جوائز نوبل للسلام عادة ما تكون محل جدل, لكن منحها هذا العام للاتحاد الأوروبي قوبل بالدهشة والسخرية سواء تعلق الأمر بتوقيتها أو مغزاها. خاصة وأن منحها مثلا لملالا الفتاة الباكستانية التي أطلقت حركة طالبان الرصاص عليها لدفاعها عن حق الإناث في التعليم كان سيكون أكثر اتساقا مع توجهات الجائزة. التوقيت في نظر الكثيرين جاء متأخرا للاحتفاء بدور الاتحاد الأوروبي في تحقيق السلام والرخاء الاقتصادي وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في القارة الأوروبية عبر ستة عقود, أو جاء مناقضا لحالة الشلل التي تعاني منها المؤسسات الأوروبية, وتمدد الاحتجاجات في اليونان ضد الهيمنة الألمانية علي القرار الاقتصادي الأوروبي ورفع بعض الشعارات النازية, والتهديدات باستخدام القوة لمنع انفصال أقاليم إسبانية, وتصاعد المطالبات بتفكيك منطقة اليورو, أو تقسيم الاتحاد بين دول الشمال الغنية و الجنوب المتعثر في عمليات الاصلاح والمثقل بالديون. ومع التسليم بهذه التحفظات فإنها جائزة تستحق الدفاع عنها, لأنها مثل تلك التي منحت لأوباما في 2009 كان الغرض منها التذكرة بالمهام الصعبة الملقاة علي السياسيين لتحقيق الطموحات البشرية. هي تذكرة للسياسيين بأن إنهاء العداء التاريخي والحروب المدمرة كانت مهمة أكثر تعقيدا أمكن إنجازها من خلال التوافق وارتضاء الدول المستقلة علي تقاسم السيادة من أجل تحقيق المصلحة الجماعية. هي أيضا رسالة إلي القادة الحاليين للأخذ برؤية القادة التاريخيين بأن الاتحاد الأوروبي ليس مجرد مشروع اقتصادي يخضع لحسابات المكاسب والخسائر الفردية, ولكنه آلية لصهر كل النزعات القومية ونزع أظافر التطرف بكل أشكاله. الجائزة كان مغزاها التحذير من أن الاتحاد أمام مفترق طرق, والسلام المستقر لم يعد أمرا مسلما به بل يحتاج من القادة الابتكار للحفاظ علي المكتسبات لأن هذا مهم ليس فقط لأوروبا ولكن لما يمثله الاتحاد من نموذج يحتذي به الشرق الأوسط لنزع الوباء الطائفي وهنا فقط ستكون الجائزة أمرا مستحقا. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني