حالة من الحزن والأسي تملأ جنبات منزل الطالب محمود الذي دفع حياته ثمنا للمحمول ولقي مصرعه علي يد عصابة من الصبية بهدف سرقته, وعند محاولة القتيل التصدي لهم قاموا بقتله. بتوجيه طعنة مباشرة في القلب ليردوه قتيلا وتركوه وسط بركة من الدماء، وسط ذهول المارة الذين لم يتدخل أحدهم لإنقاذ الضحية وكأننا أصبحنا نعيش في غابة القوي فيها يأكل الضعيف!. حين الدخول إلي منزل أسرة الشهيد كان الحزن والهدوء يعم المنزل, وصوت القرآن يأتي من جميع أرجاء المنزل, وهناك الأم جالسة لا تتحرك ولا تتكلم حزنا علي ابنها الذي جاء إلي الدنيا بعد9 سنوات من الانتظار حتي رزقها الله به, وبالنظر إلي عيون الأم التي تلفحت بالسواد كانت تكتفي فقط بالإشارة بعينيها بعد أن فقدت النطق من وقت الحادث الأليم. أما جدة محمود فروت لنا تفاصيل مقتل حفيدها وقالت: تلقيت اتصالا من أحد المدرسين بالمدرسة التي يدرس بها محمود وأخبرني بأن محمود في حالة إعياء شديد وطلب المدرس ذهابي إلي المدرسة لمقابلته, فأبلغت ابنتي خالة محمود بالمحادثة الهاتفية التي تلقيتها, وقمنا بالاتصال بوالده الذي يعمل بإحدي الهيئات الحكومية ليسبقنا إلي المدرسة, ونحن في طريقنا إلي المدرسة تلقينا اتصالا من والده ليخبرنا بأن محمود يرقد بمستشفي الفتح وعلم ذلك بعد أن اتصل علي هاتفه ليرد عليه أحد أصدقائه, ويقول يا عمو محمود تعبان ومش قادر يتكلم ويا ريت تيجي عشان مش عارف أتصرف, فتوجهنا إلي المستشفي وتقابلنا مع أحد الممرضين, وعند سؤاله أين محمود قال: محمود مات وطلب منا تسلمه أو تحرير محضر لتشريحه لمعرفة أسباب الوفاة! وتصرخ الجدة قائلة: كان موقفا رهيبا جدا عندما التف أصدقاء محمود من حولي لحظة دخول والد محمود إلي الغرفة ليجد ابنه جثة هامدة مسجاة علي السرير ومغطي بغطاء أبيض مملوء بالدماء, اقترب الوالد ببطء نحوه وظل ينادي يا محمود.. يا محمود. وتستكمل الجدة الحديث: أصدقاء محمود اقتربوا من والده وأخبروه بأنهم يتذكرون مواصفات من قاموا بقتله, وبعد أن فاق الأب من صدمته, قام بإبلاغ شرطة قسم المعادي, فأمر العميد نائل ثروت مأمور القسم بسرعة القبض علي المتهمين, وتمكن الرائد محمد العسيلي رئيس مباحث المعادي من ضبط المتهمين الثلاثة في نفس يوم وقوع الجريمة بعد أن أدلي أصدقاء محمود بمواصفات الجناة. وصمتت الجدة للحظات ثم قالت محمود كان محبوبا جدا ودمه خفيف والكبير والصغير يعرفه وحضر إلي جنازته أصدقاؤه بالمدرسة والمدرسون وأقاربه وجيرانه. وتقول الجده إنه لا يوجد أي فائدة من ترحيل هؤلاء القتلة إلي الأحداث لأنهم سوف يخرجون منها وهم من محترفي الإجرام ويجب القصاص منهم حتي يكونوا عبرة لغيرهم, وبصوت تكسوه الحسرة قالت الجدة: حسبي الله ونعم الوكيل وراحت في نوبة بكاء طويلة.