الحلقة الرئيسية الغائبة فى الجدل الراهن حول حالة حقوق الإنسان فى العالم هى مسئولية منظمات حقوقية كبيرة فقدت مصداقيتها بعد أن طغت الانحيازات السياسية على عملها. تعتمد مصداقية أى منظمة حقوقية على التزامها بثلاثة محددات أساسية هى المعايير الموضوعية، والضوابط المنهجية، والقواعد المهنية الصارمة. وعندما يهتز أى من هذه المحددات، تفقد المنظمة مصداقيتها، فما بالنا إذا صارت ثلاثتها موضع شك. وهذه هى حال عدد من المنظمات الكبيرة، وفى مقدمتها منظمة هيومان رايتس ووتش التى دمر التسييس مصداقيتها0 لم يكن التسييس بعيداً عن الظروف التى نشأت فيها هذه المنظمة عام 1978 لتراقب مدى التزام الاتحاد السوفيتى السابق باتفاقات هلسنكى، أى أنها أُسست لهدف سياسى. ولكنها استطاعت أن تكتسب بعض المصداقية بعد ذلك، وسعت لأن تبدو مستقلة ومهنية، قبل أن تتحول فى السنوات الأخيرة إلى منبر يستخدمه موالون لتيارات وجماعات متطرفة، فى شن حملات ضد بعض الدول بدعوى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان فيها. وتحفل هذه الحملات بأكاذيب شتى تظهر, على سبيل المثال, فى الحملات التى تشنها ضد مصر، التى يخوض جيشها وشرطتها معركة ضد الإرهاب لحماية المصريين وأمنهم، وليس حقوقهم فقط. بلغ التسييس فى تقارير هذه المنظمة عن مصر أعلى ذروة، وهبطت المهنية فيها إلى أدنى قاع. التسييس ظاهر فى نوع القضايا التى يتم التركيز عليها، وفى طريقة معالجتها بمنأى عن المعايير والضوابط والقواعد التى تفصل بين منظمة حقوقية، وتنظيم سياسى، كما فى اللغة المستخدمة فيها. لغة بعض هذه التقارير تفضح كاتبيها الذين لا يستطيعون إخفاء عدائهم, وليس انحيازهم فقط, فى بعض الأحيان. وحتى عناوين بعض هذه التقارير تجعلها أقرب إلى مقالات سياسية من النوع الذى يُستخدم فى شن حملات دعائية. أكاذيب متكررة عن عملية سيناء التى يعرف العالم أنها تهدف إلى مواجهة أحد فروع تنظيم داعش، وعن جهود أمنية تسعى إلى القضاء على امتدادات هذا الفرع فى بعض المحافظات. وإذ بلغ تحدى أداء منظومة الووتش ومنظمات أخرى، إلى هذا الحد، فقد بات واجباً على مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أن يفتح ملفاتها، ويراجع أداءها، قبل أن تلطخ سمعة كل من يدافع عن هذه الحقوق فى العالم. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد