لا ندري أين الحزب الوطني من الأحداث الأخيرة في غزة؟ لماذا لم تتحرك كوادر الحزب وقياداته لشرح الموقف المصري داخليا وعربيا والتصدي للذين أرادوا إلقاء اللوم علي مصر وتشويه مواقفها السياسية. دولة قطر التي لا يوجد بها إلا عدد محدود يعد علي أصابع اليد من السياسيين وأساتذة الجامعات الملمين بالقضية والمهتمين بالشأن السياسي ظهروا في مختلف الفضائيات التليفزيونية العربية يزايدون علي القضية ويكيلون الاتهامات لمصر دون أن يكون هناك في المقابل من يكلف نفسه عناء الاتصال بهذه الفضائيات والتحدث إليها أو إجراء مداخلة علي الهواء لتفنيد هذه الأكاذيب والاتهامات الباطلة ضد قيادات مصر. لقد استمعت إلي إحدي الشخصيات السياسية القطرية وهو يتحدث إلي قناة "المستقلة" التي تبث من لندن حديثا يتسم بالتهكم والسخرية علي القيادات المصرية، وهو حديث كان يتسم بالجهل وعدم الموضوعية وكان ينبغي أن تكون هناك مداخلة علي الهواء لتفنيد ما يقوله هذا الشخص خاصة أن الشارع العربي كان يغلي ويميل إلي تصديق هذه الاتهامات مادام لم يوجد من يتطوع للرد والشرح والتفنيد. ومما يؤسف له أن الذين ظهروا من مصر علي هذه الفضائيات للتحدث عن الأزمة من المصريين لم يلتزموا بالموضوعية في الحديث بل انهال بعضهم أيضا بالانتقادات علي الموقف المصري والتي كانت تأخذ طابعا انتقاميا شخصيا في الكثير من الحالات. ووحده السيد صفوت الشريف تحمل عبء التحرك الداخلي وقيادة مسيرة تحرك الحزب الوطني في هذا الشأن وكانت تصريحاته متعددة ومتنوعة وجاءت مساندة للموقف الرسمي المصري وهو موقف تمثل في المبادرة المصرية الفرنسية التي لم تأخذ حقها جيدا في العرض في وسائل الإعلام المصرية علي الرغم من انها نالت تأييدا دوليا واسع النطاق، وكانت بمثابة خطة الإنقاذ الحقيقية للخروج من المأزق الذي لم يستطع المجتمع الدولي التعامل مع معطياته بفاعلية. ويعكس عدم تحرك الحزب علي نطاق واسع في الداخل للتعامل مع الجماهير وشرح أبعاد الموقف مدي الجمود الذي تتسم به آلية التحرك الحزبي وعدم قدرة بعض قياداته علي المبادرة بالتحرك أو اتخاذ القرار والاكتفاء في مثل هذه المناسبات بإلقاء كل المسئولية علي الأجهزة الرسمية دون القدرة علي أن تساندها أو تشارك في شرح سياساتها وقراراتها. فقد كان ممكنا في أزمة مثل هذه أن ينتشر قادة الحزب وكوادره في الجامعات والتجمعات الشبابية والعمالية وفي الأندية يتحدثون ويناقشون ويشرحون ويقودون الجماهير والرأي العام في الاتجاه الصحيح بدلا من إتاحة الفرصة للمعارضة للمزايدة علي النظام وعلي الحكومة وعلي مصر كلها. إن القيادة السياسية في مواقفها التي تتحلي فيها بالصبر والحكمة في معالجة هذه القضايا الحساسة تترجم تطلعات كل مصري حريص علي ابتعاد بلاده عن القرارات المتهورة والمواقف المتشددة التي نتحمل وحدنا عواقبها بعد كل أزمة، ولكن ما كان ينقصنا في هذه الأزمة هو الإخراج الجيد الذي يبرز حقيقة مواقفنا ولا يجعلنا في خانة الدفاع وكأننا قد أخطأنا أو كأن هناك ما نحاول أن نخفيه. إن الذين تحدثوا عن الجهاد وارتدوا الكوفية الفلسطينية أمام شاشات الفضائيات وعادوا بعد ذلك إلي منازلهم الفاخرة في دول الخليج العربية يستمتعون بالحياة كما ينبغي أن تكون إنما يتحدثون عن الجهاد بعيدا عن بيوتهم وقصورهم وعن أملاكهم، ويحملون مصر دائما المسئولية لكي يتصدقوا عليها بعد ذلك بالمساعدات ويعايروها بفقرها ومشاكلها الاقتصادية. علي الحزب الوطني أن يراجع نفسه في أعقاب هذه الأزمة لعلنا نخرج منها بالدروس التي تمكننا من الاستفادة من إمكانياتنا وخبراتنا البشرية التي لم يتم توظيفها جيدا للتحرك الجماعي علي كل المستويات وفي كل الجبهات، فنحن الذين نعمل.. ونحن من يقدم شيئا للقضية الفلسطينية وغيرنا من يستفيد ويزايد أيضا علينا..! [email protected]