سؤال مازال يدور بذهنى دون اجابة محددة المعالم , لماذا وقفت مصر على أعتاب الدول الفاشلة ؟ وماذا سيضير الرئيس وجماعته ومعارضيهم لو حافظوا عليها ؟ فنحن اليوم نقف امام حالة من الارتباك والارتجال فى اركان مؤسسات الدولة المصرية , وحالة من التخبط , يصدر القرار فى الصباح ويتم الغاؤه فى المساء, ويصدر فى المساء ويتم تعليقه قبل بزوغ الفجر ! والكل شركاء فيما وصلنا اليه من تخبط وان كان الرئيس وجماعته يتحملون النصيب الاكبر فى هذه المأساة لأنهم يملكون القرار الاصلى الذى تبنى عليه المعارضة مواقفها سواء بالقبول أو الرفض . ان فشل اى منظومة يبدأ بالارتباك , والارتباك يؤدى الى الفوضى وفى النهاية الانهيار التام , وهذا الانهيار قد يحدث بصورة حادة مثلما حدث فى ليبيا بعد أغتيال القذافى او بصورة بطيئة مثلما يحدث فى سوريا, واجدنى فى مصر اليوم استرجع اجابتى على سؤال سابق وجه لى بعد انتخابات مجلس الشعب المنحل وهو : مصر تتجه الى أين ؟ الى النموذج التركى أم الى النموذج الماليزى ؟ وساعتها لم اتردد فى القول بأننا نتجه الى النموذج الباكستانى , وللأسف ما تلا ذلك يؤكد اننى للاسف ثانية كنت محقاً فى قرائتى لما حدث قبل واثناء وبعد الانتخابات وتمنيت ساعتها ان تكون قراءتى للاحداث خاطئة , ولكن الواقع المرير الذى نعيشه اليوم يؤكد اننا نسير على خطى باكستان وان كان البعض يرى اننا نستعيد ذاكرة الثورة الايرانية على الاراضى المصرية وبنسخة سنية لا شيعية ولكنها فوضوية !
وهذه الفوضوية بدأت ارهاصاتها تظهر على السطح فى مشاهد مؤلمة , مقرات الحزب الحاكم تحرق ويليها حرق مقرات احزاب المعارضة , مساجد منقسمة وأخرى محاصرة وكأننا فى كراتشى , محكمة دستورية يتم حصارها على الملأ بواسطة انصار الرئيس , وقصر جمهورى تحت حماية الدبابات خوفاً من معارضى الرئيس , متظاهرين يتم قتلهم وتعذيبهم على أبواب قصر الرئاسة بواسطة بعض مؤيدى الرئيس والشرطة والجيش تقومان بدور المتفرج وتتولى فقط حراسة حوائط وجدران القصر المسئول عن ادارة شئون هؤلاء المقتولين والمعذبين على ابوابه فى مشهد عبثى عجيب , وسيظل مشهد المسحولين والمعلقين على ابواب قصر الرئيس محفوراً فى اذهان الاجيال القادمة كدليل على عودة مصر يوماً ما الى عصر ما قبل التاريخ بعد ان صنعنا يوماً هذا التاريخ .
والتاريخ لن يرحم كل من شارك فى وضع الدولة المصرية على حافة الدول الفاشلة سواء كان مؤيداً للرئيس وجماعته لمجرد التأييد أو كان معارضاً لهم لمجرد المعارضة ,فهم جميعاً شركاء فى الجريمة , وعلينا ان نقف مع أنفسنا لحظة نعود فيها جميعاً الى الله خالقنا جميعاً والهنا جميعاً والذى نعبده جميعاً والذى سيحاسبنا وحده جميعاً على ما أقترفناه فى حق أنفسنا وفى حق بلد عظيم منحنا أياه ولم نحافظ عليه كما اراد الله, بعد ان تفرقنا وتناحرنا فوق مركب يغرق بكل من فيه , فالوضع السياسى الفاشل بأمتياز الذى أوصلنا اليه بلدنا القانا فى بحر الفشل الاقتصادى وحوّل البلد أقتصادياً الى مركب قديم متهالك يجلس على أعتابه مجموعة من المتصارعين بعضهم يعتقد انه يمكنه القفز من المركب قبل ان تغرق ولذا فهو لا يهتم , والحقيقة ان المركب لو غرقت لا قدر الله ستكون جدرانها المتهالكة ارحم عليه من ظلام قاع البحر , والبعض الآخر كالمجموعة الاقتصادية الحالية مازالت تردد نفس الكلام التقليدى عن حلول تقليدية كانت السبب فى تهالك أقتصاد البلد , كلام منمق لا يسمن ولا يغنى من جوع , واكاذيب مثيرة للقئ عن فرص عمل ومشروعات جديدة ما أنزل الله بها من سلطان .
أننا بحاجة الى قوانين سريعة تسهل حياة عالم الاعمال فى مصر بداية من عمل بائعة الفجل على قارعة الطريق الى مشروعات الملايين والبلايين , الكل بحاجة الى تيسيرات حقيقية لا أكاذيب تلفزيونية وسخافات صحفية عن حلول غبية يرددها مجموعة من المسئولين البيروقراطيين بعد ان حفظوها من كتب الاقتصاد التى عفى عليها الزمن , نحتاج الى ذلك اليوم قبل الغد كى نوقف الانهيار الاقتصادى الذى سيعصف بالجميع مؤيدين ومعارضين , ففى النهاية نحن جميعاً موجودون على نفس القارب وفى نفس البحر .