ستظل روح أكتوبر علامة فارقة فى تاريخ العسكرية المصرية، على أن الإرادة الصلبة التى يساندها الإيمان القوى والتخطيط المحكم تستطيع صناعة المعجزات، وأن القوى الكامنة بداخلنا هائلة، وأحرى بنا أن نحسن استغلالها لنحقق بها أعظم الإنجازات فى ميادين الحرب وميادين السلام معا. وأكد علماء الدين أن ملحمة انتصارات حرب 6 أكتوبر المجيدة سطرت أعظم نموذج للتلاحم والانتماء وحب الوطن بين أفراد الشعب المصرى وقواته المسلحة. وطالبوا المصريين بالتوحد والتكاتف مع قواتنا المسلحة فى دحر الإرهاب وبناء مصر القوية الحديثة من خلال العمل الجاد والإخلاص للوطن، واستلهام روح أكتوبر فى مواجهة التحديات. ويرى الدكتور عبدالرحمن سالم، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة القاهرة، أن انتصار أكتوبر 1973 سيظل علامة بارزة فى تاريخ العسكرية المصرية، وهو يذكرنا بانتصار المصريين فى مواجهات أخرى حاسمة كانتصارهم فى معركة المنصورة ضد جحافل الصليبيين فى الحملة الصليبية السابعة 1250م (647ه)، وهى الحملة التى انتهت بإنزال هزيمة ساحقة بالصليبيين وأسر ملكهم لويس التاسع فى دار ابن لقمان؛ وكان انتصارهم أيضا فى معركة أخرى لا تقل حسما وهى معركة عين جالوت ضد جحافل المغول 1260م (658ه).ويضيف أن نصر أكتوبر يحتل مكانة متميزة بين انتصارات المصريين العسكرية لاعتبارات مهمة؛ فقد تحقق هذا النصر وسط حملة ضارية من الحرب النفسية التى كانت تهدف إلى كسر إرادة الشعب المصرى وتدمير ثقته فى قدراته وإمكاناته. ولكن المصريين استوعبوا هذه التجربة القاسية والتقطوا أهم دروسها وأدركوا أن الحرب التى نخوضها ضد العدو هى حرب إرادة، فما دامت إرادتنا لم تنكسر فإن النصر آت لا ريب فيه. وقد آمنوا بفحوى قوله تعالى: (ولينصرن الله من ينصره) الحج 40، وقوله سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) »محمد 7«. وهذا يعنى ببساطة أن الله ينصر من يأخذ بكل أسباب النصر؛ من عزيمة لا تلين، وتخطيط محكم لا يعتريه خلل، وإعداد كامل لكل وسائل القوة المادية، ثم توكل على الله بعد ذلك وثقة فى نصره ويقين بأنه لا خيار فى المواجهة إلا النصر أو الشهادة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه هى الروح التى واجه بها المسلمون الأوائل أعداءهم فتغلبوا على إمبراطوريات أخذت على عاتقها أن تستأصل شأفتهم، فترنحت هذه الإمبراطوريات أمام هؤلاء الرجال الذين ملأ الإيمان قلوبهم، وكان شعارهم: احرص على الموت توهب لك الحياة. ويشير سالم إلى أن أهم درس فى نصر أكتوبر أن الإرادة الصلبة التى يساندها الإيمان القوى والتخطيط المحكم تستطيع صناعة المعجزات، وأن القوى الكامنة بداخلنا هائلة، وأحرى بنا أن نحسن استغلالها لنحقق بها أعظم الإنجازات فى ميادين الحرب وميادين السلام معا. روح أكتوبر وقال الدكتور حامد أبو طالب، الأستاذ بجامعة الأزهر: حينما نستذكر أحداث أكتوبر ونحتفى بهذا الانتصار العظيم نجد أن حب الوطن والعزيمة والإصرار وعدم الاستسلام تعد من أهم إلهامات هذا النصر ومن ثم ينبغى أن تدرس فى كل مراح التعليم ومراكز الشباب والنوادي، وأن يركز عليها العلماء والدعاة والخبراء العسكريون معا. وأوضح أن نصر أكتوبر تسرى روحه وتتجدد كلما شهدت مصر أزمة. كما أن جنود القوات المسلحة الباسلة فى سيناء وفى كل بقعة من بقاع الأرض يقدمون أرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية فداء للمصريين وحماية لأمنهم واستقرارهم، وسعيا للنهوض بعملية التنمية التى ترتبط بالأمن ارتباطا وثيقا ولا يدخرون جهدا فى تنفيذ المشروعات العملاقة التى تسهم فى تحقيق نقلة حضارية لبلادنا. ويقول الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون: إن انتصارات أكتوبر تحمل عدة رسائل.. ففى الوقت الذى كانت تمر فيه مصر بأصعب ظروفها السياسية والاقتصادية استطاع تكاتف الشعب مع الجيش تحقيق هذا الانتصار. وأشار إلى أن التكاتف الحالى بين الشعب والجيش قادر أيضا على حماية مصر من كل المخاطر والتحديات فى مواجهه الصعاب وبناء مصر الحديثة القوية. وقال إن جيش مصر العظيم هو درع الوطن الحصين الذى قدم ولا يزال يقدم العديد من التضحيات من أجل الدفاع عن حقوق الشعب المصرى وهو لا يزال يقوم بدوره الحاسم فى استئصال جذور جماعات العنف والإرهاب التى تحاول العبث بأمن واستقرار مصرنا العزيزة وتحقيق التنمية فى أرض سيناء الغالية. وطالب الشعب المصرى باستلهام روح انتصارات حرب 6 أكتوبر المجيدة فى هذا الوقت الذى تمر فيه مصرنا الغالية بتحديات كبيرة تستوجب تكاتف أبنائها وتتطلب العمل بإخلاص وتفان لتفويت الفرصة على المتربصين بها وبأمنها واستقرارها من أجل رفعة مصر وتقدمها وناشد الشعب المصرى بذل الجهد والعمل المستمر حتى تصل مصرنا الحبيبة إلى بر الأمان وتحتل مكانتها اللائقة بين الدول. معركة الكرامة وقال الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق بأسيوط: يسترجع المصريون والعرب ذكرى غالية على قلوبهم هى الانتصار المجيد الذى تحقق فى السادس من أكتوبر والذى سطر فيه الجيش المصرى صفحة من أنصع الصفحات فى تاريخ العسكرية المصرية والعربية كما سطره التاريخ بأحرف من نور ففى هذه الذكرى المباركة انتصر الجيش المصرى على العدو الإسرائيلى واسترد قلب مصر الحبيبة ألا وهى سيناء أرض الفيروز بعد أن عبر أكبر مانع مائى فى العالم وتحطيم خط بارليف الحصين، وأشار إلى أن الموضوع ليس استرداد أرض فقط ولكنها كانت معركة استرداد كرامة. ورغم مرور كل هذه السنوات فإن هذا الانتصار العظيم مازال يخضع للتحليل والدراسة فى المؤسسات العسكرية فى العالم. فضل الجهاد عن أبى الدرداء - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن فى الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين فى سبيله, ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض». عن عبد الرحمن بن جبر - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اغبرت قدماه فى سبيل الله, حرمه الله على النار».