أفهم أن السياسة الخارجية المصرية تقوم منذ زمن بعيد على فكر مقاومة الاحلاف والتكتلات، وهكذا كان رفضها لحلف بغداد والحلف الإسلامى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، ولكن الظروف والملابسات الإقليمية والدولية تغيرت، الأمر الذى يدفع مصر إلى الوجود ضمن تحالفات تتوافق مع التزاماتها المبدئية، ولكن إلى المدى الذى تقرره هى، فقد كان بلدنا جزءا من التحالف الإسلامى ضد الإرهاب الذى انعقد عام 2015، لأن حرب مصر ضد الإرهاب شاملة متواصلة وتكاد تنوب عن العالم فى هذه الحرب، أما اشتراك مصر ضمن التحالف العربى لإنهاء الأزمة فى اليمن فقد كان محددا بنوع وحجم قوات ومهام تناسب المصالح المصرية، لتحقيق أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب المرتبطين واليوم تتحرك أمريكا لإقامة ما يسمى (تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجى) من دول الخليج والأردن ومصر لمحاربة الإرهاب ومقاومة الخطر الإيرانى الخبيث، وفى تصورى أنه ليس هناك ما يُلزم مصر فى هذا الإطار سوى محاربة الإرهاب وتحجيم خطر إيران وما يشمل تحقيق التسوية السياسية فى الملف السورى بالتحرك فى إطار سلة الدستور وهى مسائل لا تتناقض مع الموقف المصرى الأساسى، أما غير ذلك فلا أظن أن هناك ما يجبرنا عليه، خاصة أن هناك عدة تناقضات بين دول هذا التحالف فى السياسات والمبادئ، فوجود دولة مثل قطر فى ذلك التحالف غير مفهوم، فهى تحتضن الإرهاب وترتبط بأواصر تعاون قوية مع إيران، وهى فى خلاف جوهرى مع دول المقاطعة فى مجلس التعاون الخليجى ومصر، وهى ترتبط بأمريكا التى تعادى إيران وتستهدفها، وهى على الرغم من علاقتها بإيران ترتبط على نحو وثيق جدا بإسرائيل، فكيف يمكن لها بناء موقف متساو فى إطار هذا الحلف، وهكذا حتى لو كانت مصر جزءا من الحلف الذى دعا إليه بومبيو وزير الخارجية الأمريكى فليس هناك ما يضطرها إلى التناغم مع كل أعضائه وعلى رأسهم (قطر) فلا يمكن أن تحارب مصر الإرهاب ثم تتحالف مع دولة ترعى ذلك الإرهاب، والأرجح أن الولاياتالمتحدة تستهدف من هذا التحالف شيئا آخر غير ما أعلنته ودعت إليه. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع