لقد بذلت جهود كبيرة خلال السنوات الماضية من أجل إحداث النمو الاقتصادي والاجتماعي في جميع المجالات.. إلا أن الدارس والمتتبع لجهود التنمية في كثير من بلدان العالم يتأكد له أن الحكومة في أي دولة من تلك الدول لاتستطيع أن تتحمل وحدها أعباء التنمية الشاملة. وإنما يجب أن تكون هناك مشاركة فعالة من المجتمع المدني بجميع أفراده وطوائفه في عملية التنمية. وهناك علاقة قوية بين حب الانتماء للوطن والمشاركة المجتمعية الفعالة من قبل جميع أفراد المجتمع.. ذلك لأن حب الانتماء للوطن هو أن يشعر كل مواطن أنه جزء لا يتجزأ من كيان مصر تربطه بالوطن أهداف وآمال مشتركة, ودور واضح يقوم به بأقصي كفاءة وفاعلية ممكنة ومسئولية يجب أن يتحملها. وفي ظل ما ننعم به في مصر من استقرار سياسي, فإن الأمر يتطلب ضرورة تحقيق مشاركة مجتمعية فعالة, حيث تتكاتف جهود الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني مع أنشطة الحكومة لتحقيق أهداف التنمية الشاملة, نظرا لأن برامج التنمية لايمكن أن يتحقق لها النجاح المستهدف إلا بمشاركة فعالة من كل أفراد المجتمع, لذا فقد أصبح عزوف المواطن عن تلك المشاركة قضية مهمة يجب علي المجتمع تداركها والعمل علي تفعيلها. ولاشك أن هناك صورا عديدة للمشاركة المجتمعية التي تساند جهود التنمية, ولعل من أهم تلك الصور ما يلي: المشاركة المجتمعية للمواطنين من خلال ممارسة حقوقهم السياسية, وحرصهم علي المشاركة والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات القادمة لمجلسي الشوري والشعب خلال هذا العام وانتخابات الرئاسة في العام القادم2011, وذلك من أجل تفعيل دورهم في الاختبار الجيد لممثليهم القادرين علي صنع القرارات اللازمة لمواجهة مشاكل حياتهم اليومية, والارتقاء بمستوي اداء الخدمات المقدمة لهم. المشاركة المجتمعية لأفراد المجتمع من مستهلكي السلع في مواجهة جشع التجار المستغلين الذين يعمدون إلي احتكار السلع, ورفع أسعارها بنسب متزايدة وغير مبررة, وذلك من خلال عدم قبولهم شراء تلك السلع مرتفعة الأسعار, والعمل علي ترشيد الاستهلاك كوسيلة لضبط الأسعار في الأسواق. المشاركة المجتمعية للمواطنين في الحفاظ علي البيئة وحمايتها من التلوث لارتباط البيئة بالصحة العامة للمواطنين, وذلك من خلال الالتزام بالنظافة وعدم إلقاء القمامة في الشوارع والطرقات, ومنع حرقها لتجنب تلوث الهواء, وكذا الحرص علي عدم تلوث مياه نهر النيل وغيرها من السلوكيات الشائعة السلبية في هذا المجال. المشاركة المجتمعية لكل أفراد المنظمات في المدرسة والمستشفي والمصنع والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية والمنظمات غير الحكومية, وذلك من خلال حث أعضائها علي بذل الجهود المخلصة في عملية التنمية, والمشاركة في تقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليمية والمساعدات الاجتماعية علي مستوي المجتمع المحلي المحيط بهم. المشاركة المجتمعية لرجال الدعوة الدينية, وقادة الفكر والعلماء والكتاب من خلال عرض خلاصة تجاربهم للأجيال الصاعدة من الشباب في وسائل الإعلام المختلفة لغرس القيم التربوية الأصيلة لدي الأبناء, والمساهمة في تنشئة جيل جديد من الشباب يقوم بدور فعال في بناء الوطن. تلك هي بعض صور المشاركة المجتمعية وغيرها كثير والتي نؤكد أن دعمها أصبح ضرورة مهمة وملحة تقتضيها مصلحة الوطن, فهي تعبير صادق عن حب الانتماء للوطن, حيث يرتبط الفرد بالوطن من خلال أهداف محددة, وآمال مشتركة, وبرامج طموح يلعب فيها العمل الجماعي والتطوعي دورا مهما في المشاركة المجتمعية الفعالة لإحداث التنمية الشاملة. المزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم