نهر النيل هو أطول أنهار العالم, ويمر عبر11 دولة ليؤثر في حياة400 مليون شخص, والصراعات السياسية حول هذا الكنز الاستراتيجي متعددة وتترك آثارها علي العلاقات بين دول حوض النيل وشعوبها. وكان لابد من منفذ إنساني لإيجاد صيغة حضارية وقوية للتواصل بين شعوب حوض النيل وعلي رأسها مصر.. فقررت عقول مستنيرة بلغة الفن ومشاعر الموسيقي أن تصنع' مشروع النيل' لبناء حوار ثقافي يستحضر النهر الأفريقي رمزا لنظام بيئي مشترك, علي أن تكون' أسوان' هي المحطة الأولي لانطلاق المشروع في الفترة مابين10 و29 يناير2013 من خلال المشاركة بحفلات موسيقية تعمق المعرفة بقيمة هذا النهر وأهمية التوحد لا الانقسام بين الدول التي تعيش علي ضفافه. ونبتت فكرة المشروع في ذهن كل من المصري' مينا جرجس' المتخصص في علوم الموسيقي العرقية, والمطربة الأمريكية الإثيوبية الأصل' ميكليت هاديرو' في أغسطس2011, تتمركز الفكرة حول خلق إطار يجمع بين النهج الموسيقي والتعليمي والتنموي لمواجهة التحديات الثقافية والبيئية لمنطقة حوض النيل بأساليب مبتكرة. وتمكن مينا وميكليت باستخدام التمويل الجماعي من تأمين الدعم الكافي لتنظيم رحلة استطلاعية في دول شرق أفريقيا في مايو الماضي حيث قابلا العديد من الموسيقيين وتعرفا علي منظمات التنمية والمؤسسات الثقافية التي يمكنها المشاركة في المشروع والمساعدة في صياغة برامجه المختلفة, وتركز رحلة أسوان في يناير المقبل علي ورشة عمل للتخطيط الاستراتيجي لتطوير رؤية المشروع, تليها إقامة موسيقية مدتها أسبوعين لإنتاج موسيقي يمكنها أن تولد التعاطف وتثير الفضول حول الثقافة والبيئة الخاصة بحوض النيل. ومن المقرر أن تجمع ورشة العمل بين الخبرات في مجالات الثقافة والبيئة والزراعة والمالية والتعليم والتنمية والتواصل السلمي والحوار بين الثقافات وحل النزاعات والتبادل بين الثقافات بحيث يتولي فريق من المشروع مهمة تيسير الحوار بين المشاركين لدمج مواقفهم وخبراتهم المهنية والثقافية بهدف التوصل إلي فهم مشترك للقضايا التي تمس نهر النيل علي أن تكون نتائج تلك الحوارات جزءا أساسيا من برامج المشروع وأنشطته. وسيتعاون موسيقيون من دول حوض النيل ال11 لترجمة ذلك الحوار إلي مجموعة من الإبداعات الموسيقية والغنائية المستمدة من الأساليب الغنية والتقاليد الموسيقية والآلات المتنوعة الموجودة في شرق إفريقيا بما يحقق مساحة أكبر للتعارف وخلق فنون وألوان جديدة من الموسيقي سيتم عرضها بعد ذلك في إفريقيا وحول العالم. ومن ضمن برنامج المشروع تخصيص جولة نيلية مستقبلا باستخدام قارب مصنوع من زجاجات المياه المعاد تدويرها, حيث ستبحر مجموعة من موسيقيي المشروع والعاملين بالتوعية البيئية من البحر المتوسط إلي أسوان في35 يوما, وستتضمن الجولة حفلات موسيقية وعددا من ورش العمل التي ستتيح للجمهور في المحطات المختلفة التعرف علي النسيج البيئي والثقافي لنهر النيل. واستكمالا للجولة النيلية, سيتم إنشاء منصة حوار علي الإنترنت لتبادل الأفكار ووجهات النظر بين سكان حوض النيل من خلال المحادثات الحية والتسجيلات القصيرة فضلا عن إقامة مخيم صيفي سنوي للموسيقيين الشباب من دول الحوض لقضاء أوقات النهار في استكشاف بيئاتهم الطبيعية, بينما الليل يستغلونه في التعبير عما تعلموه من خلال الموسيقي. ووضع المشروع خطة' مناهج نيلية' باعتبارها مبادرة تعليمية تعتمد علي أسلوب كلي متكامل للتعريف بالنظام البيئي لنهر النيل وبحياة سكان واديه عبر منهج متعدد التخصصات يشمل التاريخ والجغرافيا والثقافة والبيئة في' حوض النيل'.