لا لوم على وصلات " الردح " التى اصبح المشاهد يراها فى حوارات الفضائيات بافظع الالفاظ ولا عجب ان يقتحم " جزار " مجال الانتاج السينمائى فيذبح كل القيم الجمالية ليفرض على المشاهد ما اسماه بالواقعية ؛ وهو منزلق - للاسف - هوى اليه كثير من الفنانين المثقفين اما سبب عدم اللوم او التعجب فهو انزلاق من هم على قمة هرم " النخبة " باستخدام مثل هذه الالفاظ والتهكمات ؛ ويتحدثون بها وكأنها امرا عاديا او مصطلحات لغوية الامثلة كثيرة لاخطاء وتجاوزات النخبة ؛ نسوق منها ما لاحظناه فى الفترة الاخيرة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل - وهو رمز صحفى كبير - نشر ضمن كتابه الاخير عن مبارك تهكمات بتشبيهه بالبقرة الضاحكة ؛ وبالطبع التشبيه لم يتوقف داخل الكتاب ؛ فكثير من الصحف عرضت ما قاله الاستاذ فى المانشيتات لجذب فصيل من القراء حقيقة ان التشبيه نقله الاستاذ هيكل عن دوائر عديدة من مسئولين ومواطنين ؛ ولكن تكرار ذكر مثل هذه التشبيهات والالفاظ على القراء لا تعفيه من قاعدة " ناقل الكفر ليس بكافر " ونعتقد انه كان من " اللياقة " الترفع عن اعادة مثل هذه الاقوال ؛ وهذا بالطبع ليس دفاعا عن مبارك ولكنه دفاعا عن الذوق العام مع تقديرنا للكاتب الكبير عضو مجلس الشعب زياد العليمى ذكر لفظ حمار فى هجومه على رمز عسكرى ؛ وهو تشبيه اثار غضب وحزن الشارع المصرى على مختلف توجهاته حتى من هم ضد تصرفات المجلس العسكرى خاصة مع مرواغة النائب من الاعتذار؛ والعجيب ان هذا النائب لم يكن من بيئة نواب سابقين مثل النائب الذى فخر بانه صايع والاخر الذى يزهو بنقوطة لراقصة . . . الخ ولكنه ابن لصحفية وطبيب بيطرى راحل ؛ اى من بيئة يفترض فيها الثقافة وتربية الابناء على الفاظ مغايرة تماما فضلا عن احترام من يختلف معه مرشد الاخوان د . محمد بديع . . وصف الاعلاميين والصحفيين بسحرة فرعون وغيرها من التشبيهات ؛وهو امر عجيب اذ يجىء من مرشد جماعة تزعم التحدث باسم الاسلام ؛ بل من الاعجب انه فى اليوم التالى نشر المرشد مقالا فى جريدة الاهرام بعنوان من اخلاق النهضة تناول فيه اهمية ومكانة الكلمة واثرها البالغ فى حياة الامم شيخ الازهر . . د . احمد الطيب تهكم على عهد عبد الناصر - وهو حر فى رأيه - ولكن التهكم وصل الى وصف عبد الناصر بلفظ مدلوله ساخر وهو ابو الشماليل ومن المؤسف ان جريدة الاهرام نشرت هذا الوصف عدة مرات ضمن دعاية للحواروالذى نشرته مجلة الشباب وبالطبع للدعاية للمجلة وما قامت به من انجاز صحفى حقيقة ان هجوم شيخ الازهر على عهد عبد الناصر ليس بجديد ؛ وهو هجوم انساق له كثير من رموز الاسلام السياسى ربما تأثرا بدعايات وتصفية حسابات الاخوان ولكن حتى هذا الهجوم يواجهه ردود منها : ان قمم من مشايخ الازهر وقفت بجانب الرئيس عبد الناصر -وبالطبع دون خوف او نفاق - فكانت العلاقة طيبة بينهما ؛ ومن ابرز هؤلاء الشيخ محمود شلتوت وهو من اكبر الرموز فى تاريخ الازهر من العلم والفقه ؛ وهو صاحب اقوى المحاولات للتقريب بين السنة والشيعة وانهاء التناحر بين اصحاب المذهبين وفى عهد عبد الناصر اصبحت جامعة الازهر تدرس وتخرج الطبيب والمهندس الازهرى الذى يجمع بين العلم والفقه؛ وفى عهده انشئت مدينة البعوث الاسلامية للعمل على جذب وراحة واقامة طلاب العلم بالازهر من شتى دول العالم ؛ وعبد الناصر ذاته شحذ الهمم فى التصدى للعدوان من منبر الازهر عرفانا بالدور الوطنى والتاريخى للازهر اما خلافات عبد الناصر مع الاخوان - والتى تأثر بها كثير من التيارات الاسلامية -فاسبابها معروفة حتى لو تجاهلها الاخوان واولها محاولاتهم تنظيم ثورة مضادة او القفز على ثورة 52 دون الاكتفاء بعدد من الوزراء ؛ ثم دخلوا فى مناورات من عينة المظاهر ودغدغة مشاعر البسطاء بالدعوة للاحتشام ومنع افلام السينما رغم ان الاحتشام والتدين بل والافلام السينمائية فى هذا العهد كانت ضمن المناخ العام المقبول؛ ورغم ماهو معروف من عدم احتجاج الاخوان على بيوت الدعارة الرسمية وسط القاهرة فالذى اوقفها هو رئيس الوزراء ابراهيم عبد الهادى عندما تصادف مروره بشارع " كلوت بك " واستوقفته بعض الغانيات ؛وجاء الصدام الاكبر لعبد الناصر والاخوان بسبب عودة الاخوان الى اسلوب الاغتيالات التى قاموا بها فى الاربيعنيات وبالطبع مع حجج عدم علم القيادة او اقراها لهذا الاسلوب ولا نعرف لماذا لم يقموموا بالابلاغ عن هؤلاء فور العلم اذ ان المسألة تتعلق بازهاق الارواح ؛ وبالطبع مع اللجوء لاسلوب الاغتيالات من اجل القفز على السلطة ينطبق المثل الشعبى . . اللى يلعب الدح الى اخر المثل المعروف ومع هذا فقد حاور الكاتب الكبير مكرم محمد احمد شيخ الازهر د. احمد الطيب فى حوار بارع نشرته الاهرام وتناول شيخ الازهر مساوىء عهد عبد الناصر الا ان كل من قرأ الحوار وجد ان مكرم بحنكته " افحم " شيخ الازهر وبصرف النظر عن هذا الاستطراد فان لفظ " ابو الشماليل " الذى تهكم به شيخ الازهر كان يمكن ان يعرضه لتهكم مماثل من احد المتعصبين للرئيس عبد الناصر ؛ وهو امر لايرضاه احد لشيخ فى مكانة شيخ الازهر فهو رمز يمثل المسلمين فى مصر على كافة توجهاتهم ؛ كما ان الازهر كان وسيظل - باذن الله - منارة مصر والعالم وفى سياق تبادل الالفاظ بين المشايخ كلنا يتذكر ما حدث منذ فترة من تبادل الاتهامات بين د . على جمعه ( المفتى ) والشيخ الحوينى ( الرمز السلفى ) رغم ان المفتى يمثل الاسلام الرسمى المعتدل للدولة المصرية ؛ والشيخ ابو اسحاق الحوينى يمثل السلفيين ؛ وهو تيار متغلغل فى ربوع مصر ينادى بالعودة الى الجذور الاولى وما كان بها من قدوة ومنها الاخلاق الحميدة ؛ ومن الملاحظ ان القناة التى تبنت اراء الحوينى وانصاره قناه تسمى الحكمة ووصل الامر بينهما الى اقامة د . على جمعه دعوى سب وقذف متهما الشيخ الحوينى بنقل اخبار كاذبه والفاظ تخدش الحياء والسمعه وتهدف الى التشهير به ؛ وان ما قاله الشيخ الحوينى ووصفه له فى برنامج بقناه المحور ب " البتاع ده " وبالمناسبة( هذا اللفظ استخدمه مبارك فى التهكم على الشيخ حسن نصر الله رئيس حزب الله اللبنانى ) وبالطبع اثارت هذه القضية تداعيات خطيرة والفاظ خاصة التى نسبت للمتجمهرين من انصار الشيخ الحوينى هذه نماذج قليلة من كثيرة انزلق اليها - للاسف - الكبار ؛ اى قمم النخبة فى مصر ولذا لم يكن عجبا ان تكتب جريدة مثل الاهرام المعروفة برصانتها خبرا بعنوان " صرصار يثير ازمة فى نقابة النسيج " وفى متن الخبر توضيح لصرصار بانه اسم لنقابى اسس نقابة مستقلة ؛ ولا يعرف احد كيف تنزلق الاهرام بوقارها المعروف الى اسلوب صحف معروفة بمثل هذا الاسلوب التهكمى ومنها الصحف المعروفة بصحف بئر السلم؛ ومن المفارقات ان الموضوع الرئيسى بالصفحة الدينية بذات العدد بالاهرام حمل عنوان الاية الكريمة : ولاتنابزوا بالالقاب ولم يكن عجبا ان تستضيف قناة تليفزيون مصرية اى التليفزيون الرسمى للدولة لعدد من الفنانين ؛ فيدور الرنامج حول القاء كل منهم نكته ؛ فاذا بمعظمهم يلقون بنكات جنسية صريحة ولم يكن عجبا ان تمتد ظاهرة الالفاظ على نطاق الوطن العربى ؛ فنجد احد " مانشيتات " جريدة الشرق الاوسط ( السعودية ) منذ ايام يحمل عنوان : كلام المالكى عن سوريا مثل كلام عائبة عن العفة اننا نخشى ان نقول لاحد صباح او مساء الخير او السلام عليكم فيرد التحية بلفظ من الالفاظ التى اصبح يرددها النخبة والقدوه