من المعتاد ألا يهتم المواطن العادي بالدستور علي أساس أنه موضوع خاص للمشرعين والفقهاء وبعض المثقفين. أما بالنسبة للدستور الجديد فهو بحسب نص المادة76 فيه لم يعد دستورا فحسب. وإنما أيضا قانونا للعقوبات يمكن بمقتضاه إتهام أي شخص بارتكاب فعل يخالف نص دستوري! تقول هذه المادة( العقوبة شخصية ولا جريمة إلا بنص دستوري أو قانوني). والأصل في كل الدساتيرأنه لاجريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون يصدره البرلمان ويكون معروفا تفاصيله للكافة. ولكن أن يضاف لأول مرة أن تكون الجريمة بنص دستوري تعني أن الذين وضعوها قصدوا تحويل ما ورد في الدستور إلي نصوص جنائية يتعثر فيها أي مواطن, وبالتالي يكون الأمر متروكا لتقدير القاضي لتقرير الفعل الذي يراه جريمة حسب ماورد في نصوص الدستور. وهو أمر بالغ الخطورة أن نواجه دستورا يحمل كمائن غير مرئية خاصة في ظروف التشنج السائدة حول قضايا الشريعة والدين. وكلمة أخري تمثل قنبلة نووية وهي كلمة المجتمع التي وردت في المادتين العاشرة و31. ففي المادة10 عهد الدستور إلي المجتمع( الاشتراك مع الدولة في إلتزام الأسرة المصرية بطابعها الأصيل وترسيخ قيمها الأخلاقية). وهي إضافة لم تكن موجودة في الدستور السابق مما يعني أنها وضعت عمدا. وكلمة المجتمع تعني واقعيا مجموعة الأفراد وهو ما يثير الشك حول أن يكون الهدف إنشاء جماعات الأمر بالمعروف وتجاوزات خطباء المساجد بحجة أنهم يحمون أخلاق المجتمع. وتذهب المادة31 مدي أبعد عندما تقول الكرامة حق لكل إنسان يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها. وعلي الذين وضعوا كلمة المجتمع أن يقولوا لنا كيف سيحمي الأفراد كرامة الإنسان إلا إذا كونوا قوات وجماعات خاصة لذلك ؟. ومن المفارقة أنه في مجالات تبدو فيها الحاجة ماسة إلي مشاركة المجتمع كتحقيق نهضة العلوم والفنون, تأتي المادة46 لتعطي الدولة منفردة النهوض بهذه المجالات دون ذكر للمجتمع. هذه بعض الألغام والكمائن التي يتضمنها الدستور المطروح. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر