حالة من السجالات والانقسامات السياسية المعقدة عاشتها فنزويلا منذ إعلان فوز الرئيس الفنزويلي المريض هوجو شافيز بفترة ولاية رابعة في أكتوبر الماضي. وبلغت تلك الحالة الانقسامية بين مؤيدي تشافيز ومعارضيه ذروتها مؤخرا, حيث كان من المقرر أن يؤدي شافيز اليمين الدستورية أمام المحكمة العليا اليوم ليبدأ رسميا فترته الرئاسية الجديدة, حتي حسم منذ يومين رئيس البرلمان هذا الجدل قائلا أن اداء اليمين مجرد شكليات ويمكن لشافيز أن يؤديه بعد أن ينتهي من فترة نقاهته مهما طالت. وانطلقت في أرجاء العاصمة كاراكاس في الفترة الأخيرة الشائعات والتكهنات حول الأوضاع السياسية اذ لم يتعاف شافيز, وعلت التساؤلات هل حقا تماثل شافيز للشفاء أم أنه خدع شعبه وانتوي الرحيل رغما عنه بسبب ظروف مرضه؟ وثمة سيناريوهات تلوح في الأفق عن مصير فنزويلا بدون السياسة الشافيزية, فأول سيناريو يتطرق إلي الأذهان هو أن يهيء غياب شافيز عن المشهد السياسي الطريق أمام نائبه ووريثه السياسي نيكولاس مادورو لتولي الرئاسه وفق الدستور قبل الدعوة إلي انتخابات رئاسية جديدة بعد30 يوما من رحيل الرئيس أو تقاعده. والسيناريو الثاني هو أن تنجح المعارضة في تأمين المقعد الرئاسي في حال إجراء الانتخابات المبكرة, فقد حققت المعارضة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبرالماضي زخما شعبيا ظلت تفتقده طويلا. والسيناريو الثالث هو أن يطلب شافيز تأجيل موعد حلف اليمين ويفوض جزء من سلطاته لنائبه مادورو, حيث أن صحته لا تتحمل أعباء المنصب الرئاسي.واذ لم تنجح المعارضة في أن تفوز بمنصب الرئيس في الانتخابات المبكرة, سيستحوذ مادورو علي السلطة سواء رحل شافيز أو بقي في منصبة وفوض سلطاته لنائبه. ويحظي مادورو 50 عاما بدعم وثقة شافيز وكما يصفه المراقبون هو شخص ثوري ومكافح, يؤمن بنهج رئيسه في ضرورة الحفاظ علي السلطة في صورة الديمقراطية الاشتراكية. ورغم ذلك, لن يكون طريق مادورو إلي السلطة باليسير, فثمة تحديات تواجهه, أبرزها افتقاده كاريزما شافيز, وضعف ارتباطه بالفئات الفقيرة والمهمشة التي طالما مثلت العمود الفقري لقاعدة شافيز الانتخابية. من جهة أخري فإن السيرة الذاتية لنائب شافيز تثير قدرا لا بأس به من السخرية, فإلي جانب سجله التعليمي المتواضع الذي يقف عند الشهادة الثانوية, عمل مادورو قبل ارتقائه السريع والمفاجيء داخل صفوف الحركة النقابية سائقا لحافلة تقل ركاب العاصمة كراكاس. كما أن السياسة الشافيزية التي سينتهجها مادورو غير محبذه لدي الولاياتالمتحدةالأمريكية, ورغم أن فنزويلا هي ثاني أكبر مصدر للبترول للولايات المتحدة, إلا أن شافيز وحكومته دائما ما تعارض الموقف الأمريكي في الشرق الأوسط وخاصة العراق وليبيا, كما أن شافيز كان معارضا للقصف الأمريكي لأفغانستان في حربها ضد طالبان وتنظيم القاعدة, إلي جانب أنه ليس علي وفاق مع إسرائيل الحليف الأوفي للولايات المتحدة,. فهل تنتهي الحقبة الشافيزية في فنزويلا عند هذا الحد لتبدأ مرحلة انتقالية لحقبة جديدة قد لا تكون علي نفس المستوي, أم سيعود شافيز أقوي مما كان عليه ويمضي قدما في سياساته التي اشتهرت بها فنزويلا داخليا وخارجيا.