اتهامات كثيرة طالت الإعلام في الأونة الأخيرة وفي عدد من الأزمات التي مرت بها مصر فأحيانا يتهم بأنه وراء إشعال المواقف وأحيانا أخري يتهم بالخروج عن المهنية وفي أحيان بتجاوزه الحدود أو بالإنحياز وعدم المهنية. إتهامات قد يكون بعضها صحيح وبعضها خطأ, وعلي خلفية الأحداث الأخيرة التي أعقبت تعيين النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود سفيرا لمصر في الفاتيكان, ثم بقائه في منصبه, وإتهام الإعلام بانه هو من أشعل الموقف, ونقل الحقائق مشوهة. وإذا كان الإعلام متهما في العديد من القضايا فانه بريء من دم هذه القضية كما يقول خبراء وأساتذة الإعلام. في البداية يقول د.فرج الكامل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: لابد من إنصاف الإعلام وعدم اتهامه بإشعال الموقف خاصة فيما يخص أزمة النائب العام, بل أنني أري أنه كان له دور إيجابي وساعد مصر في تلك الأزمة علي تجنب فضيحة دولية وكارثة قومية. وأري أن الهجمة علي الإعلام غير منطقية وغير مبررة ولها أغراض خاصة, فهناك أناس في المجتمع ليس لديهم أي استعداد للنقد. فالإعلام شغلته الأساسية ان يوجه للأفضل ويكشف الأخطاء ويثير القضايا الاجتماعية بالصوت والصورة. وأتساءل لماذا يلام علي شئ لا ذنب له فيه؟ فالمشكلة الحقيقية تكون في الحدث نفسه ولو لم يتم هذا الحدث فلن يكون للإعلام تدخل ولكننا لا يمكنا أن نتخذ من الإعلام شماعة لنعلق عليها الأخطاء. وتقول د.هوايدا مصطفي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: في أحيان كثيرة يكون للإعلام دور في إشعال الموقف إذا نقل حدثا بغير دقة أو بدون التأكد من مصدره, وقد يكون السبب في ذلك التنافس بين القنوات المختلفة للسبق في تقديم المعلومة أو الخبر, ولكنني أجد ان الاعلام معذور في هذه القضية لانه يواجه منافسة شرسة مع المواقع الالكترونية ولا يجد المجال السريع أو المسئول الذي يؤكد له صحة النبأ أو ينفيه, ولذلك فلابد من توفير وسائل تداول المعلومات بسهولة للإعلاميين أما عن الأزمة الأخيرة التي عرفت بأزمة النائب العام فلا دخل للإعلام فيها واتهامه بأنه وراء إشعال الموقف اتهاما ليس في محله. ويقول الرائد الإذاعي فهمي عمر: الاعلام يجري اتهامه في أشياء كثيرة وليست هذه هي المرة الأولي التي يتهم الاعلام فيها بأنه كان سببا في إثارة جدل حول موضوع معين واعتقد انه من الممكن ضبط هذا الأمر بحيث يكون الإعلام دقيقا في كل ما ينشره ويقوله من خلال أن يكون المصدر الذي يتم استسقاء المعلومات منه علي درجة كبيرة من المسئولية وان يعرف حدود ما يقال وما لا يجب أن يقال. والموضوع الأخير اعتبره أمرا أدي الي كثير من البلبلة خاصة وانه كان يتعلق بأمر خطير فيما بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية ولعله يكون مدعاة لان يتخذ كل إنسان الحيطة سواء بالنسبة لمصدر الخبر أو ناقل الخبر. والإعلام يعتبر ناقلا للخبر وليس مصدرا له وأتصور أن الإعلام ليس في هذا الموضوع بالذات ولكن في موضوعات أخري كثيرة يكون موضع الاتهام ومن هنا وجب أن نتحري جميعا الدقة سواء من يقول الخبر أو من ينقله. وتقول د.مني الحديدي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن الإعلام الرئاسي هو الذي بدأ الخطأ, وهو ما أسميه خطأ مهني لأن الوظائف العليا والمناصب الكبري لا يمكن أن يعلن عنها إلا بالموافقة وقبول الطرف الآخر, فكيف يمكن تعيين سفير لمصر في دولة خارجية دون أن يكون ذلك مقرونا بموافقة صريحة ومباشرة وليس عبر وسائط وإتصالات تليفونية أيا كان مستوي هذه الاتصالات. لذلك فان الخبر من إعلام الرئاسة يشوبه عدم التوفيق المهني. أما بالنسبة لوسائل الإعلام أيا كانت حكومية أو خاصة, إذاعة أو تليفزيون أو صحفا تجلي فيها ما يعرف بعلم دلالة الألفاظ, لأن الخبر عندما تم تداوله في البرامج الحوارية بشكل خاص أقحم عليه ألفاظ غير موجودة في القرار, وهذه الألفاظ خطورتها ذات دلالات بمعني أنه عندما يقال تنحي النائب العام فهذا يحمل إجحافا بمكانة وحقوق السلطة القضائية, وربما هذا ما أثار بعض الناس الذين كانوا يطالبون في السابق بإقصائه أو تقديم استقالته, فطريقة المعالجة جعلت الناس تتمسك بحقوق السلطة القضائية. وأري أن وسائل الإعلام والمتحدثين في برامج التوك شو ربما تناولهم للخبر يحقق مصالح أطراف بعينها وإثارة الرأي العام والهيئات القضائية. يقول د.حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة: أري أن الإعلام بصفة عامة في حالة من العشوائية والارتجال لأنه لا توجد ضوابط محددة تعمل وسائل الاعلام في إطارها بما يحقق الصالح العام للمجتمع المصري ولكن في هذه القضية تحديدا الإعلام برئ تماما لأن الجميع يعرف أن منصب النائب العام لا يجوز عزله من أي جهة أو من أي شخص كان, وبالتالي صياغة الخبر باعتبار تعيين النائب العام سفيرا لمصر في الفاتيكان تثير الكثير من الشكوك, أولا لان منصب السفير يتطلب موافقة الدولة التي يمثل مصر فيها وهذا لم يحدث, كما أن الخبر تم إعلانه عقب صدور الحكم في قضية موقعة الجمل مما يثير الشكوك ان هذا النقل أو التعيين أو الإقالة حدث متعمد من جانب السلطة التنفيذية,وأنا أتوجه باللوم لمستشاري رئيس الجمهورية الذين أشاروا بهذا الإجراء وأري ان الإعلام غير متهم في هذا الموضوع لأنه نقل الوقائع كما حدثت وحاول تفسيرها في إطار قوانين الدولة المطبقة بالفعل. وتقول د.ميرفت الطرابيشي أستاذ الإعلام: ما حدث في أزمة النائب العام لا علاقة للإعلام به والاتهامات الموجهة للإعلام ظالمة فقد حدث لبس من البداية في التصريحات التي وصلت للوسائل الإعلامية من الجهات المسئولة فبالتالي حدث ارتباك في الرسائل التي قدمتها وسائل الإعلام ولكنها نقلت نفس الرسائل وعندما تم تغيير تلك الرسائل للجمهور من جانب المسئولين تم تغييرها أيضا في وسائل الاعلام وحتي لو قامت بعض قنوات بالمبالغة أو وضع ألفاظ جديدة لدي نقلها للخبر إلا ان الأساس موجود ولا شأن للإعلام به فليس الإعلام هو من أخرج البيان ولكن ردود الأفعال العنيفة هي التي أدت لاتهام الإعلام بهذا الاتهام فقد كان مجرد ناقل حيث كانت المعلومة التي وصلت للجميع معلومة واحدة لان وسائل الإعلام لم تجلب الخبر أو تبتكره.