عادت الأم من مدافن الأسرة بعد دفن نجلها محمود الذي غرق في نهر النيل أثناء نزهة للاحتفال بالنجاح في الاعدادية، فتحت الأم باب الشقة وبدأت تبحث عن نجلها وتنادي عليه في أركان الشقة، صرخت بصوت عالٍ ورددت «يا رتيني ما وافقت علي خروجك يا محمود»، وتدخل الأب المكلوم وطلب منها الصبر وذرفت دموعه عندما شاهد صورته علي سريره وشهادة نجاحه في الاعدادية. «روزاليوسف» زارت منزل محمود زيد 15 عاما طالب بالاعدادية غرق في نهر النيل أثناء نزهة «علي فلوكة» مع 4 من أصدقائه وغرق معه صديقه محمود استطاع خالد وأحمد وعمر النجاة بحياتهم بأعجوبة، المنزل مكون من 3 غرف وصالة، امتلأ بالجيران الذين حضروا لتقديم واجب العزاء الأب يجلس بجوارهم شارد الذهن نظراته تجوب الشقة يبحث عن محمود، يحاول أن يتماسك ويمسح دموعه. اقتربنا من الأم واستغللنا لحظة حاولت فيها أن تستريح من آلام الدموع، في البداية قالت: لم أصدق أن «محمود» فارق الحياة بعد نجاحه في الاعدادية بنسبة 83%، وقالت الأم: عمت الفرحة المنزل كله لمدة أسبوع بعد أن حدثنا محمود في التليفون وأخبرنا أنه نجح.. انهالت الهدايا عليه من اشقائه بمناسبة النجاح: بدأ محمود يرسم مستقبل حياته حيث قرر أن يلتحق بالثانوية العامة ثم تمني كلية الإعلام ليصبح مذيعا في إحدي القنوات الرياضية وهنا تدمع عين الأم وتقول: «بس كل شيء راح ولم يتبق لي سوي الصور والذكريات». وعن يوم الحادث قالت الأم: استقيظ محمود في السادسة والنصف صباحا وارتدي ملابسه ثم ايقظني واستأذن في النزول للتنزه مع أصدقائه لحظات وايقظت والده في الغرفة الثانية وطلبت منه السماح لمحمود للخروج مع أصدقائه فوافق الأب واعطاني 5 جنيهات اعطيتها لمحمود ولكنه طلب 5 جنيهات أخري، فسألته: سوف تذهب بعيدا؟ فرد قائلا: لا يا أمي لن أبعد عن جزيرة الذهب، ثم قام بتقبيل يدي أكثر من مرة، وقال ربنا يخليكي يا أمي يا حبيبتي، ولكنه عندما خرج من الشقة انقبض قلبي عليه وأسرعت إلي البلكونة حتي أنادي عليه وأرجعه إلي المنزل ولكنه كان يجري مسرعا وكأنه متعجل لقدره، وأضافت الأم: جلست في حالة قلق اجريت اتصالا تليفونيا فرد علي وأخبرني أنه مع أصدقائه في المدرسة بجزيرة الذهب، وبعدها بأكثر من ساعة حاولت الاتصال به ولكنه لم يرد، فتأكدت من حدوث مكروه، ليأتيني اتصال يخبرني بوفاته، وصعقت وأغشي علي من هول المفاجأة. وأكدت الأم أن أيام محمود الأخيرة كان يتحدث عنها عن مباريات كأس العالم وقبل وفاته بيوم بكي وقال يا ريت مصر كانت في كأس العالم يا أمي بس إن شاء الله هنكون في 2014 هناك بس يا تري مين يعيش!.. واستطرد والد محمود: كان يتمتع بحب الجميع ودائما كان يلعب الكرة مع أصدقائه الأكبر منه سنا نظرا لمهاراته، وأضاف أنه كان دائما يقوم بتقليد المعلقين علي المباريات. عمر أحمد 15 عاما أحد الناجين من الرحلة النيلية يجلس بمنزله وحيدا يبكي أحيانا يصفق علي يديه أحيانا أخري قال والحروف تتلعثم من فمه أنا ومحمود مع بعضنا منذ الابتدائية وحتي في المرحلة الاعدادية ولم نفارق بعض أبدا وكنا نحن الأصدقاء الخمسة في فصل واحد لمدة 3 سنوات وعندما نجحنا كنا سوف نقدم أوراقنا في مدرسة ثانوية واحدة، وأضاف: كان محمود يطلق علي اسم رونالدينهو عندما كنت ألعب وعن يوم الحادث قال عمر: فوجئت باتصال تليفوني من محمود اخبرني بقضاء وقت مع أصدقائنا الثلاثة بمناسبة النجاح ولأننا لم نشاهد بعضنا منذ 5 أيام، اتفقنا علي التقابل بمنطقة الساقية وعندما تقابلنا قررنا الذهاب لإحدي الحدائق، لكن محمود اقترح علينا رحلة نيلية فوافقنا وذهبنا إلي جزيرة الذهب وكناك سوف نتسأجر فلوكتين لأن الواحدة تأخذ 3 أفراد فقط فرفض إبراهيم المتوفي الثاني في الحادث، وقال: نركب احنا الخمسة الفلوكة علشان ما نبعدش عن بعض، ثم ركبنا الفلوكة، وقمنا بالتجديف، حتي بعدنا عن الشاطئ ثم بدت الفلوكة تميل بنا بسبب الوزن الزائد وسط ضحكتنا وتعليق محمود علي إحدي المباريات ونحن نستمع وسط الضحكات، وفجأة انقلبت الفلوكة وسقطنا جميعا في النيل وسط الصراخ، حيث استطاع خالد الامساك بالفلوكة والصراخ الحقوني محمود وإبراهيم ماتوا! واستطعت أنا وأحمد الامساك بيد بعضنا وسبحنا حتي اقتربنا من الشاطئ وانقذنا الأهالي الذين تجمعوا علي أصوات الصراخ.