكومة الإيطالية اتخاذ إجراءات صارمة تقضى بترك القوارب، التى تدخل نطاقها البحرى دون الحصول على إذن مسبق، وعلى متنها مهاجرون لا يحملون تصاريح أو تأشيرات دخول، لمواجهة مصيرهم وسط الأمواج، حتى لو وصل الأمر إلى درجة الغرق، دون أن تتحرك قوات خفر السواحل أو تتدخل لإنقاذهم من الموت. وتتضمن الإجراءات الجديدة التى تتعمد السلطات الإيطالية القيام بها مؤخرًا، عدم الاستجابة لأى استغاثات ترسلها قوارب فى عرض البحر، حتى إذا لمحتها المراكب الدورية التابعة لقوات خفر السواحل وهى تغرق، خاصة أن غالبية تلك القوارب التى تستخدم فى الهجرة غير الشرعية تكون متهالكة ولا تستطيع إكمال رحلتها سالمة فى العادة. وقام خفر سواحل منطقة «لامبيدوسا» مؤخراً بإجبار سفينة إريترية تحمل مهاجرين غير شرعيين على العودة، ورفضت استقبالهم. «نفد منا الوقود ومكثنا 3 أسابيع كاملة فى عرض البحر، دون أن يتقدم أحد لمساعدتنا، ورغم أنه طوال تلك المدة رصدتنا 10 قوارب، لم تتوقف منها فى النهاية سوى واحدة».. بهذه الكلمات تحدث هامبتون (17 عاما) بإعياء واضح، بعد نجاته و4 زملاء رافقوه فى رحلة موت عبر البحر المتوسط، فى محاولة فاشلة للوصول إلى السواحل الإيطالية عبر الشواطئ الليبية. قال هامبتون وهو يبكى: «كنا 73 شخصا على قارب واحد، لم ينج منا سوى 5، والباقون تركوا ليموتوا جوعا وعطشا على مدار 23 يوما. لورا بولدريني، المتحدثة باسم مفوضة الأممالمتحدة للاجئين فى إيطاليا، ، علقت قائلة إنه «من المستحيل أن يظل قارب طوال هذه المدة دون أن يرصده أحد»، وقالت ل «المصرى اليوم» إن السياسة الصارمة التى تتبعها السلطات فى مجال مكافحة الهجرة من شأنها أن تدفع الكثير من مالكى السفن وراكبيها إلى الامتناع عن إنقاذ المهاجرين خوفا من التورط فى متاعب. ووفقا لسياسة «مُت أو عُد من حيث جئت» تلك التى تتبعها السلطات مؤخرا لمكافحة الهجرة، فإنه يمكن بسهولة إعادة المهاجرين إلى أوطانهم وعدم التعامل معهم كلاجئين، فضلا عن العقوبات القاسية التى تفرض عليهم، بدءا من الغرامة التى تصل إلى 10 آلاف يورو والسجن لمدة 6 أشهر، ومعاقبة كل من يثبت مساعدته للمهاجرين غير الشرعيين بالسجن. وتشير تقديرات أجهزة الأمن الإيطالية إلى أنه تم إلقاء القبض على 10 مصريين على الأقل دون مستندات رسمية خلال أغسطس الماضى فقط، وفى مارس الماضي، تم العثور على حطام قارب كان على متنه عشرات المصريين الذين لقوا حتفهم، بينما غرق أكثر من 400 آخرين على مدار 2008، لكن الجديد فى قارب مارس الماضى أنه تُرك بمن فيه عمدا لمواجهة مصيرهم، الأمر الذى دفع أحمد، شاب مصرى يعمل فى أحد محال البيتزا فى روما، إلى أن يبعث برسالة ل«المصرى اليوم» يقول فيها لمن يحلمون بالهجرة دون مستندات «إيطاليا رائعة، لكن على من يريد الهجرة إليها من الآن فصاعدا أن يستخدم الطرق الشرعية، لأن الأمر أصبح أكثر كلفة وخطورة». ترجمة – خالد عمر عبدالحليم: