أطلقت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى خطتها الاستراتيجية للفترة 2019/2022، وتحمل مؤشرات مهمة وجهدا مبشرا خاصة أن العناوين الرئيسية لمحاور الاستراتيجية تركز على قضايا تلامس احتياجات المجتمع، منها تعزيز التنمية المستدامة, تعظيم كفاءة الاستثمارات العامة, الوصول إلى جهاز إدارى متميز ومرن، وبذلك تكون وضعت أسسًا مهمةللتوجه نحو تحقيق التنمية المستدامة. وكل محور من محاور هذه الاستراتيجية يحمل الكثير بين ثناياه لتحقيق الهدف المنشود وهذا ما نتمناه، حيث إن رفع كفاءة الاستثمارات وجذب المزيد منها ومشاركة القطاع الخاص فى تنفيذ هذه الاستراتيجية هو أحد الحلول الناجعة لخدمة الاقتصاد المصرى والتى تؤدى إلى توسيع قاعدته وتنويع مصادره، وزيادة ضخ الاستثمارات فى شرايينه، ولن يتحقق ذلك إلا باستثمارات حقيقية وجادة من جانب القطاع الخاص تسهم فى زيادة الإنتاج لتوفير متطلبات السوق المحلية وتصدير الفائض، وهذا يتطلب تذليل العقبات أمام هذه الاستثمارات لجذب المزيد منها سواءً من الداخل أو الخارج، كما يتطلب تفعيل مشاركة القطاع الخاص فى ظل التنافس الإقليمى والدولى بمنحه المزيد من الحوافز، وطرح الفرص الاستثمارية والترويج لها مع تحسين البيئة التشريعية والقانونية بما يجعلها مرنة، وتحقق التيسير على المستثمرين، وتقدم لهم التطمينات والضمانات، وكذلك ضرورة تحديث المرافق والخدمات، مع التوسع فى تقديم الخدمات الالكترونية التى تخفف من البيروقراطية. وبالتركيز على محور إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، تكون الحكومة قد وضعت يدها على أحد مكامن الخلل والعلاج معًا، بل ان إصلاح الجهاز الإدارى يتطلب استراتيجية خاصة وبعيدة المدى تتواكب مع طبيعة المرحلة وتوجهات الدولة فى تفعيل دور القطاع الإنتاجى وإصلاح هيكل الاقتصاد الوطنى ما يتطلب خطوات عديدة ومتتابعة تبدأ بإصلاح منظومة التعليم وربط مخرجاته باحتياجات سوق العمل لإيجاد فرص عمل حقيقية للخريجين، وهذا يتطلب إعادة النظر فى هيكلية التعليم والتوجه نحو التعليم الفنى والتطبيقى والتقليل من التعليم النظرى الذى يضيف أعدادًا ضخمة سنويًا وليس لهم فرص عمل حقيقية، بل ينضمون إلى طابور البطالة، على أن يكون ذلك نهج التعليم الحكومى والخاص معًا، بتأجيل افتتاح كليات نظرية جديدة، وعدم منح تراخيص جديدة للكليات النظرية فى الجامعات الخاصة فى الوقت الحاضرعلى الأقل، ومن ثم التحول التدريجى نحو التعليم التطبيقى الذى تحتاجه سوق العمل فى ظل جهود الدولة الدؤوبة لزيادة الاستثمارات والتوسع فى مشروعات القطاع الخاص المنتجة. أما عن تدريب العاملين فى الجهاز الإدارى فى الدولة، فيجب أن يكون لهذا التدريب رؤية مستقبلية واضحة ترتكز على محورين، الأول يهدف إلى تحسين أداء العاملين فى الجهاز الإدارى وتطوير مهاراتهم خاصة من يتعاملون مباشرة مع الجمهور، وما يتعلق بمصالح المواطن ومنها قطاعات التعليم والصحة والتموين والإدارة المحلية والنقل وغير ذلك من القطاعات التى تمس حياة المواطن اليومية. والمحور الثانى، يركز على إعادة تأهيل موظفى الجهاز الإدارى بتحويل طبيعة عملهم من مجرد الجلوس على الكراسى فى المكاتب المزدحمة، إلى عمل حقيقى منتج، للتقليل من البطالة المقنعة، وذلك عبر برامج وخطط لتحويل العامل أو الموظف المتعطل إلى منتج بتغيير مسار عمله وإلحاقه بعمل مهنى أو حرفى منتج مفيد، وإيقاف نزيف صرف الرواتب والعلاوات لفئات لا تعمل فى حين من الممكن الاستفادة منهم فى مجالات أخرى خاصة الشباب، وهذا النظام معمول به فى كثير من دول العالم حتى الدول العربية القريبة منا، على أن يتم الاستفادة من مراكز التكوين أو التدريب المهنى الموجودة فى جميع محافظات مصر منذ منتصف القرن العشرين دون الاستفادة منها على الاطلاق، بل تحولت إلى بيوت أشباح. مع أهمية التأكيد على أن يكون القطاع الخاص الشريك الرئيسى فى هذا التحول، مع ضرورة تشجيعه بحوافز تتيح له التوسع واستيعاب المزيد من العمالة التى يتم إعادة تأهيلها وتحويلها إلى عمالة ماهرة منتجة فى مختلف قطاعات الإنتاج، بدلًا من مجرد أرقام من المتعطلين تطالب ولا تعمل، وتأخذ ولا تعطى. وعلى وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية وبقية الوزارات المعنية أن تتبنى الترويج لهذا التوجه، حتى يمكن تغيير سلوكيات المجتمع تجاه التعليم الفنى والتطبيقى، والحرفى، والتعريف بمدى أهميته للمواطن وللدولة ومستقبل التنمية بدلًا من التعليم الجامعى النظرى الذى يضيف متعطلين جددا. لمزيد من مقالات جمال أمين همام