صفقة القرن هى أمر متفق عليه لمحاربة الإرهاب بإنشاء تحالف بين أمريكا ودول عربية إسلامية من ذات المنطقة الجغرافية التى يخرج منها الإرهاب، مؤسساه الأساسيان: أمريكا، ومصر. السعودية حاضرة فى هذا التحالف، ودورها الأول المهم أن تعطل الفكر الوهابى الجامد المتأصل فيها ومنها. باقى دول الخليج أعضاء التحالف دورهم الأساسى المساندة السياسية للسعودية فى مواجهتها لإيران، والوقوف ضد أطماع قطر فى زعامة المنطقة، من خلال تقويضها أركانَ الأمن القومى الخليجى، بالتدخل فى الشئون الداخلية لدوله، والاستقواء بجماعات الإرهاب وتمويلها، ومحاولاتها المستمرة للتقارب مع إيران المهددة للخليج دائماً، كذلك تسهم تلك الدول مع السعودية فى تجفيف منابع تمويل الإرهاب، من خلال التضييق على التعاملات البنكية والتجارية ذات الصلة، وخاصة مع قطر، وتحمى أمريكا شركاءها الخليجيين فى التحالف من التهديدات الإيرانية، مقابل سدادهم فاتورة التكاليف، وخصوصاً السعودية. مصر تكسب من جهود تجفيف منابع تمويل الإرهاب بتقليص قدرة الإرهاب العامل ضدها، خاصة فى سيناء، وأمريكا كذلك تكسب، حيث تحقق أحد أهم محاور سياستها الخارجية، وهو «مقاومة التأثير الإيرانى المتزايد فى منطقة الشرق الأوسط بحماية مصالحها فى البترول، وتأمين إسرائيل، وتوازن القوى بالمنطقة». وتقاطع بعض دول التحالف «قطر» للضغط عليها، فتخرج الأخيرة عن اتزانها وتتحرك برعونة، فاضحة أسراراً عن توافقات مخفية بينها وبين كل من تركياوإيران والسودان والإخوان وحماس وحزب الله.. وأمريكا ومصر تستفيدان من هذا الفضح للأسرار، فى معرفة مزيد من التكتيكات والعلاقات التى كانت مخفية ومواجهتها عسكرياً وسياسياً ومخابراتياً. بينما باقى دول الحلف الخليجية لا تقاطع قطر حتى يبقى هناك خط رجعة للجميع دون قطع شعرة معاوية، فى سيناريو استراتيجى لا بد من أخذه فى الاعتبار. قدرات قطر التمويلية للإرهاب تنحسر باستنزاف أموالها فى استثمارات جديدة فى أمريكا طمعاً فى وساطتها لإنهاء المقاطعة العربية، وتنحسر أكثر نتاج المقاطعة العربية. أما إيران فتخشى التحالف الجديد، وتتباطأ بعض الشىء فى استمرار دعم حليفها «الأسد»، الذى كالَ ل«داعش» ضربات موجعة بسوريا فى الأشهر الماضية بدعم إيرانى كبير، فيجدها «داعش» فرصة ثأر سانحة، ويوجّه ضربات إرهابية داخل إيران ذاتها!! أما الأتراك فسوف يحاولون استغلال الموقف تكتيكياً مدفوعين بضغوط الإخوان والخوف من ضياع حلم الخلافة الإسلامية، وقوفاً إلى جانب قطر أمام ما أصابها من قطع علاقات، وهم إنما يفعلون ذلك بلا اتزان، لكن القاعدة الأمريكية الكبيرة عندهم تعيد عقولهم مرة أخرى للاتزان!! الإخوان يحاصرون فى كل مكان، وسوف يحاولون الانتقام بضربات إرهابية. أمريكا سوف تساعد مصر بالعتاد العسكرى المتطور، خاصة أسلحة كشف وضرب الإرهاب. دول التحالف الجديد، وعلى رأسها أمريكا، سوف تشارك مصر من خلال الاستثمار فيها، لخلق مناخ طارد للإرهاب داخل البيئة المصرية، وتبقى مصر رأس الحربة فى المواجهة العسكرية ضد الإرهاب فى سيناء، وليبيا، والسودان، والصومال، والبحر الأحمر، أمام السواحل الشرقية لأفريقيا وحتى باب المندب. مصر كانت بالتأكيد صاحبة قرار أساسى فى كل ما حدث، وشاركت فى اختيار التوقيتات السليمة، وسوف تقضى على الإرهاب الذى يتربص بها، لكن ذلك سيأخذ منها وقتاً، ويستنزف موارد، ويحتاج إلى صبر، وسوف يستمر الشعب المصرى فى تقدير جهود رئيسه ودولته، رغم التحديات الجسام، وسوف يبقى المصريون فى رباط معاً من أجل دحر الإرهاب، بإذن الله تعالى.