إذا كان «القلم أمضى سلاحا من السيف» فى بعض الأحيان فالصورة أيضا أبلغ من الكلمات فى كل الأحيان سواء كانت واقعية أو تعبيرية. ومن هنا حرصت كثير من المجلات العالمية على التعاون مع فنانين موهوبين لإبداع أغلفتها، ليس فقط لجذب القارئ لشرائها، ولكن ليبقى بعضها محفورا فى الأذهان، كذكرى لحدث فارق أو لرسالة ما أرادت المجلة إيجاز التعبير عنها. ومن بين تلك المجلات مجلة «تايم» الأمريكية التى تأسست عام 1923 وكثيرا ما كان غلافها مثيرا للجدل أو سببا فى الحصول على جوائز. ولأن المساحة لا تسمح باستعراض أبرز أغلفة تايم بوجه عام على مدى السنوات الطويلة الماضية، فسنركز على أغلفة تايم التى صورت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى كان مصدر إلهام كبير للفنانين الذين أبدعوا وأطلقوا العنان لخيالهم فى تصميم الأغلفة منذ ترشحه للرئاسة فى 2015 وحتى العدد الذى سيصدر فى 3 سبتمبر 2018 ويصور غلافه المكتب البيضاوى غارقا فى المياه وجسم ترامب بربطة عنقه الحمراء المفضلة عائما فى الأعلى والعنوان «فى الأعماق»، وهو ما يجسد الأزمة الطاحنة التى تتعرض لها رئاسة ترامب وتعالى الأصوات الداعية لعزله فى أعقاب إدانة بول مانافورت مدير حملة ترامب الانتخابية السابق وبول كوهين محاميه السابق أيضا فى قضايا تحايل بنكى وضريبي. ويقول تيم أوبراين الذى صمم الغلاف الأخير : «تساءلت بعد تفجر الأزمة الأخيرة : هل سيبقى ترامب فى مكتبه بالبيت الأبيض أم لا؟ وشعرت أنى لو رسمته جالسا على المكتب وسط الماء سيكون ذلك كوميديا جدا، فى حين أن رسمه عائما بالأعلى سيعطى الانطباع بأنه ما زال يكافح رغم الأزمات الطاحنة». وغلاف أوبراين الأخير الذى سيصدر فى عدد 3 سبتمبر هو الثالث فى مجموعة بدأت بغلاف فى فبراير 2017 يصور عاصفة عاتية تضرب المكتب البيضاوى والعنوان «لا يوجد ما يمكن رؤيته هنا»، وذلك فى إشارة لحالة الفوضى التى كانت تعم البيت الأبيض نتيجة التصريحات والقرارات النارية والفضائح، ثم غلاف ثان فى أبريل 2018 يستكمل نفس فكرة «العاصفة» ويصور ترامب وسط مياه متلاطمة والأوراق تطير من حوله والعنوان «عاصف»، وذلك بعد حملة التفتيش التى شنتها المباحث الفيدرالية على مكتب ومنزل مايكل كوهين محامى ترامب الشخصي. تجدر الإشارة هنا إلى أن أوبراين يعد واحدا من أشهر رسامى بروكلين وصمم أكثر من 25 غلافا من أغلفة مجلة تايم منذ بدء تعاونه مع المجلة قبل حوالى ثلاثين عاما، من بينها غلافان موجودان فى متحف الفن الوطنى فى العاصمة واشنطن. أغلفة تايم التى تصدرها ترامب - الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة - تقدر بحوالى 28 غلافا، وهو رقم مثير، وإن كان لا يقارن بال55 مرة التى ظهر فيها الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون على غلاف تايم. وقد تفاخر ترامب ذات مرة بأنه سجل رقما قياسيا غير مسبوق فى الظهور على غلاف تايم وصل إلى 15 غلافا فى عام واحد فقط. وفيما يلى أبرز أغلفة تايم التى خصصت لترامب: 20 أغسطس 2015 : لقطة لوجه ترامب فى حالة تجهم شديد والعنوان «تعاملوا مع ذلك»، وذلك فى إشارة لاستمرار حالة عدم التصديق لمسألة ترشح ترامب للرئاسة وكأنه كائن فضائى هبط على الأرض ويجب التعامل معه. 11 أغسطس 2016 و13 أكتوبر 2016 : غلافان يصوران رسما كاريكاتيريا لوجه ترامب بدون ملامح، ما عدا شعره المميز، وهو فى حالة انصهار، مع عنوانين «الانصهار» و»الانصهار الكامل»، وذلك أثناء حملته الانتخابية، حيث كان العديد من وسائل الإعلام يتمنى أن يفضى ترشح ترامب للاشيء ويتبخر وألا يصير واقعا. 16 ديسمبر 2016 : ترامب يجلس على كرسى الرئاسة وينظر للخلف بنظرة تحد وكتب على الغلاف «رجل العام «.. دونالد ترامب رئيس الولايات المنقسمة الأمريكية. 20 مارس 2017 : ترامب يستند إلى مسلة واشنطن متشققة وآيلة للسقوط وفى يده هاتف محمول والعنوان «حرب ترامب على واشنطن». 22 يناير 2018 : خلفية سوداء وشعر ترامب وكأنه شعلة لهب والعنوان «العام الأول». 18 يونيو 2018 : ترامب ينظر فى المرآة ويرى نفسه ملكا متوجا والعنوان «أنا الملك»، فى إشارة لسعى ترامب للحصول على السلطة المطلقة وتحديه للدستور. 21 يونيو 2018 : خلفية حمراء فى إشارة للخطر، وترامب واقفا ينظر من أعلى لطفلة صغيرة تبكي، والعنوان «مرحبا بكم فى أمريكا»، فى تجسيد لقرار ترامب السافر بفصل أطفال المهاجرين عن ذويهم. 30 يوليو 2018 : وجه يمزج بين ملامح الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والروسى فلاديمير بوتين، والعنوان أزمة القمة فى تجسيد لحالة الانسحاق التى تملكت ترامب أمام بوتين خلال قمة هلسنكى الأخيرة. هذه بعض النماذج التى تكشف كيف كان ترامب وسيظل «منجم ذهب» بالنسبة للفنانين حول العالم سواء بسبب مظهره الخارجى من شعر غريب وحركات فم درامية أو بسبب شخصيته المتهورة والعنيدة والمتناقضة أو مزاجه المتقلب أو قراراته العنترية المستفزة أو تغريداته المثيرة التى لا تنقطع. مزيج بين ملامح بوتين وترامب غلاف رئيس اللايات المنقسمة الأمريكية غلافا الانصهار