كانت الإرادة المصرية الفرنسية هى التى أسست تجمع «الاتحاد من أجل المتوسط» الذى صار يضم ثلاثا وأربعين دولة تشكل حوض هذا البحر العريق الكبير. ولقد عشنا كواليس هذا الحدث عند إنشائه عام 2008 وها نحن نحتفل بالذكرى العاشرة للميلاد، وإن كنت لا أعرف كيف سيكون هذا الاحتفال وعلى أى مستوى. لكن يقينا أدرك أن «الاتحاد» لم يحقق الاهداف التى أنشئ من أجلها ومن المؤكد أن السبب يرجع إلى الحالة الطارئة التى حدثت جنوب البحر المتوسط عام 2011 وما بعدها مما كان له الأثر السلبى على المسار، ومن ثم فإنى أعتقد أن الفرصة مهيأة ومتاحة الآن للتحرك وأدعو مصر تحديدا إلى اتخاذ الخطوة الأولى فى هذا الاتجاه باعتبارها إحدى الدولتين المؤسستين، وأيضا بحكم حجمها وقيمتها ودورها فهى المنسق لمجموعة الدول العربية المشتركة فى الاتحاد، وكذلك بحكم حاجتها إلى التحرك لأهداف متعددة. ومن ناحيتى فإننى أبادر طوعا بطرح مجموعة من الاقتراحات. منها مثلا: لماذا لا تعقد ندوة تناقش العلاقات الثقافية والاعلامية والفنية بين دول الاتحاد، على أساس أن هذه العلاقات بمفرداتها تمهد الطريق لأى علاقات أخرى؟ وفيما أظن فإن هناك محاور مثيرة يمكن أن تثار فى هذا المجال، ومثلا لماذا لا يقام معرض مصحوب بمؤتمر لبحث ما يمكن أن تتبادله الدول بيعا وشراء سواء من المنتجات أو المواد الخام وما يمكن أن تقيمه كمشروعات مشتركة؟. ومثلا: لماذا لا تتحرك السياحة مع الثقافة للترويج لمصر سياحيا بإقامة مهرجان مصرى للفنون الشعبية فى عدد من دول الاتحاد مع الأطعمة التقليدية والمشروبات.. مما يجذب السياحة ويمكن أن يتحول هذا إلى مهرجان سنوي.. فضلا عن جذب السياحة طوال العام؟. ولماذا.. تعريفا لدول الاتحاد وترسيخا للمفاهيم المشتركة، ودعما للعلاقات على مستوى الشعوب.. لا يقام معرض للكتاب خاصة الذى يتحدث عن الدول وشعوبها وتتخلله محاضرات ولقاءات للمثقفين؟. وتتوالى الاقتراحات.. والقصد هو خلق حالة عامة من الايمان بالاتحاد ليعمل لمصلحة شعوبه، وللبحر المتوسط الذى يطل عليه ويأخذ اسمه منه، والذى لابد أن يحظى باهتمام كبير ثم إن قيمة هذا الاتحاد بحسب إمكاناته تجعله يدافع عن إرادة وحرية واستقلال كل دولة من أعضائه.. كما يواجه أى عدوان أو قهر أو اعتداء على حقوق الإنسان أو غير ذلك مما يرد فى قواميس الاستعمار القديم والحديث. وهنا يبرز سؤال عن مدى التوافق والاتفاق بين هذه الدول حتى تلتزم بخط واحد وسياسة واضحة؟ وهنا ايضا وفى الحقيقة، فإن الإجابة لا يمكن تكون قاطعة، الأمر الذى يفرض ضرورة إنشاء آليات فى الأمانة العامة للاتحاد تختص بتحديد سياسة ومفاهيم الاتحاد كما أنه من المهم وجود آلية تتابع ما يكتب عن الاتحاد, وتناقشه وتعلم عن الاتحاد ما قد يكون ضروريا، ومن المهم أنه لا يجب ترك فكرة إقامة هذا الاتحاد ولا يجب إهماله حتى يتقزم ويضمر وينتهى والمهم أيضا أن يتنبه المسئولون فيه لما قد يتعرض له الاتحاد سواء من داخله أو من خارجه، خاصة أن البعض فى هذا العالم أصبح الآن لا يرى فى المرآة غير نفسه!َ!