أثارت ردود الفعل الغاضبة في الشارع المصري تجاه الفيلم المسيء للرسول الكريم العديد من التساؤلات, لعل أهمها مسئولية الإعلام عن تلك الصورة السلبية التي نقلتها قنوات التليفزيون للاحتجاجات والتي أساءت للمسلمين أمام العالم نتيجة مظاهر العنف التي اتسمت بها, فهل كان هذا هو الدور المنتظر من الإعلام في مثل هذه الأحداث؟ أم أنه كان يجب أن يقوم بتوجيه الرأي العام بكيفية التعبير عن الغضب بأسلوب حضاري يكون له أثره الايجابي علي صورة الإسلام والمسلمين في العالم.. هذا التساؤل كان موضوعا لهذا التحقيق. تقول الإعلامية الكبيرة آمال فهمي, إن الصور التي صاحبت التظاهرات كانت بمثابة فضيحة سياسية لأن المتظاهرين الذين يقذفون الحجارة كان سنهم دون العشرين, تماما كما حدث في أحداث المجمع العلمي وهذه التصرفات ترجمها الشعب بأنها عملية مدفوعة الأجر لأطفال الشوارع الذين لا يجدون عملا ويستغلون مثل هذه المواقف للحصول علي قوتهم, فلم أري أي شخصيات سياسية والأسماء الشهيرة التي نشاهدها علي القنوات المختلفة, كان هؤلاء وكأنهم خرجوا في رحلة ولم يعودوا حتي لم نرهم علي الشاشات يشجبون ما يحدث, وهنا كان يجب علي الإعلام أن يستضيف أصحاب الفكر ورؤساء الأحزاب والسياسيين كي يشجبوا ما حدث علي الأقل!! فالإعلام فقط نقل صورا ولم يدين هذه التصرفات التي تنعكس بصورة سلبية وتشوه صورة المسلمين والإسلام أمام العالم, كان يجب أن يوعي السياسيين الجماهير بأن أي سفارة تعتبر أرض محصنة لا يجوز الاقتراب منها حتي لا تتعرض سفاراتنا في الخارج لمثل هذه الأفعال. وتقول د. ماجي الحلواني عميدة كلية الإعلام السابق, كان يجب علي القنوات التليفزيونية التركيز علي استضافة الشخصيات الدينية لشرح وجهات النظر المتزنة والعاقلة أمام المشاهدين وتوجيه النصح والإرشاد لهذه القلة التي لا تمثل المجتمع المصري بوجه عام, والتركيز علي التظاهر السلمي المتحضر لإجهاض مخطط تشويه صورة المسلمين في العالم وإفساد العلاقة بين مسلمي وأقباط مصر, والمفروض أن تكون هذه الأحداث بمثابة درس للإعلام ليكون له دور مباشر في توجيه المشاهدين والتركيز علي عرض الآراء العاقلة التي تهدئ من هذه الاحتجاجات العنيفة وتوجهها لتكون في صورة ايجابية حضارية مما يعطي تأثيرا أقوي للهدف الذي ننشده, وقد نبهت هذه الأحداث الي ضرورة وجود إدارة في الأزمات في كل قناة تليفزيونية تكون مهمتها ادارة الأزمات والأحداث الشائكة التي تشهدها بين الحين والآخر. وتقول د. مني الحديدي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة, إن الكثير من برامج أفردت مساحة كبيرة للحدث, وأري أنه حظي باهتمام مبالغ فيه مما جعل الموضوع يخدم القائمين علي الفيلم أو أصحابه, وكان المشاركين في المظاهرات لا يبدو عليهم أنهم ذو صلة بالتكنولوجيا الجديدة أو منفتحين علي الزاد الثقافي وإنما هم مدفوعين وأدي هذا الهياج الاعلامي الي تأجيج مشاعر الكثير من الصبية بدون أن يكون لديهم إدراك بنتائج ما يقومون به من أفعال, كما أن الإعلام في الكثير من الممارسات كان مخطئا وسلبيا بتقديمه آراء خاطئة. وأري أن الإعلام يجب أن يوقف هذا الإسهاب غير المبرر, كما أن بعض وسائل الإعلام تقدم آراء لأشخاص غير مستنيرين مما يؤدي لتهييج أمثالهم, فقد شاهدت أحد المتحدثين في التليفزيون المصري من الجمهور في الشارع يقول لابد من طرد كل الأمريكان والسفيرة الأمريكية من مصر, وهي أقوال لا يدرك نتائجها, والإسهاب في التركيز علي عرض ردود الأفعال خاصة في فترة وصول الإسلاميين للحكم يمكن أن يؤدي الي مشكلات علي مستوي العلاقات الدولية والسياسات الخارجية. وتقول الكاتبة والناقدة د. عزة هيكل انه إذا كان هناك خطأ جسيم وفادح من جانب صناع الفيلم, فإن الخطأ الكبير هو أننا أظهرنا وأكدنا الجانب السلبي لشخصية المسلم وهو ما كان الفيلم يحاول إثباته, فكأننا أعطينا الإعلام الغربي الفرصة ليثبت صحة ذلك الفيلم المسيء السييء, ولم يحاول الإعلام أن يتجنب الاثارة والتحريض والبحث عن حلول بديلة دبلوماسية وحقوقية وفنية تكفل للمسلمين والمصريين الثأر والتعبير عن هويتهم ودينهم بشكل وبصورة حضارية تليق بمكانة مصر وتتفق وتعاليم الإسلام فكان من الممكن للإعلام أن يناقش في أكثر من برنامج إمكان انتاج عمل عربي مصري اسلامي مشترك يترجم الي اللغات الاجنبية ويعرض في جميع دور السينما في العالم وتصاحبه حملة إعلامية تؤكد قيمة ومعني الدين الاسلامي الذي يدعو الي السلام, وأيضا كان من الممكن للإعلام أن يستضيف في أكثر من لقاء حقوقيين وأساتذة قانون دولي ومحامين يدعون المجتمع المصري والعربي والاسلامي لاستفتاء أو لتوقيع شعبي يطالب الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية بوقف عرض الفيلم عبر الطرق الشرعية والقانونية أو عبر مقاطعة شعبية للولايات المتحدةالأمريكية سواء تجاريا أو تعليميا بحيث يكون قوة ضغط مع أي قرارات سياسية تتخذها مؤسسة الرئاسة.