في كل مناسبة تهل علينا نحن المصريين نجدد الدعوات لله العلي القدير أن تمر الأيام على خير وأن ينصر الله مصر ويزيل الغمة ويسدد الخطى حتى ننطلق لبناء دولتنا التي نريدها على أساس من العلم والعدل والحرية والمساواة والمواطنة والديمقراطية. ها هو العام الهجري الجديد يبدأ ولكن مع إطلاق الصواريخ والقذائف على غزة وتهديد أو إعلان خبيث بالهجوم البري إذا لزم الأمر. وفي خضم التنديد والدعوات إلى الجهاد ونصرة الفلسطينيين وإطلاق البيانات من جهات عدة لتقديم المساعدات الطبية وغيرها وإرسال الوفود للتضامن مع الضحايا والخوف على سيناء - إذا بنا نكتوي بموت حوالي ستين طفلا مصريا في حادث بشع في منفلوط بأسيوط في مشهد حزين سببه الإهمال. ما يزيد الحسرة والمرارة أن الإجراءات هي نفسها التي كانت تتم في النظام السابق، فمن قبول إستقالة الوزير إلى إلقاء اللوم على الخفير المسئول إلى التعويضات اللازمة للضحايا.. لا جديد.. وهنا تكمن المأساة. نعم لقد بدأ العام الهجري الجديد بالحداد وصلاة الغائب على شهداء غزة والأطفال الشهداء في مصر. من المؤكد أن الموقف المصري تجاه عملية " عمود السحاب" التي شنتها القوات الإسرائيلية على غزة الأسبوع الماضي، كان مختلفا تماما من الناحية الإنسانية عن موقف النظام عام 2008 إثر عملية " الرصاص المصبوب "، والذي وصفه السفير الدكتور نبيل العربي، وزير خارجية مصر في حكومة عصام شرف قائلا : " كان أقل ما يقال عنه أنه مشين ". هذا على مستوى غزة وما يحدث فيها اليوم. أما ما يحدث داخل مصر، فكلمة " مشين " تعد ضئيلة وهزيلة مع كل هذه الإستهانة بحياة المصريين. فهذه الحوادث ستتكرر مرات أخرى إذا ما لم تتم معالجة الأمر جذريا، حيث لا يوجد نظام ولا توجد إرادة لوضع نهاية لهذا الإهمال الذي استشرى في كل مكان ومرفق في مصر. إن حوادث الطرق شنيعة في بلدنا، بل تزداد بشكل ينم عن عدم المبالاه التام. لابد أن نسأل لماذا لم تتم إقالة الحكومة الحالية التي أكدت فشلها في حل كل المشكلات التي عرضت أمامها ؟ .. ولماذا نستمر في إلقاء اللوم على الإهمال الذي ساد في العهد السابق، على الرغم من أن جهات عليا في الدولة على علم تام بهذا التدني في الخدمة في كل مرافق الدولة وفي مقدمتها النقل والصحة ؟ .. والسؤال الهام الذي يفرض نفسه بعد العديد من المآسي على الصعيد الداخلي هو : أما آن الآوان لميلاد جبهة إنقاذ جادة وحقيقية مكونة من الأحزاب الكثيرة التي تم تدشينها حديثا والتي تجذب حشود كبيرة من المجتمع المصري ؟ .. جبهة تعيد التوازن للمشهد السياسي على الصعيد الداخلي بشكل يؤدي إلى حل الكثير من المشكلات التي أثبتت الأيام فشل القائمين على الأمر في القضاء على أسبابها الحقيقية. جبهة إنقاذ تعبرعن ثورة شعب جريح أطاح بمن لم يحترمه واستباح كرامته وظلمه ظلما شديدا. جبهة لا تنظر تحت قدميها لتفوز بمقاعد على حساب حياة الشعب المصري، وإنما تفرض نفسها وتعلي مصلحة مصر على أي مصلحة أخرى مهما كانت. جبهة داخلية تكون حائط الصد والدفاع عن كل شبر من أرضنا خاصة سيناء بعد كل ما يحدث في غزة والمخاوف من النزوح. نعم آن الأوان لجبهة إنقاذ تضع حدا لهذا التردي والتقاعس على المستوى الداخلي والخارجي. إن مساندة الموقف المصري في أي قضية على الصعيد الإقليمي والدولي تنبع أساسا من الداخل، والداخل المصري هش ومرتبك وضعيف، ولهذا يجب أن يتغير على وجه السرعة، فنصرة القضية الفلسطينية لا تكون بالدعاء والكلام عن قطع العلاقات وإلغاء إتفاقية كامب ديفيد وفتح باب الجهاد، ولكن إعادة حقوق الفلسطينيين تتحقق ببناء مصر قوية تستطيع الضغط وإيجاد توازن في المعادلة والعلاقات مع القوى الأخرى ... فاللهم افرغ علينا وعلى قلوب الأمهات الثكالى صبرا واحفظ مصر وأرضها فقد سالت الكثير من الدماء في سبيلها . [email protected] المزيد من مقالات رشا حنفى