الاعتقال الإداري رصاصة في قلب مواثيق حقوق الإنسان أو العدو المجهول كما يطلق عليه الأسري وهو لا يزال مستمرا دون توقف ويتخذ أشكالا جديدة, وأكثر قسوة في حياة المعتقلين عندما يصبح الأسير أمام مصير غير معروف لا يدري متي سيطلق سراحه, حيث يصبح رهينة لمزاج الشاباك الإسرائيلي, ويتحول اعتقاله الي رحلة تعذيب نفسي وحالة انتظار طويلة, سجينا لقانون الطوارئ البريطاني البائد لعام1945 والذي تستخدمه حكومة اسرائيل في اعتقال المئات من المواطنين الفلسطينيين الأسري. فالسجن الإداري قانون اسرائيلي تعسفي ظالم,لاي فلسطيني حيث يتم حبسه بدون أن توجه السلطات الاسرائيلية تهما له,وذلك ليس لان هذا الشخص قام بأفعال معادية لإسرائيل بل لمجرد الاشتباه. والاعتقال الإداري- أيضا- ليس به عقد محاكمات قضائية لهؤلاء المعتقلين اداريا أي معناه اعتقال بدون تهمه أو محاكمة, ويعتمد علي ملف سري,كما أن هذا القانون يعطي للسلطات الاسرائيلية الحق في تجديد أمر الاعتقال مرات غير محدودة حيث يتم إصدار أمر اداري لفترة أقصاها ستة أشهر في كل أمر اعتقال قابلة للتجديد, اي أن المعتقل لا يدري كم من الزمن سيمكث في السجون الاسرائيلية ومتي سيري أسرته و أقاربه ان كتب له ذلك. فمثلا, الأسير الفلسطيني أحمد الحاج النائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني أفرجت عنه السلطات الاسرائيلية أخيرا بعد أن مكث في السجون الاسرائيلية كمعتقل اداري16 شهرا. ولتبرير قانون الحبس الإداري ورغم أن اسرائيل ترفض تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة علي الاراضي المحتلة إلا انها تأخذ منها المادة78 التي تسمح لها بالاعتقال الاداري, كما تزعم بأن هذا القانون يستخدم أحيانا للمحافظة علي معلومات استخباراتية سرية. وتشير الاحصاءات الي أن اسرائيل احتفظت خلال السنوات الماضية بآلاف الفلسطينيين المعتقلين إداريا بما في ذلك أطفال ونساء بصورة مستمرة دون تقديمهم للمحاكمة وبدون إبلاغهم بالتهم الموجهة لهم ودون السماح لهم أو لمحاميهم من معاينة المواد الخاصة بالأدلة. وهذا يعني أن سلطات الاحتلال تلجأ إلي الاحتجاز الإداري كثيرا ما يتعارض مع المبدأ الذي شرع الاحتجاز الإداري علي اساسه في المادة78 من اتفاقية جنيف الرابعة. و بالنسبة لرؤية القانون الدولي لقانون الحبس الاداري نجد انه لم يضع تفسيرا واضحا ومحددا للاعتقال التعسفي, ولكن مجموعة العمل قامت بتعريف الاعتقال التعسفي علي أنه اعتقال يخالف أحكام حقوق الإنسان التي تنص عليها الوثائق المكتوبة الكبري لحقوق الإنسان. يتمسك الفريق العامل برأيه أن احتجازا مدنيا بعد دعوي يجريها القضاء العسكري يعد علي الدوام أمرا تعسفيا. وفي حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة, يكتسب هذا الرأي حجية أكبر لأن قوات الاحتلال الاسرائيلي تعتبر المحتجزين الفلسطينيين أعضاء في حركات المقاومة التي هي في مواجهة دائمة معها وبالتالي يمكن أن تهاجمهم. وهذا التقدير للأمور دلالة أخري علي انعدام واضح للنزاهة لدي المحاكم إزاء المحتجزين. وبناء عليه, فإن إصدار مذكرات اعتقال وإصدار الحكم نفسه يشكلان عملين تعسفيين. والأدهي من ذلك أن حق الإنسان في أن يحاكمه قاض طبيعي ينتهك بلا شك عندما تشكل المحكمة قوة محتلة. وبمقتضي القانون الانساني الدولي العرفي, يتعين علي السلطة القائمة بالاحتلال المكلفة بالأمن تطبيق صلاحياتها بالتناسب ولمصلحة سكان الأرض المحتلة, وليس لمصلحة قوات الاحتلال, وأن تحترم قدر الإمكان مؤسسات الأرض المحتلة وقوانينها. وهذه ليست هي الحال في الأرض المحتلة لأن المحاكم العسكرية الإسرائيلية ليست مستقلة ولا نزيهة.