كثيرة هي التساؤلات التي تطرح في مصر الآن حول تأثير رحيل رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي علي علاقة بلاده بمصر والقضايا المشتركة وعلي الداخل الإثيوبي نفسه . .. حملنا هذه الأسئلة وغيرها إلي السفير الإثيوبي., الذي أكد أن بلاده تري أن علاقاتها مع مصر أزلية, ولذا تهتم بها وتسعي لبناء الاحترام والمنفعة المتبادلتين مع الشعب المصري.بالقاهرة السفير محمود درير. ماذا سيذكر الشعب الإثيوبي والعالم في رأيك لرئيس وزرائه الراحل ميليس زيناوي ؟ سيذكر له الإثيوبيون ليس فقط كفاحه المستمر من أجل أن يخرج إثيوبيا من بوتقة الفقر المدقع, بل أيضا أنه حاول أن يواكب المشاريع العملاقة التي بدأها في طريق النهضة الإثيوبية, أما العالم فسيذكره ابنا بارا من أبناء افريقيا المناضلين, الذين دافعوا عن قضايا افريقيا, وكان قد تم اختياره بالإجماع ليكون ناطقا باسمها في المحافل الدولية في قضايا البيئة, وقضايا دعم الدول النامية, ولم يكن رئيس الوزراء الراحل زيناوي فقط سياسيا محنكا, بل كان ايضا مفكرا ورجلا قائدا ذا رؤي. ما هي أهم إنجازاته من وجهة نظرك ؟ أهم ما أنجز انه استنهض القوي الكامنة في المجتمعات الإثيوبية والقوميات والاثنيات المختلفة, وأشعرها بأنها تستطيع أن تعيش موحدة, وهي تحافظ علي ثقافاتها وخصوصياتها. .. ومالم يكمله؟ كثيرة كانت أمنياته وتطلعاته ليس فقط لإثيوبيا, بل لافريقيا كلها, هناك سد الألفية لم يكتمل بعد, وهو من المشاريع العملاقة التي بدأها, ولدينا موروث من الكتابات والإستراتيجيات التي وضعها, مانسميه النمو والتحول في الاقتصاد الإثيوبي. هل كان زيناوي متشددا في علاقته بمصر وفي قضية مياه النيل كما وصفه البعض ؟ أبدا لم تكن مواقفه متشددة تجاه مصر, بل كان يؤمن بالأخذ والعطاء والمفاوضات, ولم يكن يوما متطرفا بشأن النيل ويراه يخص إثيوبيا وحدها بل يراه لكل أبناء الحوض, ويجب أن يستفيد منه الجميع. كيف كان يقيم نظام الحكم السابق في مصر ؟ أنا لا أحب أن أدخل في متاهات, لكن زيناوي ببساطة كان يري سياسات مصر في ظل النظام السابق متعجرفة. .. وكيف رأي مصر ما بعد ثورة25 يناير ؟ كان يراها تسير في خطي ثابتة نحو التحول الديمقراطي, وكان يري أن هناك آفاقا واسعة للتعاون بين مصر25 يناير وإثيوبيا, ويعتقد اعتقادا جازما بأن مصير الشعب في البلدين يتوقف علي نهضتها الاقتصادية وتعاونها وأن يصبحا يدا واحدة كما يقول المصريون. بعد رحيله.. هل ستتغير المواقف الإثيوبية ؟ لن يكون هناك أي تغير, لكن سنستمر في علاقاتنا الجيدة وتعزيزها والنهوض بها مع شقيقتنا مصر. .. وكيف سيكون الحال مع العلاقات المتوترة مع إريتريا والصومال؟ إريتريا دولة مارقة, ويجب أن يواصل الشعب الإريتري نضالاته التي لم يجن ثمارها بعد, وهو له طموحات في الديمقراطية والمساواة والعدالة لم تتحقق بعد, وتغيير الحكم في أسمرة ليس شأنا اثيوبيا, بل يخص الشعب الإريتري, وسنواصل دعم الصومال, لتتخلص من التطرف, ولتدخل إلي آفاق السلام والنمو, وكلما كانت الصومال معافاة, عاد ذلك بالخير علي شعوب القرن الافريقي جميعا. .. وكيف ستكون علاقة إثيوبيا مع مصر ودول حوض النيل ؟ كان زيناوي يري أن مصر تمر بمرحلة فاصلة من تاريخها, ولابد أن تأخذ الوقت الكافي لانتخاب رئيسها وبرلمانها الجديدين, وكان يري أنه لابد أن نستمر في التفاوض لمصلحة الشعوب في هذا الحوض, وستستمر هذه الرؤية وهذا الموقف,لأن علاقاتنا مع مصر أزلية أبدية, حتي تقوم القيامة, لذلك نهتم بها, وسنظل فيما تركه لنا رئيس وزرائنا الراحل من إرث, لبناء الاحترام والمنفعة المتبادلتين مع الشعب المصري, وقد ولي عهد الإملاءات. .. وماذا بشأن سد الألفية الذي تقيمه إثيوبيا علي نهر النيل, ويثير قلق المصريين ديسمالين حصتهم المائية ؟ سد الألفية وجميع السدود التي ستقيمها إثيوبيا لا تهدد مصالح مصر, لأن مصالحهما لاتتضارب. .. وماذا بشأن شخصية رئيس الوزراء الحالي هايلي ماريام ديسالين... هل ستملأ الفراغ الكبير الذي تركه زيناوي صاحب الشخصية الكاريزمية الذي حكم إثيوبيا علي مدي العشرين عاما الماضية؟ إن رئيس الوزراء الحالي خير خلف لخير سلف, وهو يعد من جيل الثورة الذين ساهموا في الكفاح من أجل الديمقراطية في إثيوبيا, وهو شخص يتسم بالهدوء والقدرة علي الاستماع لآراء الغير, ولديه القدرة كذلك علي استنهاض القوي الكامنة في الشعوب الإثيوبية, وسيكون قائدا لمرحلة حاسمة جدا في تاريخ إثيوبيا. .. وكيف ينظر للعلاقة مع مصر ؟ زيارته لمصر كانت ناجحة جدا, وهو يكن كل الاحترام لمصر, ويعتبرها دولة مهمة جدا في القارة الإفريقية, وينظر باهتمام بالغ لتوسيع مجالات التعاون والتقارب مع مصر, ويري أن هذه العلاقات يجب ألا يتم حصرها فقط بين القيادات, بل يجب أن تكون علاقات ممتدة بين كل فئات الشعبين. أي علاقة يريدها الإثيوبيون الآن مع مصر الجديدة بعد ثورة25 يناير, وكيف يمكن تنمية العلاقات بين البلدين بشكل صحيح ؟ نريدها علاقات سوية قائمة علي الاحترام والمنافع المشتركة, ويمكن تنمية هذه العلاقات إذا تجاوزت مصر الخطاب السياسي للنظام السابق, الذي كان يقوم علي التعجرف ومحاولة فرض الإملاءات وخلق العداء لإثيوبيا. .. وكيف تقيم تناول الإعلام المصري للأوضاع في اثيوبيا ؟ أحترم الإعلاميين المصريين, لكن للأسف إن بعض الإعلاميين يروجون عن إثيوبيا معلومات غير صحيحة, يمكن أن أقول انها تعتمد علي القيل والقال وبعض الخزعبلات, ولاتعتمد علي وقائع وحقائق, بل علي تخمينات. .. وماذا بشان الوضع الداخلي في إثيوبيا...هناك مخاوف من صراع داخلي ؟ أبدا الصراع الداخلي مستبعد.. هذه قراءة خاطئة, ولا عن معرفة بالوضع الإثيوبي, وبلدنا سيمضي قدما متألقا معتمدا علي إرثه السياسي.